قرار بائس وقفزة إلى الوراء

تم نشره الأحد 02nd أيّار / مايو 2021 12:46 صباحاً
قرار بائس وقفزة إلى الوراء
جميل النمري

ذهبت قيادة السلطة الفلسطينية الى الخيار الأسوأ بتأجيل الانتخابات. وكتبنا قبل أيام محذرين بشدّة من هذا الخيار الذي تمّ التهيئة له بتصريحات متكررة أنه «لا انتخابات بدون القدس». وعلى أهمية موضوع القدس فنحن لا نقتنع بهذه الذريعة وقضية القدس لن تكسب بهذه الطريقة؟!

السبب الحقيقي المعروف ضمنا لإلغاء الانتخابات هو انقسام فتح ومخاوف جناح الرئيس عباس من الخسارة، وليس الخسارة امام حماس بل أمام الجناح المناويء للرئيس والقيادة الحالية لفتح فوفقا لاستطلاعات الرأي ستحصل قوائم فتح الثلاثة على اكثر من نصف اصوات المقترعين وقد تتفوق قائمة البرغوثي – القدوة على قائمة فتح الرسمية. وفي هذه الحالة ستفقد القيادة الجالية سلطتها المطلقة وتتغير قواعد اللعبة واذا لم تعد فتح للوحدة بصيغة جديدة توافقية قد تنشأ تحالفات جديدة تشمل حماس لعزل واستبعاد قيادة عباس. المهم لن يكون هناك اغلبية حاسمة لأي طرف وستكون المفاوضات والمساومات على صيغة ما. ومن الواضح ان سلطة عباس لا تقبل هذا.

المشكلة أن السلطة الفلسطينية لا تختلف عن شقيقاتها العربيات في التخلف السلطوي والعجز عن الاحتكام للديمقراطية والحداثة السياسية. ولو ان تفكيرا غير التمسك الأبدي بالسلطة حتى تحت الاحتلال لأمكن اجتراح حلول خلاقة لمشكلة القدس ولمشكلة الانقسام في فتح غير التضحية بالانتخابات. لكن قيادة عباس ومنذ سنوات كانت تذهب بإتجاه واحد هو تكريس التفرد بالسلطة واستبعاد كل رأي مخالف من خارج وداخل فتح بما في ذلك قيادات فتحاوية عريقة وكفاءات سياسية تاريخية لا يجوز ولا يحق طرحها جانبا بهذه الطريقة.

لو كانت العقلية المسيطرة مختلفة لتم التسليم بهذا التعدد الفتحاوي وهو طبيعي ومفهوم لحركة وطنية لا تنضبط لأيدلوجيا ضيقة، وتمكين آليات ديمقراطية تتيح التمثيل النسبي للأجنحة وفقا لحجومها وكان ممكنا وضع ترتيبات في النظام الانتخابي نفسه تسمح بوجود إئتلافات بين قوائم تأخذ كل واحدة منها داخل الا~تلاف مقاعد بنسبة اصواتها ويطبق ذلك على قوائم فتح كما يمكن تطبيقه على القوائم المتشرذمة للفصائل والمستقلين.

نعم قضية القدس مركزية ولا يمكن التخلي عنها لكن كان يمكن تحويل حق الانتخاب فيها الى معركة نضالية تستلهم انتفاضة الأقصى الأخيرة التي فرض فيها الفلسطينيون تراجع سلطة الاحتلال . كان ممكنا الاصرار على تنظيم الاقتراع في القدس دون انتظار موافقة الاحتلال ثم ليصادر الاحتلال الصناديق ويظهر امام العالم بأسوأ صورة. ثم بعد ذلك يمكن تعيين ممثلين من القدس في المجلس التشريعي من القوائم بنفس النسب التي حصلت عليها في الانتخابات العامّة.

ما فعلته قيادة السلطة الآن انها اعطت الاحتلال سلطة القرار على الانتخابات الفلسطينية كاملة والاحتلال لا يريد انتخابات ولا مشاركة شعبية للفلسطينيين ولا وحدة وطنية ويريد بقاء الانقسام والتازع البائس المخزي على فتات السلطة بين الضفة وغزة. الآن مصدر شرعية السلطة هو الاحتلال وليس الشعب الفلسطيني. الاحتلال يفوض السلطة القائمة ويمنحها الصلاحيات والمنافع والامتيازات بينما يستمر بقهر بقية الشعب الفلسطيني.

قرار السلطة لاقى ردود فعل رافضة وغاضبة وستشتد المعارضة ويذهب المجتمع الفلسطيني في الداخل لمزيد من التنازع والانقسام وقد تزداد مظاهر القع والتفرد بالسلطة وسوف يتمتع الاحتلال بهذا التدهور في الوضع الفلسطيني الداخلي. وستخسر السلطة احترام المجتمع الدولي وقد عبر الاتحاد الأوربي عن استيائه الشديد من الغاء الانتخابات. عسى الله ان يردّ قيادة السلطة الى رشدها وتتراجع عن هذا القرار.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات