حبًا بـ «حل الدولتين» أم خشيةً من «نصر حماس»؟

تم نشره الأربعاء 26 أيّار / مايو 2021 12:57 صباحاً
حبًا بـ «حل الدولتين» أم خشيةً من «نصر حماس»؟
عريب الرنتاوي

لست متفائلاً بنتائج هذا الحراك السياسي والدبلوماسي الكثيف الذي يحيط بالقضية الفلسطينية ويدور حولها...لكن لا أحد لديه «ترف» الترفع عن الانخراط في هذه المساعي، على أن الحكمة، والمصلحة، تقتضيان توخي الحذر الشديد، مخافة أن تأتي نتائج هذا الحراك، بخلاف المرامي والتطلعات التي خرج الشعب الفلسطيني عن بكرة أبيه، من أجلها.
مبدئياً، يدور هذا الحراك حول محورين: الأول؛ تثبيت وقف إطلاق النار على جبهة غزة...والثاني؛ نزع فتيل انفجار القطاع، من خلال برامج للمساعدات الانسانية وإعادة الإعمار...هذا الهدفان لا يكاد يختلف عليهما أحد من الفلسطينيين.
بيد أن المفارقة التي تصاحب هذا الحراك، وتتكشف عنه، أن أطرافه الدولية والإقليمية، تريد لوقف النار وإعادة الإعمار أن يتم بمعزل عن حماس، وربما في مواجهتها، مقابل تعويم السلطة وضخ مزيد من الدماء في عروقها الجافة...أي بمعنى آخر، أن الذين قدموا التضحيات، وخاضوا معارك المواجهة الصلبة مع الاحتلال، سيجري تهميشهم ومعاقبتهم، في حين سيكافأ الذين طالما تسببت لهم كلمة «مقاومة» و»انتفاضة» بحساسية بالغة.
المفارقة الثانية، أن الذين طالما رفضوا «نهج المفاوضات» و»اتفاقات أوسلو وما بعدها»، هم أنفسهم الذي خلقوا ظروفاً مواتية، من دون قصد طبعاً، لبعث روح جديدة في «المفاوضات الحياة»، في حين يستشعر الذي قضوا أسوأ أحد عشر يوماً في حياتهم، بأن رهاناتهم عادت للانتعاش مجدداً، وأن الفرج جاءهم من حيث لا يحتسبون.
يفسر ما يجري بكثافة هذه الأيام، ما سبق أن حذّر منه كثيرون: عملية إعادة إعمار غزة، لن تكون إنسانية بحتة، بل ستكون «طافحة» بالأهداف السياسية، وستتولاها أطراف عربية ودولية، مشهود لها بالعداء لحماس و»الاسلام السياسي» عموماً، إذ يبدو أن ثمة قرارا «كبيرا» قد اتخذ، بعدم تمكين حماس من قطف ثمار «نصر فلسطين»، وإسقاط هذه الثمار، بأي طريقة من الطرق، في جوف السلطة الفلسطينية.
ليس ثمة من مشكلة في ذلك، لو أن هذه السلطة، تمثل الجميع، وتعبر عن وحدة وطنية حقيقية، أو أنها تنوي فعل ذلك...ليس ثمة من مشكلة في ذلك، لو أن هذه السلطة صدعت لإرادة الشعب الفلسطيني بالتجديد و»الدمقرطة» و»التشبيب»، عبر صناديق الاقتراع...ليس ثمة من مشكلة في ذلك، لو أن هذه السلطة، جنحت لإدماج «قليل من المقاومة» في استراتيجية «المفاوضات والمزيد منها» التي انتهجتها طوال أزيد من ربع قرن...لكن المشكلة تصبح تحدياً كبيراً، في ضوء الحالة المزرية للنظام السياسي الفلسطيني: ترهلاً وشيخوخة وفساداً، انفراداً وتفرداً.
لبرهة من الوقت، بدا أن حماس أعلنت «نصرها»، وأنها ستسعى في تثمير نتائجه، من خلال إعادة صياغة النظام الفلسطيني وفقاً لمعطيات مرحلة ما بعد «سيف القدس» وفقاً لما ألمح اسماعيل هنية إليه...لكن الصورة اليوم، تبدو مغايرة، فالعالم الذي غفل عن فلسطين وتجاهلها وأسقطها من حساباته، يهرع اليوم إلى رام الله، مستنجداً بعواصم عربية وحليفة، من أجل منع حصول ذلك.
حماس أرادت للمساعدات أن تمر عبر قنواتها، هكذا قال خالد مشعل...والسلطة تريد أن تكون رام الله، طريق هذا المساعدات، إلى غزة..يبدو أن مسألة المساعدات باتت عاملاً إضافياً في تعميق «فجوة الثقة» بين الجانبين، واستقرت في «قاموس الانقسام»...ولو أن الطرفين تحليا بحسن النوايا، واستلهما روح انتفاضة فلسطين وشعبها، لأمكن تشكيل «هيئة وطنية مستقلة» تعنى بملفي المساعدات وإعادة الإعمار، لكن العقلية الإقصائية، ما تزال سيدة الموقف، وأجواء «الانقضاض» على نصر فلسطين، الذي هو بقدر كبير، نصر حماس، تطغى على ما عداها، وسط ضجيج يصم الآذان، عن «حل الدولتين» الذي نعرف وتعرفون، أنه ليس سوى قنبلة دخانية، للتعمية على «الضم الواقعي» الزحف الاستيطاني.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات