تريدون « الإصلاح» أم لا ..؟

تم نشره الخميس 27 أيّار / مايو 2021 12:57 صباحاً
تريدون « الإصلاح» أم لا ..؟
حسين الرواشدة

لدينا تراث عالمي وإنساني كبير من الوصفات السياسية الجاهزة لتدشين مرحلة «انتقال « ديمقراطي حقيقي ، ولدينا - أيضا - تجربة معقولة لحراك سياسي وحزبي وشعبي مفتوح يمكن الرجوع لقراءتها في كتب ومذكرات ومطالبات صدرت لبعض الذين نشطوا في هذا المضمار ، لكن لدينا عقدة من تكرار الحديث في هذا الموضوع ، او من تعليق الآمال على ما ينطلق من وعود حوله ، فعلى امتداد السنوات الماضية ، تراجعت المسيرة الديمقراطية في بلادنا ، وتراوحت دعوات الإصلاح السياسي بين مد وجزر ، وارتبطت غالبا بالمتغير الخارجي أكثر من ارتباطها بالضرورة او الدافعية الوطنية .
وبدلا من ان نتوجه الى الفعل الذي لم يكن بحاجة لأكثر من إرادة وقرار ، توجهنا الى التغطية عليه بإنشاء وزارة للتنمية ( الشؤون ) السياسية ، وكأن السياسة في بلادنا بعد (75 ) عاما بحاجة الى تنمية تأخذها الى الرشد والنضج ، مع اننا ندرك تماما ان الدخول في التجربة ، وتصويب أخطائها ، وتمكينها من إرساء قوانين وتقاليد ، هو مفتاح التنمية الحقيقية ، باعتبار ان الكلام الطويل عن التنمية والإصلاح ، هذا الذي استغرقنا طويلا فيه ، شيء يختلف تماما عن مباشرة التنمية في الميدان.. وعن مباشرة الإصلاح بالعمل والإنتاج ، لا بوضع التصورات والخطط وتوزيع الوعود وتزاحم الحوارات والورش وجلسات العصف الفكري وتعليق التأخير على مخاوف تغيير المعادلات القائمة ، او على هواجس الظروف الطارئة.
الآن (بعد جولات الربيع العربي التي أسقطت كثيرا من الفزاعات القديمة ) بوسعنا ان نسأل بصراحة: هل لدينا الرغبة والإرادة بإخراج ملف الإصلاح السياسي من دائرة الكلام والوعود والإجراءات البطيئة الى التنفيذ العاجل والمدروس ، هل دقت ساعة الحقيقة فعلا لنباشر تنفيذ مشروعه دون إبطاء ، وقبل ذلك ، ما هو الإصلاح السياسي الذي نريده ، وهل سيختزل في قانون الانتخاب فقط ، ام في إحياء الحزبية وفق رؤية عابرة للمخاوف والتحفظات ومقررات الوجوه المتناقضة ، ثم ماذا عن مجالات الحريات العامة وتشريعاتها ، وماذا عن آليات تشكيل الحكومات ومحاسبتها ، وعن الفساد وجذوره الممتدة في الأعماق وغير ذلك من العناوين التي تتعلق بصناعة القرار؟
الإصلاح السياسي يفترض ان يكون مشروعا للتحديث ، لا مجرد محاولة للتحسين والتزيين وطلاء الجدران ، ويجب أن يؤسس لمرحلة من التقويم والنقد والحراك المجتمعي لا للتسليم بالواقع والمحاصصة وتقليب المصالح والمواقع وفق المعادلات القائمة ، وهو ذلك يحتاج الى مصلحين و سياسيين جدد ونخب حقيقية ومناهج وبرامج سياسية ، والى قيم وطنية وسياسية واجتماعية تتجاوز ما ألفناه من قيم الشطارة وأعراف البزنس ومقولات الجغرافيا واعتبارات المكافأة والترضية ومبررات تقديم أصحاب الحظوة على أصحاب الكفاءة.
حتى الآن ، لا تزال هذه الأسئلة وغيرها معلقة بلا إجابات ، ولا نزال - نحن - نتمسك بآمالنا المشفوعة برجاء التطوير والخروج من محنة الجمود والتعطيل والتعويل على ما يريده الآخر لنا ، لكن ذلك لا يمنعنا من التنبيه الى عدم الانشغال بما يجري اذا كان الهدف منه الاستهلاك فقط ، او استباق ما ينتظر ان يأتي من الخارج ، او عادة السجالات التي شهدناها في مواسم الفزعات الى الصدارة مرة اخرى ، او غير ذلك من المبررات التي لا تخفى على المواطن الذكي ، ومعيار اهتمامنا - هنا - هو الحركة نحو الفعل والمبادرة ، وما يصدر من مقررات وقرارات ، وما يعتمد من ضرورات داخلية وخصوصيات محلية ، واعتبارات وطنية ، لا ما يقال من تكييفات او رسائل او محاولات للتغطية وتزيين الصورة.. او إشغال الصالونات والاعلام والنخب العاطلة عن العمل.. بالكلام فقط.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات