يحدث في صالونات تجميل الفساد

تم نشره الإثنين 21st حزيران / يونيو 2021 12:39 صباحاً
يحدث في صالونات تجميل الفساد
حسين الرواشدة

تستطيع الدولة – متى أرادت - أن تفرض رقابتها على من تشاء، وان تضرب بيد القانون على من يتجاوز مهما كان وزنه ومكانته.
في مرحلة «البحث» عن الإصلاح نحتاج للتذكير بهذه البدهية ، أما المناسبة فهي ما يدور من سجالات في الفضاء العام عن أموال الفساد التي وزعها بعض المسئولين السابقين على «الكومبارس» الذي تولى الدفاع عنهم والترويج لمواقفهم ، ووضع نفسه في خدمة «فسادهم».
مطلوب أن نصوب أنظارنا ونشير بأصابعنا لمن اعتدى على المال العام ، لكن مطلوب أيضا أن لا نغض الطرف عن « إفساد « استهدف شراء ذمم الناس ومواقفهم وأصواتهم، فافرز ما نعانيه من مجالس نيابية ضعيفة او من إفقار للحياة العامة، او من تدمير لمؤسساتنا واغتيال لشخصياتنا او من عبث في قيمنا الوطنية ، «الإفساد « هنا هو الأخطر لأنه يعمم الظاهرة وينشرها وسط المجتمع ويصنع لها ما يلزم من حواضن وأصوات تدافع عنها ، وتحميها من عيون الحاسدين (!).
استدعاء القانون لمحاسبة هؤلاء الذين فسدوا وافسدوا ضروري بالتأكيد، لكنه لا يكفي، فعيون القانون مهما كانت مفتوحة لن تستطيع أن ترى كل هذا الخراب المعلن والمخفي، وبالتالي لابد من التوجه لإحياء الضمير العام لدى المجتمع، بكل ما لديه من طاقة وقوة وصحوة، ذلك انه اذا لم تتحرك في المواطن – أياً كان موقعه- نزعة «الغيرة» على المال العام، فإن ملفات الفساد والإفساد، وصفقاته المشبوهة ستظل تدور داخل الأدراج وفي الغرف المغلقة دون أن يكشفها أحد، ودون ان يتحقق حلم الناس برؤية «رؤوس» الفساد ومريديهم واقفين أمام موازين العدالة لكي ينالوا حظهم العادل من العقاب.
اشعر «باهانة» شخصية كلما قرأت او سمعت عن حالة من «الإفساد» الوقح الذي تزاحمت ملفاته علينا حتى لم نعد نملك القدرة على متابعته ( خاصة اذا كان المتورطون فيه من طبقة الصحفيين والمثقفين )، ومع أن أي من هذه «الملفات» لا تربطني بالمتهمين فيه اية علاقة، ولا يترتب عليّ شخصيا اية آثار، الا أنني اعتقد بأن كل من مارس الفساد وكل من «قبض» من الفاسدين ، أهاننا جميعاً، وبالتالي أصبح من حق كل أردني أن «يرد» هذه الاهانة بالإلحاح على إقامة موازين العدالة ومحاسبة هؤلاء الذين أساؤوا للبلد، وافسدوا حياتنا وضمائر البعض منا وذممهم.
أتساءل أحيانا : هل مكافحة الفساد مطلب شعبي ام لا؟ وهل ثمة فساد مطلوب «للمكافحة» وآخر مسكوت عنه؟ هل يتعلق الأول بصغار المفسدين من طبقات العمال والموظفين والآخر بالكبار الذين تصعب مساءلتهم او حتى الإشارة إليهم بإصبع «من أين لك هذا؟» ثم لماذا أصيب مجتمعنا بهذه الازدواجية التي «شطرت» مواقفه الى درجة التناقض ، هل المشكلة في مزاج المجتمع وحساباته ومصالح بعض أفراده ام في المقررات التي تصدر ، والإجراءات التي تتخذ والأولويات التي تقدم؟.
مهما تكن الإجابة فان مشكلتنا مع الفساد لا تتعلق فقط «برهط» من المسئولين الذين استغلوا صلاحياتهم فامتدت أيديهم الى المال العام، وتورطوا في النهب والكسب غير المشروع، وإنما ايضا مع حالة الإفساد التي مارسوها لشراء ذمم الآخرين، وإشاعة ثقافة الفساد في مجتمعنا وصناعة «طبقة» جديدة من «الأتباع» والمريدين الذين وظفوهم واستخدموهم لتلميع «صورهم» والتغطية على تجاوزاتهم وإقناع الرأي العام بأنهم الاحرص على مصلحة الوطن.. والأكثر إخلاصاً وانتماء إليه، هؤلاء من طبقة» رعاة الفساد « والعاملين في صالونات تجميله وتسويقه هم الذين يجب ان يصار الى فتح ملفاتهم وكشف حقيقتهم ، ليس فقط لأنهم محسوبون على جبهات التوجيه العام ، سواء أكانت الثقافة او الإعلام او الدين ، وإنما لأنهم يتحملون مسؤولية هذا الخراب الذي وصلنا اليه بالشركة والتضامن مع «رعاتهم» الفاسدين .

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات