تونس: نهاية الربيع العربي

تم نشره الثلاثاء 03rd آب / أغسطس 2021 12:49 صباحاً
تونس: نهاية الربيع العربي
حسين الرواشدة

هل صار بوسعنا الآن أن «نسدل « الستارة على آخر فصول الربيع الذي أسميناه عربيا، ثم نقدم واجب العزاء للذين استبشروا به وراهنوا عليه..؟.
ما حدث في تونس، «الاستثناء» العربي الأخير، ربما يدفعنا إلى ذلك، أعرف أن البعض يتشوق لسماع مثل هذه الأخبار، وان آخرين سيصابون بالصدمة حتى لو كان لديهم بصيص أمل، لكن ما يدفعني إلى المجازفة بمثل هذا الاستشعار مسألتان: إحداهما تتعلق بما صنعته ثورات «الربيع» العربي من «انقسامات» وحروب مدمرة داخل مجتمعاتنا، لا على صعيد النخب والقوى السياسية فقط، وإنما على صعيد الشعوب أيضا، ومن أسف أننا وظفنا كل ما نملكه من موروث تاريخي وديني، وتكنولوجي أيضا في «تمكين» هذه الانقسامات وتعميقها داخل تربة مجتمعاتنا، ومع أن تاريخنا العربي لا يخلو من «فصول» المحن والفتن، إلا أننا هذه المرة، بما نملكه من أدوات ومكدسات «حضارية» أنجزنا «محنة» غير مسبوقة، لدرجة أن ما فعلنا بأنفسنا تجاوز ما فعله أعداؤنا بنا، وبأن ما كنا نظنه وعياً استعدناه، وحرية انتزعناها، تحولا إلى «وهم» أغرقنا جميعاً، واستبداد من نوع جديد صنعناه بأنفسنا.
أما المسألة الأخرى فتتعلق بدخول «الأجنبي» أيا كانت هويته وجغرافيته، على الخط، وكأنه قد صحا على ما حدث في في هذه البلدان من تحولات فقرر أن يجهز عليها ويعيد عقارب الساعة الى الوراء، ولا نحتاج هنا الى المزيد من الأدلة، ذلك أنه لا يسعد هؤلاء أبداً أن تلوح في أفق بلداننا أية إشارة للحرية أو للديمقراطية.. كما انه لا يمكن أن يوافق على بروز تيارات وطنية مستقلة تحكم باسم إرادة الشعب، ومع أننا كنا - فيما مضى - نراهن على قدرة «الشعوب» على انتزاع حقوقها، إلا أن هذه الرهانات ما تزال في إطار الأمنيات.
ربما يعتقد البعض ان ما جرى أمر طبيعي، فالتحولات الديمقراطية لا تكتمل في جولة أو جولتين، ولا تعدم من يحاول «إجهاضها»، سواء من الداخل أو من الخارج، والشعوب تخوض تجاربها وتدفع أثمانها لكنها لا تستسلم لما يقرره خصومها من نتائج، هذا صحيح - بالطبع - لكن كم نحتاج من الوقت حتى تتهيأ مجتمعاتنا لترميم ذاتها، وإصلاح ما تدمر من بنيتها الثقافية والأخلاقية، ثم أين هي النخب والقوى السياسية التي تستطيع ان تقود وتغير «الصورة»، وقبل ذلك كيف سنتصدى «للآخر» المتربص ونحن ما نزال على «ضعفنا» وأيدينا مغلولة إليه.
ليست هذه دعوة للإحباط والتيئيس، ولكنها «صرخة» للمكاشفة ومحاولة «للتبصر» وإعادة النظر والاعتبار، خذ - مثلا - خطابنا البائس - سواء أكان بلهجة يسارية أو إسلامية - أيعقل ان يبقى كما هو قبل التحولات وما بعدها، خطاباً انتهازياً ويرفض الآخر ولا يؤمن «بالتوافق» ولا علاقة له «بالضمير العام»، خذ - أيضا - هذه البنية الثقافية والاجتماعية الهشة التي حولت مجتمعاتنا الى «مطية» تركبها وسائل الإعلام، وتتلاعب بها «أهواء» الغنائم السياسية، وكأنها مجرد صدى لما يقال، وخذ ثالثاً هذا «الاشتباك» المخجل بين علماء الدين الذينانقسموا إلى «فسطاطين»، وكأنهم خرجوا من المقابر، أو كأننا من العصور القروسطية.
إذا أردنا أن نخرج من هذا «الوهم» ونضمن لشعوبنا أن تستعيد عافيتها من اجل الحرية والكرامة والعدالة، فمن واجبنا أن نصارحها بأنها «رسبت» في الامتحان الأول، وأننا مدينون لها بإعادة الجولة، لكن على أسس أخرى، تماماً كما فعل غيرنا، حين استلهموا السلمية و»التوافق» وقيم السماحة والعفو من الدمار الذي خلفته الحروب فيما بينهم، وخرجوا من «محنة» الحروب والصراعات إلى «نعمة» الديمقراطية.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات