الأردن وعقدة «الفك والتركيب»: بعد «هندسة الانتخابات»… إرضاء الداخل والخارج هو «الأصعب»

تم نشره الخميس 05 آب / أغسطس 2021 09:09 مساءً
الأردن وعقدة «الفك والتركيب»: بعد «هندسة الانتخابات»… إرضاء الداخل والخارج هو «الأصعب»

المدينة نيوز : لم يعد سراً القول بأن هندسة الانتخابات الأخيرة لعام 2020 في الأردن أحرجت الدولة ومؤسسة القصر ووضعت دوائر القرار في زوايا ضيقة جداً وتسببت في أذى للرسمي أكثر من الأذى الذي لحق بمؤسسة التشريع أو حتى في الشارع.
في اللمقابل لا يخفي أعضاء بارزون في مربع القرار الأردني بأن تلك الهندسة البغيظة دفعت الدولة للمعاناة ونتج عنها الاضطرار مجدداً للعودة الى مربع الإصلاح السياسي مما أدى في الواقع الى تشكيل لجنة ملكية عريضة تهدف لبرمجة ملف الإصلاح السياسي والتقدم به إلى الامام وسط الاقرار الآن بارتكاب بعض أخطاء الفك والتركيب في عمق تلك اللجنة.
هوس السعي لتمثيل اوسع قاعدة عريضة من المجتمع وتياراته دفع باتجاه اختيار عدد ضخم من الاعضاء وبصورة يتضح اليوم أنها انتهت بزحام قد يعيق الحركة وليس بإنتاج انطباع جوهري له علاقة بالمضي قدماً حقاً في وجبة إصلاح سياسي دسمة.
والهوس المرافق بإبلاغ الحلفاء الغربيين وتحديداً في الولايات المتحدة الأمريكية بالاشتباك مع استحقاقات وتداعيات الإصلاح السياسي دفع في اتجاه منسوب تمثيل عريض في لجنة دون فلاتر ودون تنقية شوائب وبعيداً عن الخبراء حقا في بعض الملفات.
المطبخ الذي أدار عملية تركيب اللجنة بعدد لا يقل عن 92 عضوا انشغل على حساب المحتوى والمضمون بالتمثيل الأفقي عبر وجود الإسلاميين والحزبيين والنقابيين وشرائح الوزراء والأعيان ورموز التيار المدني والعلماني والوسط الإسلامي… كل هؤلاء حشروا في لجنة عريضة تبين اليوم بأن العدد الضخم فيها وفي تمثيلها لم يكن مكسباً حقيقياً.
طبعاً ثمة مألوف في الوجدان الشعبي سياسياً تحكم على أساسه منهجية اللجان الاستشارية بغطاء ملكي فوثيقة لجنة الأجندة الوطنية قبل سنوات طويلة لا أحد يعلم أين هي الآن.
والأوراق النقاشية الملكية التي يتغنى بها بعض رجال الدولة أبقتها بعض الحكومات على الرف وسط حالة تواطؤ بيروقراطية مرصودة.
ووثائق لجنة الأردن أولاً كذلك حتى وصل الأمر في اللجنة الملكية الأخيرة إلى اكتشاف عدم وجود ولو نسخة من وثيقة لجنة الأقاليم الملكية التي أنجزت عملها منذ سنوات لمدة عام لا في الديوان الملكي ولا حتى في رئاسة الوزراء.
مجدداً تزاحم اللجان لم يؤسس لمصداقية في العلاقة ما بين الرسمي والشعبي في الماضي. وما تثبته مسارات الأحداث مؤخرا هو ان زحام الأعضاء في لجنة تحديث المنظومة السياسية لم ينتج عنه خلطة منتجة من تنوع الأفكار والمقترحات بقدر ما نتج عنه بعض الاصطدام هنا وهناك وبروز أجندات ورقابة شغوفة وهوسية من قبل الشارع مما انتهى باستقالة او إقالة عضوين في اللجنة وتقلص حجمها وأيضاً مما انتهى بمطاردة عضوين آخرين.
حتى أعضاء في اللجنة يشعرون بقدر من الارتباك اليوم مع ان بعض الأفكار التي تناقش في سياق قانوني الانتخاب والاحزاب وحتى في سياق الحكم المحلي متطورة وناضجة وتشكل فرصة نحو تغيير مقبول اشبه بعملية تستمر على حد تعبير عضو اللجنة جميل النمري.
بالنسبة لرئيس اللجنة الفرعية المعني بقانون الانتخاب النائب والبرلماني الخبير خالد البكار الاشتباك مستمر مع التفاصيل وكل الاجزاء والحيثيات كما فهمت “القدس العربي” من البكار تدرس بعناية شديدة لان المطلوب تعديلات تشريعية تليق بلجنة ملكية وبمهمة أساسية وتميز بالدقة والانضباط والقدرة على تفعيل تطور العملية الانتخابية.
وهو يفضل عدم بناء استنتاجات مبكرة وإظهار الصبر حتى تحصل التوافقات التي ستكون في صالح الشعب الأردني برأيه في النتيجة مجدداً الدعوة الى ترك اللجان تعمل في ورشة العصف الذهني بعيداً عن الضغوط حتى ينضج التوافق الوطني المفيد.
لكن ذلك قد لا يعني شيئاً محدداً حتى اللحظة على الأقل وبعد أسابيع من أعمال اللجنة ما دامت الرقابة النخبوية والشعبوية متحمسة أكثر وبدأت تنهش ببعض أعضاء اللجنة دون غيرهم على أمل إضعافها او تقليص حضورها او افشال مهمتها، الأمر الذي حذر منه علناً رئيس اللجنة سمير الرفاعي.
يقر أعضاء بارزون في اللجنة بأن الرقابة الشعبية على آراء واجتهادات بعض الأعضاء وصلت إلى مراحل متقدمة ومقلقة وبأن ذلك قد يساهم في تعقيد المضي قدماً في خطة إصلاح سياسي وطنية راشدة وتوافقية يصر نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي على أنها ينبغي في المحصلة والنتيجة أن تنتهي بإعادة رفع شأن تقديم محتوى وطني سياسي توافقي بعد مرحلة يعرفها الجميع تميزت بتجريف وتفريغ ذلك المحتوى. ولا يبدو ان مسألة المحتوى الوطني هي الأساس في انشغالات اللجنة حتى الآن فهي منشغلة باتجاهين.
الأول الرد اليومي على تحرشات ومناكفات من داخل إطار النخب في الدولة ومن الشارع وهي تحرشات تحظى بوقت كبير على حساب التفرغ لأعمال المحتوى السياسي الوطني.
والثاني الانشغال بتقنيات التكييف القانوني والتشبيك بين قانوني الانتخاب والاحزاب السياسية وبصورة تنتهي بقفزة إصلاحية تشريعية.
وهي مهمة تقنية في المقام الأول قد تعفي اللجنة الأم من فاتورة وكلفة بناء محتوى وطني عام في بلد الجيوسياسي فيه مرهق ومغرق بالسيناريوهات والتفاصيل.

القدس العربي - بسام البدارين 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات