الجنرال ديمسي : «كنا نعتقد أنه يمكننا تشكيل العالم على صورتنا باستخدام بنادقنا وأموالنا»

تم نشره الخميس 19 آب / أغسطس 2021 11:33 مساءً
الجنرال ديمسي : «كنا نعتقد أنه يمكننا تشكيل العالم على صورتنا باستخدام بنادقنا وأموالنا»

المدينة نيوز :- يقول مستشار أمريكي سابق لقوات الأمن الافغانية يدعى الكولونيل جيسون ديمبسي إن الإدارات الأمريكية المتعاقبة وقعت في خطأ مأساوي في أفغانستان وهو تجاهل الاختلافات وعدم إدراك خصوصية التاريخ والثقافة الأفغانية.

ويضيف: «لقد افترضنا أن بقية العالم رآنا كما رأينا أنفسنا، وكنا نعتقد أنه يمكننا تشكيل العالم على صورتنا باستخدام بنادقنا وأموالنا، وقد تجاهل كلا الافتراضين الثقافة والسياسة والتاريخ الأفغاني» وفي نهاية حديثه لصحيفة الواشنطن بوست، يختم اللفتنانت كولونيل جيسون ديمبسي العضو في فريق البيت الأبيض للمحاربين القدامى حديثه بالإقرار «كنا مخطئين بشكل مأساوي».
تقييم ديمبسي ليس فريداً، فبعد سقوط كابل بيد طالبان ارتفعت الأصوات المطالبة بإعادة تقييم سياسات الإدارات الأمريكية السابقة في أفغانستان، وشدد مسؤولون سابقون ومختصون بالشأن الأفغاني على نقطة مهمة تتلخص في عجز الإدارة الأمريكية على فهم البلاد بشكل صحيح، ولا تبدو أفغانستان وحيدة في هذا الشأن، بل إن التخبط الأمريكي الذي حصل بعد احتلال العراق يرد في جزء كبير منه إلى التقديرات الخاطئة والمشاريع الخيالية التي نسجها صناع القرار في واشنطن حول مستقبل الشرق الأوسط الجديد انطلاقاً من العراق، والمتعلقة بمشاريع تحويل المجتمعات للحداثة وتعزيز المجتمع المدني والقيم الليبرالية، قبل أن يصل الأمريكيون إلى قناعة أنه تحول إلى «الشرق الأوسط الإيراني الجديد» بعد تزايد الهيمنة الإيرانية في بغداد، كما يقول ملخص تقرير حرب العراق الذي أصدره الجيش الأمريكي قبل عامين.
ويقول الصحافي الأمريكي كريغ ويتلوك في كتابه الشهير حول أفغانستان (أوراق أفغانستان: التاريخ السري للحرب) إن المسؤولين الأمريكيين أقروا في لقاءات وتقارير داخلية بأن استراتيجياتهم القتالية كانت ضعيفة وأن «واشنطن أهدرت مبالغ طائلة من المال في محاولة إعادة تشكيل أفغانستان لدولة حديثة».

وضمن كتابه يستعرض عدداً من التصريحات في إطار تحقيقات خاصة أدلى بها ضباط ومسؤولون أمريكيون عملوا في أفغانستان، تنصب في كثير منها حول فقر وضحالة الإطلاع الأمريكي على حقائق الأمور في أفغانستان، فمثلاً يقول دوغلاس لوت، وهو جنرال بالجيش الأمريكي خدم في الحرب الأفغانية خلال إدارتي بوش وأوباما، يقول إنه لم يكن لدينا فهم أساسي لأفغانستان، لم نكن نعرف ما الذي كنا نفعله.

ويقول مسؤول سابق في وزارة الخارجية لم يتم الكشف عن هويته لمحاورين حكوميين، في عام 1015: «كانت سياستنا هي إنشاء حكومة مركزية قوية، كانت سياسة حمقاء لأن أفغانستان ليس لديها تاريخ من حكومة مركزية قوية» الإطار الزمني لإنشاء حكومة مركزية قوية هو 100 سنة، وهو ما لم يكن متوفر لدينا».
لكن يبدو أن هدف الإدارة الأمريكية عند دخولها لأفغانستان كان تحقيق أي تغيير كان، ليكون مبرراً للخروج بعد الغزو، وهذا ما تشير له مذكرة عام 2002 لوزير الدفاع رامسفيلد يقول فيها: «لن نخرج الجيش الأمريكي من أفغانستان ما لم نر أن هناك شيئاً ما يحدث من شأنه أن يوفر الاستقرار الضروري لنا للمغادرة».
لكن رامسفيلد لم يستطع الإجابة على تساؤل لضابط أمريكي في أفغانستان ينتقد فقر المعلومات الواردة للجيش عن السياسات المتوجب اتخذها، ويتساءل الضابط: «من هو العدو، القاعدة هي العدو أم طالبان؟ هل باكستان صديقة أم خصم؟ ماذا عن الدولة الإسلامية والجهاديين الأجانب، ناهيك عن أمراء الحرب الذين يتقاضون رواتب من وكالة المخابرات المركزية؟».
ثم يعقب مستشار سابق لفريق من القوات الخاصة بالجيش، لم يذكر اسمه في اجتماع رسمي في عام 2017: «لقد اعتقدوا أنني سأحضر لهم خريطة تظهر لهم أين يعيش الأخيار والأشرار، ليس لدي هذه المعلومات بين يدي، لقد ظلوا يسألون في البداية: «لكن من هم الأشرار، أين هم؟» وهو ما يشير بشكل واضح إلى تخبط مصادر الاستخبارات الأمريكية، ووفقاً للوثائق والرسائل المتبادلة، لم تحدد الحكومة الأمريكية موقفاً واضحاً حول هذه الاستفسارات، إذ يقول رامسفيلد في 8 سبتمبر/أيلول 2003 على تساؤلات الضابط: « لا أعرف من هم الأشرار نحن قاصرون بشكل مؤسف في المصادر البشرية».

أسامة بن لادن يضحك في قبره!

وينتقد مسؤول أمريكي سابق حجم الأموال الهائلة التي أنفقت في أفغانستان، ويقول جيفري إيغرز، وهو موظف متقاعد في البحرية الأمريكية وموظف سابق في البيت الأبيض، في المقابلات الحكومية: «ما الذي حصلنا عليه مقابل هذا الإنفاق البالغ مليار دولار؟ هل كانت تستحق قيمة 1 مليار دولار؟». وأضاف: «بعد مقتل أسامة بن لادن، قلت إن أسامة ربما كان يضحك في قبره المائي بالنظر إلى ما أنفقناه على أفغانستان».
أما جيمس دوبينز، وهو دبلوماسي أمريكي سابق، عمل مبعوثاً خاصاً لأفغانستان في عهد بوش وأوباما، يخلص في كلامه خلال لقاءاته مع المسؤولين الحكوميين والتي لم يكن من المفترض أن تنشر للعلن: «الأمريكيون لا يغزون البلدان الاستبدادية لجعلها ديمقراطية، بل نحن نغزو البلدان العنيفة لجعلها سلمية، وفشلنا بشكل واضح في أفغانستان».

نخب ليبرالية

هذا الإخفاق الأمريكي في التعامل مع الحالة الأفغانية ربما يرجع في قدر كبير منه إلى اعتماد الإدارة الأمريكية في البلدان التي احتلتها كالعراق وأفغانستان على «نخب ليبرالية» منفصلة عن المجتمع وهويته، بحيث يختار الأمريكيون من يشبههم للتعامل معهم في العراق وأفغانستان وليس من يشبه مجتمعاته ويعرفها عن قرب، فتتراكم لدى أصحاب القرار الأمريكي تصورات غير دقيقة تكون محصلتها تقديرات خاطئة».
وهذا ما يسجله الصحافي المتخصص في الشأن الأفغاني أحمد موفق زيدان في كتابه «صيف أفغانستان الطويل». ويشرح زيدان بعناية فائقة كيف تسللت حركة طالبان على مدى سنوات للقرى الريفية وزرعت شبكاتها المحلية ونفوذها. ويقول زيدان في حديثه لـ«القدس العربي»: «أنا باعتقادي أن طالبان تعاملت مع جوهر وحقيقة أفغانستان كدولة قبلية، أما الأمريكيون والسوفيات من قبلهم فتعاملوا مع تشخيص خاطئ، على اعتبار أنها دولة مدنية عصرية، فكان وقوع الأمريكي ومن قبله السوفيتي بالوهم، الدولة المدنية العصرية لا يخلقها سياسيون براشوت يغادرون مع أول طائرة احتلال».

المصدر : القدس العربي 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات