في اليوم العالمي للزعتر.. ما هي قصة “ذهب فلسطين الأخضر”؟-

تم نشره الجمعة 24 أيلول / سبتمبر 2021 12:42 صباحاً
في اليوم العالمي للزعتر.. ما هي قصة “ذهب فلسطين الأخضر”؟-
زعتر

المدينة نيوز :- هل سمعت يوماً أن أجندة المناسبات العالمية تتضمن يوماً عالمياً للزعتر؟ تبدو المعلومة للوهلة الأولى غريبة، لكن واقع الحال يؤكد أنها حقيقة، إذ ارتبطت هذه العشبة ذات الفوائد الكبيرة، بموروثات ثقافية ووطنية لدى العديد من الشعوب التي تضعه موضع الاهتمام والتباهي، كلما سنحت الفرصة، مثلما يفعل الفلسطيني الذي يضعه في حقائبه أينما حل وارتحل.

يصادف الثالث والعشرين من سبتمبر/أيلول من كل عام “اليوم العالمي للزعتر”، أو “الذهب الأخضر” كما يسميه الفلسطينيون، الذين يعدونه أحد أهم الرموز الوطنية التي ارتبطت بصراعهم مع الاحتلال، إذ حاول في مرات عديدة منعهم من الإعلان عنه كرمز وطني، أو حتى قطفه وبيعه، فضلاً عن سرقته والإعلان عنه كمنتج إسرائيلي.

ولا يخلو بيت في فلسطين من هذه العشبة، التي تتميز بمذاقها الاستثنائي، سواء كانت منفردة أو ممزوجة بزيت الزيتون فيما يعرف فلسطينياً بـ”المنقوشة”، أو حتى إن كان منقوعاً أو غير ذلك.

وليست بيوت الفلسطينيين وحدها عامرة بالزعتر، الذي استطاع أن يحجز مكان لنفسه في عقولهم ووجدانهم، بل وذاكرتهم، أيضاً.

وعن هذا تقول الحاجة فتحية أحمد (63 عاما)، لـ”القدس العربي”، وهي فلسطينية تقيم في قطاع غزة، عاشت في عددٍ من البلدان العربية متنقله مع عائلتها، إن “الزعتر كان ولا زال الوجبة الأولى والرئيسية على موائدها، مرجعة ذلك للفوائد الكبيرة التي تختبئ في ثنايا هذه العشبة”.

تؤكد الحاجة فتحية أن الجزء الأهم من ارتباطها عاطفياً بهذه العشبة مقرون بما نشأت عليه وتعلمته من جدتها، منذ أن كانت طفلة، وعن كم القصص والحكايا التي رويت لها عن أصالة الزعتر في التاريخ الفلسطيني، وكيف تحول لجزء من الصراع مع الاحتلال.

وتعمل فتحية على إعداد الزعتر بشكل كامل في منزلها، لافتةً إلى أنها في فترات سابقة كانت تحرص على زراعته بشكل دوري في حديقة منزلها، ومن ثم تقوم بإعداد وإضافة الحوائج اللازمة له، لتقوم لاحقاً بتوزيعه على أبنائها وعائلاتهم، وحتى الجيران.

وأشارت إلى أن إعداد الزعتر وتحضيره في المنزل، يحمل معه طقوساً مبهجة، إذ تجتمع نساء العائلة بعد أن يقمن بتنقية الزعتر وتنظيفه من الشوائب، ومن ثم يباشرن بوضع الحوائج التي تضفي مذاقاً خاصاً للزعتر.

ولا يكتفى الفلسطينيون بوضع الزعتر على موائدهم فحسب، بل إن كثيرين منهم استخدموه كأداة للتعبير عن حق العودة والتمسك بالأرض التي هجروا منها عام  1948، سواء بإعلانهم صراحة أنها تمثل جزءا من ثقافتهم، أو تحويلها لشعارات نضالية، كأن يربطوا بين بقائهم على أرضهم ببقاء الزعتر، قائلين “باقون ما بقي الزعتر والزيتون”، حيث تحمل هذه العبارة معنى أصيلا للتجذر بالأرض، وسردية وجود الزعتر.

 

ويكتسب الزعتر الفلسطيني، المزروع على سفوح الجبال، أهمية خاصة، لدى غير الفلسطينيين، إذ تقول الرواية المتداولة إن حكايات الزعتر اكتسبت شهرةً واسعة النطاق في عددٍ من البلدان العربية التي وصلها الفلسطينيون المهجرون من أرضهم، كالكويت، والسعودية وغيرها.

ووفقاً لاحصاءات وزارة الزراعة الفلسطينية، يزرع أكثر من 5500 دونم بالزعتر بين المروية والبعلية، كما نتتج سنوياً أكثر من 11 ألف طن من الزعتر الأخضر الذي يصدر قسم منه للأسواق العربية والدولية.

ويباع الكيلو غرام الواحد من الزعتر الأخضر في الأسواق المحلية بما يعادل 4 دولارت تقريباً وهو سعر يعادل أكثر من ضعف تكلفة الإنتاج، إذ يتراوح بين الارتفاع والانخفاض تبعاً لكمية الطلب والإقبال عليه.

ويشكل الزعتر رافعة للاقتصاد المحلي الفلسطيني، حيث يوفر العمل فيه زراعته وإعداده وتعبئته وتصديره مئات من  فرص العمل.

ورغم اعتماد الفلسطينيين بالدرجة الأولى على الزعتر الجبلي (البري)، فإن زراعته البعلية ظهرت مطلع تسعينيات القرن الماضي، ولكن بكميات قليلة قبل أن تتحول إلى زراعة مروية  خلال العقد الأخير وبكميات كبيرة.

وفي حربه على الزعتر، أقر الاحتلال الإسرائيلي عام 1977 قانوناً يقضى بمنع قطف “الزعتر” و”العكوب” في الأراضي المحتلة عام 1948، فيما اعتبره الفلسطينيون  شكلاً أخر من أشكال الاستعمار ومحاولة اجتثاث الفلسطيني من أرضه وهويته، و محاولة للسيطرة الإسرائيلية على الأرض واستغلالها.

 

وبعد عام واحد فقط على مجزرة “تلّ الزعتر” في بيروت، وبينما بات الزعتر، ربّما أكثر من أيّ وقت مضى، رمزًا للهويّة الفلسطينيّة ولعلاقة الفلسطينيّ مع أرضه، عُدّل القانون الإسرائيليّ وفُرض منع قطف الزعتر البلديّ أو البرّيّ.

وفي الثاني من نوفمبر/  تشرين الثاني1977 تحديدا، وقّع وزير الزراعة بحكومة الاحتلال حينها أريئيل شارون، قرارا يعدّل لائحة “النبات المحميّ”، ضُمّت خلاله نبتة الزعتر إلى اللائحة، بحجّة أنّ قطفه يسبّب أضرارا للطبيعة، وفُرضت بموجب ذلك على كلّ من يقطف أو يحوز أيّ كمّيّة كانت من الزعتر، عقوبات وغرامات كبيرة. حتّى ذلك الوقت، كانت البراري المصدر الوحيد للزعتر في فلسطين، إذ لم تكن زراعته منتشرة في ذلك الوقت.

لكن سرعان ما بدأ ضابط الزراعة في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة عام 1967، زئيف بن حيروت، زراعة وتسويق الزعتر بمساعدة ابنه يورام بن حيروت، على قسم من أراضي قرية صفّورية المهجّرة. وقد صرّح في مقابلة تلفزيونية بُثّت أوائل الثمانينات على شاشة التلفزيون الإسرائيليّ، قائلًا: “الزعتر لديّ فخر قوميّ، أريد أن يقولوا إنّ الزعتر إسرائيل، وهذا الشيء بدأ يتحقّق”.

في ظلّ مصادرة واسعة للأراضي الفلسطينيّة في الجليل، واستشهاد ستّة فلسطينيّين في هبّة يوم الأرض عام 1976، أصبح الزعتر ممنوعا على الفلسطينيّين كما عهدوه من قبل، وبات يُزرع في الجليل على مساحة بلغت أكثر من 550 دونم، ويُسوّق تحت راية الطعام الإسرائيليّ!.

ولم يكن إدراج الزعتر والعكّوب ضمن لائحة النبات المحميّ، خطوة تصريحيّة من سلطات الاحتلال فحسب، إنّما وسيلة قانونيّة لمخالفة الفلسطينيّين الذين يقطفون أيّ كمّيّة كانت من الزعتر أو العكّوب الممنوعين.

ومن اللافت أنه بين 2004 و2016، بتّت المحاكم في 61 قضيّة تتداول العكّوب والزعتر، منها 40 قضيّة تتداول قطف أو حيازة الزعتر، وفي هذه الحالات جميعها، كان المتّهمون والمتّهمات فلسطينيّين،-وفقًا لدراسة أعدها ربيع اغبارية عن قطف الزعتر والعكوب في القانون الإسرائيلي.

القدس العربي 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات