حريق متسلسل

تم نشره الثلاثاء 19 تشرين الأوّل / أكتوبر 2021 12:54 صباحاً
حريق متسلسل
يوسف غيشان

قصة يروونها عن شاعر بدوي كان يلقي قصيدة على أعرابي أردني في خيمته، وعلى عادة المتلقي في الشعر البدوي، إذا لاقت القصيدة استحسانا عنده-يعيد (الروي) بعد الشاعر وهو المقطع الصوتي الأخير الذي يقوله الشاعر، ليوحي للشاعر أنه يتابع ويستمتع بقصيدته.
وكان يا ما كان أن النار انتقلت من (النقرة) التي يضعون عليها دلّة القهوة العربية، إلى ثوب المعزب، فأراد الشاعر تحذيره، فقال:
- يا شيخ: ترى النار كلت ثوبك.
وتعني هذا العبارة ان التار تأكل في ثوبك يا صاحب البيت . أما صاحب البيت، فقد اعتقد أن هذا القول هو مقطع من القصيدة، فصار يكرر-مستمتعا-بعد الشاعر:
- ثوبك.
فيعيد الشاعر قول عبارة (ترى النار كلت ثوبك) والرجل يكرر: (ثوبك).
ومن ذلك الحين لم تردنا تقارير محكمة حول تفاصيل ما جرى بعد ذلك. هناك من يدعي بأن المعزب تنبه اخيرا الى ما يقصده الشاعر، وأطفا النار التي تأكل ثوبه، ويدعي آخرون بأن الشاعر توقف عن القول، وهجم على المعزب وأطفأ النار، ويشير البعض-بسوء نية واضح-إلى أن الرجل عندما شاهد الشاعر يهجم عليه فهم الموضوع غلط، وأخرج شبريته بسرعة وغرزها في قلب الشاعر.
الغريب عندنا أن لا احد – تقريبا- يستفيد من الدروس المستقاة من الماضي القريب ولا البعيد، لذلك فما زال المعزب يقع في ذات الخطأ، ويعيد الروي الأخير بعد الشاعر ، بينما تأكل النار ثوبه.
لا بل أن النار وبعد ان التهمت ثوب المعزب، قامت بالتهام الشاعر وأهل بيته، ودله القهوة والخيمة، والبعير والحمار الواقفين على باب البيت، ثم انتقلت الى الخيمة المجاورة والتي تليها ووتليها وتليها حتى التهمت الحي بأكمله.
ثم انتقلت النار الى الحي المجاور والذي يليه ويليه ويليه .
لا الشاعر استوعب ان عليه ان يطفي النار بنفسه.
ولا اهل البيت حاولوا مع الشاعر تحذير المعزب
ولا المعزب استوعب أن الأمر ليس روي قصيده، بل دوي حرب وحريق وموت زؤام.
يحاول الناس لفت نظر السلطات في أكثر من مكان في العالم بأن القمع وانعدام العدالة والفقر المدقع، سوف تؤدي جميعها إلى وصول النار الى البيت والحمار والجمل والحي و و و و.... وما كان من السلطات الا ان شرعت تكرر خلف المحتجين والمنبهين:
- ثوبك ...ثوبك... ثوبك .
فانتقلت النار من خيمة الى خيمة ، ومن حي لحي لحي ، وما يزال الشاعر يقول:
- يا معزب ترى النار كلت ثوبك.
وما زال المعزب يردد وراءه بكل تمتع:
- ثوبك ....ثوبك.... ثوبك.

عظم الله أجركم

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات