كيف اصبحت الفلسفة موضوعي المفضل ؟؟

تم نشره الإثنين 15 تشرين الثّاني / نوفمبر 2021 10:20 مساءً
كيف اصبحت الفلسفة موضوعي المفضل ؟؟
نبيل عودة

شاركت وانا في نهاية المرحلة الابتدائية، بدورة دراسية فلسفية في إطار حركة الشبيبة الشيوعية في الناصرة، سحرتني الفلسفة، رغم ان بعض الطروحات لم افهمها بشكل واضح في وقته، كنت شابا ناشئا هاويا للأدب ولكتابة القصص، وكانت حركة الشبيبة الشيوعية في قمة تألقها التنظيمي والسياسي والتثقيفي، وهو الأمر الغائب اليوم، من يومها صرت اسيرا للفلسفة وبت استعمل اصطلاحاتها في تفسيراتي للكثير من مواضيع الدراسة، أحيانا بلا فهم كامل لمضمون الاصطلاح، بسبب ذلك انتقدني احد المعلمين بقوله ان الكتابة والحديث عن الفلسفة لا تخدم ثقافة الجيل الناشئ، لأنها ثرثرة بلا مضمون.
لم أكن على دراية كاملة لأعرف كيف أرد عليه، وكيف اشرح أهمية الفلسفة في تطوير التفكير وفهم الواقع الإنساني، لكني رفضت رأيه دون قدرة مني على شرح موقفي، قلت للأستاذ جملة عامة بان الفلسفة هي في صميم التفكير ومجمل العلوم، دون قدرة لتفسير موقفي بشكل واضخ ومفهوم من طالب سحرته الفلسفة وهو بالصف السابع ولم يكن قادرا على تفسير عشقه للفلسفة، وما تركته الفلسفة من أثر على تفكيري ونشاطي السياسي والثقافي، بل قلت جملة عامة ان الذي لم يستوعب الفلسفة التي نشأت في بلاد الاغريق منذ مئات السنين، يبقى وعيه ناقصا.  فلم يجد المعلم من جواب الا ان يسخر مني ويُضحك بعض زملائي الطلاب بوصفي ب “الفيلسوف الذي لا يفقه ما يقول ويعيش بأحلام بعيدة عن الواقع”. ونصحني ان اعود الى عقلي ووعيي، وان اهتم بدروسي وابتعد عن الفلسفة والثرثرة.
اعترف أني غرقت بالصمت والتفكير، وعدم القدرة على تفسير حبي للفلسفة، واستهجاني من عقلية مربي أجيال يجهل قيمة الفلسفة بخلق جيل حر ومفكر ومتحرر من الخرافات والأوهام. لم أكن قادرا على تفسير موضوع الفلسفة كما شرحه لنا المحاضر، (الدورة الفلسفية قدمها في وقته القائد الشيوعي اميل حبيبي) بتأكيده ان الفلسفة ضرورة لجيل ينشد العقل والعلم والمعرفة من اجل احداث نهضة سياسية وفكرية واجتماعية وعلمية في مجتمعنا الذي يعاني من ظواهر مقلقة سياسيا وثقافيا لشعب شرد أكثرية أبناء شعبة وصودرت أراضيه، وبعضه اصبح لاجئا في وطنه بعد هدم مئات البلدات العربية ومنع من العودة اليها، رغم ذلك قسما كبيرا منه يواصل التصويت لمن سبب نكبة شعبه وفرض علية الأحكام العسكرية، وحتى التعليم يخضع لرقابة المخابرات ويجري فصل المعلمين الشرفاء، وبتنا نعاني من القصور الرهيب في التربية السليمة!!
بعد ان حثني المعلم وهو يضحك من جهلي (بالأصح استفزني مرات عديدة) ان اجيب على ملاحظته "وهل اقتنعت بما قاله بان الفلسفة ثرثرة وابتعاد عن الواقع؟"، قلت له باختصار: من اجل مستقبل طلابك قدم استقالتك من التعليم!!
عبس وتجاهلني، لكني رأيت شرر الكراهية يلمع في عينيه، ولم يعد يلتفت الي بل بت أشعر انه يتجاهلني رغم أني كنت من طلاب الصف البارزين، وللأسف نسيت اسمه رغم ان صورته لم تفارق ذهني، ومن حسن حظ الصف انه لم يعلمنا الا نصف سنة وجاء أستاذ جديد آخر بمكانه، عبر عن اهتمامه بقدراتي الفكرية والانشائية!!
بالتلخيص، شكرا لذلك المعلم الذي جعلني احول الفلسفة الى موضوعي المفضل، تركت دراسة هندسة الميكانيكيات بعد سنتين من الدراسة المسائية في التخنيون في حيفا، وسافرت الى دراسة الفلسفة والعلوم الاجتماعية، في معهد العلوم الاجتماعية في الاتحاد السوفييتي آنذاك، في العاصمة موسكو، وأخطأت لأني لم اواصل الدراسة الجامعية للحصول على اللقب الجامعي، رغم ان استاذي الروسي للفلسفة حثني مرات عديدة ان اواصل دراستي الجامعية، لأني كنت متحمسا ان اعود لوطني مناضلا ومثقفا وان انقل ما تعلمته للكوادر الشبابية!!



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات