مجيدة بن كيران: هناك تهافت على وجوه «إنستغرام» و«فيسبوك» دون مراعاة للمهنية

جى بي سي نيوز  : - بعد تجربة فنية صالت وجالت خلالها الفنانة المغربية مجيدة بن كيران في عدد من الأعمال الدرامية، وعاشت النجاح فيها كممثلة في دور البطولة غالبا، خاضت تجربة جديدة من عمرها الفني، حيث دخلت إلى مجال الإخراج السينمائي من خلال فيلم مدعم من طرف المركز السينمائي المغربي، تحت عنوان «زوايا الصحراء زوايا الوطن» سيناريو عامر الشركي وإنتاج ادريس المريني من خلال شركته، في إطار الأشرطة الوثائقية التي توثق للثقافة الحسانية المغربية.

لجنة التحكيم

ومنذ أيام قليلة، ترأست ماجدة لجنة تحكيم الدورة الثامنة للمهرجان الدولي للسينما والبحر الذي أقيم في مدينة سيدي إفني، جنوب البلاد.
الحديث عن هذه الفنانة يجر معه حديثا عن مرحلة توهج الدراما المغربية، وظهور العديد من الوجوه الشابة ساعتها، ونشير هنا إلى التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، وجوه من أبرزها ضيفة «القدس العربي» بن كيران، إضافة إلى ممثلات أخريات أمثال منى فتو ونورة الصقلي ولطيفة أحرار وسامية أقريو وبشرى أهريش وفاطمة بوجو وأخريات بضمن المشهد الفني المغربي بدينامية جديدة ودماء فوارة سرت في جسد التمثيل.
في حوارنا التالي مع المخرجة والممثلة مجيدة بن كيران، كان التساؤل عن الغياب لكننا عرفنا أنها كانت خلف الكاميرا وليس أمامها لذلك لم تظهر للجمهور في الفترة الأخيرة.
وتردّ على سؤال الغياب بالقول إنها لم تكن غائبة تماما، فبالإضافة إلى تصوير فيلمها السينمائي كمخرجة الذي أصبح جاهزا الآن، تشتغل على مشروع سينمائي آخر، لكن كممثلة.
وتستطرد الفنانة قائلة «قد تكون المعايير اختلفت الآن، فعلى مستوى الإعلام يتم الاهتمام بخصوصيات الناس والأمور التافهة، في المقابل تغيب الأخبار المهنية، وهو واقع عكس السنوات الماضية، حيث كانت تعطى الأهمية والقيمة والمكانة المرموقة للأنشطة الثقافية والفنية الحقيقية.»
وتابعت الفنانة المغربية: «إذا لاحظت اليوم، هناك اهتمام أكثر بالأخبار الشخصية للناس ومعهم الفنانين أكثر من الأخبار التي تغطي أعمالهم أو انشغالاتهم.»
وتؤكد مجيدة بن كيران لـ«القدس العربي» قائلة «صحيح أنني كنت غائبة لأنني انشغلت بالدراسة على مستوى الماستر، حيث تمكنت من الحصول على شهادته في تخصص السمعي البصري وخاصة الفيلم الوثائقي، وأنا الآن أحضر للدكتوراه في التخصص نفسه.»
وبكثير من الصراحة قالت إنه من «باب الأمانة تجاه نفسي وتجاه المهنة وبهذه الخبرة المتواضعة، أظن كل فترة عمرية عند الإنسان يكون لها إيقاعها الخاص وتطلعاتها وقناعاتها أيضا.»
لكن ضيفة «القدس العربي» توضح مسألة الغياب، بقولها إن «مسألة أخرى تطرح، وهي كون الإنتاج ومنفذيه لهم رأي مغاير، حيث بات التهافت على وجوه «إنستغرام» و»فيسبوك» دون أدنى مراعاة للمهنية أو الحرفية، باختصار يريدون الوجوه وليس المهنة، حتى لو كانت هذه الوجوه أقل موهبة».
وأشارت الفنانة هنا إلى عدد من الفنانين الذين تعبوا ومارسوا الفن بمهنية عالية وبجودة إبداعية وبتفانٍ، لكن دائما هم غائبون، لذلك فالواقع أنه يتم تغييب جيل بكامله من الرواد، وبالتالي هناك تغييب للمهنية والإبداعية» وأضافت بكل أسف «يمكن الزواق عاجبهم» أي أن المظاهر هي التي تعجبهم.

الإبداع الشعري

كان سؤال الغياب عبارة عن حرقة، تدرجت الفنانة مجيدة بن كيران في الإجابة عليه من بداية الانشغال إلى الكشف عن الحقائق، لذلك فحبكة الرد لديها شبيهة بحبكة السناريو أو القصة أو القصيدة، وهنا نشير إلى هوية ثانية للممثلة والمخرجة، فهي أيضا كاتبة نثر وشعر، وسألناها أي الكفة يميل لها نبض القلب، الإبداع الشعري أم الفن؟
رد مجيدة بن كيران كان مثل مطلع قصيدة شعرية، حيث قالت، إن الكفة تميل إلى نبض القلب، لأنها تميل إلى الأشياء التي تخرج من الصدق والعمق وتمثل التجربة بكل حمولتها وتفاصيلها، اللحظة التي فيها تلك الدفقة سواء كانت شعرية أو صورة سينمائية.
وتوضح الفنانة المغربية «لكن السبق يبقى للشعر، جل أعمالي الشعر حاضر فيها، وأذكر ان لي شريطا قصيرا صامتا تطغى عليه لغة الشعر والتشكيل.
ومن لغة الشعر إلى لغة الصراحة والجرأة، حين ردت مجيدة بن كيران على سؤال الجائحة وتضرر الفنانين، حيث قالت «كفى من لغة الاستعطاف والاستجداء، لأنني أعتقد أن الحل هو بعض الصرامة على مستوى تنظيم مهن الفن وتقنينها.»
وتشدد الفنانة على ضرورة تفعيل القوانين التي تنظم المهن الفنية، قائلة بحزن «للأسف، عاشرنا الرواد وسمعنا آلامهم، ونحن اليوم نعيش الظروف نفسها بعدهم وكذلك سيعاني الجيل القادم من بعدنا» لذلك فالمشكل توضح الفنانة أنه «لا بد من استراتيجية صارمة فيها موقف واضح يصون كرامة الفنانين ينظم المهن الفنية، حتى يتمكن الفنان من العيش الكريم.»
وتابعت الفنانة مجيدة قائلة «حتى الحكومات والمنظمات التمثيلية لها يد فيما يعيشه الفنان المغربي، وعلى هذا الأخير أن يتكاتف ويكون يدا واحدة».
من حديث اليوميات الاجتماعية للفنانين وضرورات الخروج بموقف صارم لإنهاء هذا الوضع، كان لـ «القدس العربي» سؤال عن وصول فنانات إلى البرلمان وهو موضوع لا زال طريا في ذاكرة المشهد الفني المغربي، وأكدت مجيدة بن كيران، انها تلقت قبل 15 سنة عرضا من أحد الأحزاب للمشاركة في الانتخابات، بل إنها تلقت عرضا أيضا خلال الاستحقاقات الأخيرة، لكنها اختارت «أن أتبع فني، لأنني أحسست أن السياسة تزيل ذلك الصفاء أو ربما الظروف المحيطة بالممارسة السياسية لا تتناسب مع قناعاتي، فلم أكن مرتاحة واعتذرت بأدب» وفق قولها.
كما تمنت لزميلتيها فاطمة خير وكليلة بونعليلات كل التوفيق في مسيرتهما بعد وصولهما إلى قبة البرلمان.
قفز مباشرة سؤال المشهد الفني المغربي، وكيف تراه ضيفة «القدس العربي» فكان جوابها بالقول «لا أريد أن أكون متشائمة، لكن للأسف بقدر تطور المعاهد والتطور التكنولوجي على المستوى التقني الذي أبان فيه شباب عن علو كعبهم، إلا أن هناك فوضى في المشهد الفني، لذلك أقول نعم غبت، فلا يليق بالمغرب في الوقت الذي يجب أن نتطور فيه ونرفع مجال الفن وأن تكون هناك رؤية للمستقبل وروح وطنية، أن نجد هناك من يفكر في (الهمزة) وتوفير مبالغ مالية حتى ولو على حساب العمل الفني».
وتسترجع الفنانة مجيدة بن كيران، أنه في الوقت الحالي هناك انتاجات ضخمة مقارنة مع الماضي، لكن في الماضي «كنا نشتغل بنخوة وكرامة» وتشدد الفنانة على أنها تقدر سؤال الجمهور عنها وأسباب غيابها، لكن الحضور «لن يكون على حساب كرامتي والقبول بأي شيء، فالاسم الذي تعذبت في تكوينه لن أضيعه هباء، نحن لم تصنعنا مواقع التواصل الاجتماعي، بل صنعنا تكويننا وكفاءاتنا، نحن لم نحرق المراحل، وإنما مشينا خطوة خطوة وبجد واجتهاد حتى باتت لنا مكانة في قلوب الجمهور بالحب والصدق والعطاء.»

القدس العربي