السودان : سندان الأحزاب ومطرقة العسكر
عندما يقول مسؤول الاتحاد الاوروبي بكل برود بأن قتل المتظاهرين في السودان امر "غير مقبول " لاحظوا " غير مقبول " ويعقب هذا التصريح بتصريح آخر فحواه : أن اعتقال الجرحى السودانيين من داخل المستشفيات "أمر مقلق "، فاعلم يا رعاك الله أن الأمور " خربانة " وأن ذات السياسة التي اتخذتها الدول العظمى في الثورات العربية في كل البلاد التي شهدتها لا زالت على سجيتها .
نستذكر فترة اوباما خلال ثورات عربية وكيف أن هذا الرئيس الديمقراطي كان منافقا جدا وكذابا جدا حين كان يدلي بتصريحات تناصر المحتشدين وفي نفس الوقت يعقد اتفاقيات سرية من تحت الطاولة ، ولسان حال هذه الاتفاقيات يقول : أنتم افعلوا ما تريدون ونحن دعونا نقول ما نشاء .
نفس الأمر يتكرر مع الاتحاد الأوروبي الذي يشدد قبضته على حدوده وينقض كل مواثيقه الانسانية التي يزعم تبنيها بشأن اللجوء والباحثين عن طوق نجاة ، و ها نحن نرى السوريين والعراقيين وغيرهم يموتون على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا ، العضو المتشدد في الاتحاد ، بغض النظر عما فعلته الأولى من تغرير باللاجئين والموافقة على دخولهم لتحقيق مصالح سياسية ومالية ، وهو فخ اشتركت فيه مينسك مع موسكو الذي علق رئيسها بأنه يأسف على الاطفال الذين تعرضوا للغاز البولندي والمياه العادمة ، متناسيا ما فعله هو بأطفال سوريا .
كل من يراقب ما جرى ويجري للثورات العربية يدرك كم هو حجم الفجور الذي يعتري السياسات الأوروبية والامريكية والغربية والشرقية وما كان ذلك ليحدث إلا لكون الباحثين عن الحرية ليسوا سوى " عرب " "رعاع " و"خطرين" ويجب إعادتهم لإبقائهم تحت سياط الاستعباد والاستبداد .
ما يجري في السودان بعد تفرد البرهان بالسلطة هو سيناريو مدبر ومتفق عليه مع مختلف هذه القوى ، مع إدراكنا بأن حمدوك الشيوعي الذي اعلن عن عودته بالاتفاق مع العسكر ليس أفضل من البرهان أو حميدتي المتأسلمين ، فلقد ابتلي السودانيون بهم جميعا ووجد هذا الشعب المسكين نفسه بين سندان الأحزاب ومطرقة العسكر وتواطؤ اللاعبين الدوليين ، ومن أجل ذلك نرى عشرات القتلى والجرحى بلا ردة فعل سوى " غير مقبول " و" أمر مقلق " .
هذا هو الجرح السوداني باختصار !.
جى بي سي نيوز