قادة راي عام يتفقون على ضبط الفلتان في بعض الصحف الالكترونية
المدينة نيوز - تباينت الاراء حول حالة الحريات الصحفية في الاردن خلال ندوة الحريات في الاعلام الالكتروني التي عقدت في جامعة اليرموك اليوم واليات تعزيزها والارتقاء بها نحو الافضل وان التقت ذات الاراء في بعض المفاصل المتصلة بالحرية المسؤولة بعيدا عن الاسفاف والشطط وضرورة توافر العنصر المهني في ممارسي المهنة لتكون حريتهم في نطاق يحقق المصلحة الوطنية .
وفيما اجمعت الاراء على ان منسوب الحرية الصحفية متقلب صعودا وهبوطا منذ عقد التسعينات وحتى يومنا الحاضر اتفقت على ان ما قبل المرحلة الديمقراطية عام 1989 كان الاعلام وحريته افضل حالا وعزت الامر الى الفهم الواعي للحالة الاعلامية ودورها سواء من العاملين بالمهنة او الحكومات .
وفي الوقت الذي دعا فيه الكاتب خالد محادين الى عدم فرض اية قيود على الاعلام والصحافة نادى رئيس تحرير المدينة نيوز عمر عبندة بحرية مسؤولة ومنظمة تبعدنا عن ممارسات سلبية عديدة خاصة في ضوء استحواذ الاعلام الالكتروني على مساحة واسعة من اهتمامات الناس ليؤشر الى انه سيكون البديل للاعلام الورقي لاعتبارات متصلة بسرعته في النقل وخلقه حالة حوارية تفاعلية ما بين المرسل والمستقبل تفتقدها حتى الفضائيات .
اما الكاتب سميح المعايطة فدعا الحكومات الى الاقرار والاعتراف ان الاعلام وحريته باتت ضرورة وفيه مصلحة وطنية عليا بدلا من ضيق سعة الصدر بالنقد التي يبدو انها تعكس ماّرب شخصية لا علاقة لها بالوطن ومصالحه فيما اكد نائب نقيب الصحفيين حكمت المومني عزم النقابة بذل الجهد على صعيد تحسين واقع الحريات من خلال التشريعات خصوصا توقيف الصحفيين في قضايا المطبوعات والنشر .
الندوة نظمتها كلية الاعلام في الجامعة بالتعاون فرع نقابة الصحفيين في اقليم الشمال وادارها الدكتور حاتم علاونة احتفاء باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي صادف في الثالث من ايار الجاري .
واكدت الندوة التي افتتحها نائب رئيس الجامعة الدكتور زهير الصباغ اهمية اصدار تشريع واضح وصريح يمنع عقوبة التوقيف والحبس للصحفي تعزيزا للحرية الصحفية وايمانا بدور الصحافة في خدمة القضايا الوطنية .
واعتبرت ان الحرية الصحفية ليست ترفا بقدر ما هي مصلحة وطنية عليا من خلال الخوض في مجموعة محاور متصلة بمسيرة الحريات الصحفية في الاردن خلال العقود الاخيرة وما رافقها من ارتفاعات وانخفاضات في منسوب الحرية الصحفية وتوصيفها بما يتفق مع المسؤولية تجاه الوطن ومصالحه ومصالح الشعب.
وبين الزميل محادين ان الكاتب والصحفي الملتزم بقضايا وطنه يكون اكثر جراة في قول الحقيقة استنادا الى صون حريته في التعبير من قبل القيادة الهاشمية التي توجه دائما نحو تعزيز الحريات الصحفية مشيرا ان الصحفي المرعوب اكثر خطرا على الوطن من الصحفي الجريء.
ولفت الى ان ثالوث الجنس والسياسة والدين لم يعد من المحرمات تناوله اعلاميا اذا كان الامر يتصل بالتنوير والتوعية والاصلاح .
وقال ان الصحفي لم يعد شاهد عيان مع تطور التجربة الديموقراطية الاردنية بوجود ثورة اصلاحية عامة يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني وتعززها دولة القانون والمؤسسات بقضاء عادل ونزيه بل تحول الى مدعي عام لعامة الشعب انبثاقا من حسه الوطني .
ودعا محادين الى وضع تشريع قانوني يعالج قضايا النشر في الصحافة الالكترونية التي بدات تكتسح الفضاء الكوني باعتبارها الوسيلة الاسرع للنشر والتفاعل المباشر مع الجمهور والاوسع سقفا للحريات مؤكدا انها باتت مفضلة على الصحافة المكتوبة في كثير من دول العالم لافتا الى ان الاردن يسير على هذا الطريق .
وقال عبنده في مداخلته ان الصحافة بمفهومها الواسع سلطة مسؤولة تؤدي دورها ورسالتها بحيادية مطلقة بعيداً عن الهوى والتكسّب غير المشروع كي تنال رضى الناس وثقتهم واحترامهم .
واضاف في كلمة مكتوبة ان الصحافة التي كانت في الماضي سلطة رابعة لم تعد كذلك في ايامنا الحاضرة وما هي إلا سنوات قليلة فتصبح من تراث الماضي لان التطور الذي تشهده وسائل الاعلام في عصرنا يحقق قفزات نوعية لا يمكن تخيلها .. ولعل مزاحمة وسائل الاعلام الاخرى للصحافة اليوم خير شاهد على ذلك .. فقد استأثرت هذه الوسائل بالحركة والصوت وسرعة نقل الحدث باهتمامات الناس فسرقتهم شاشاتها من براثن الصحافة المطبوعة. واكثر من ذلك. ها هي اليوم تواجه تحدٍ جديد زهيد الثمن قليل التكلفة يخطف بريقه الابصار والعقول الا هو ما يسُمى بالصحافة الالكترونية او الصحافة المكتوبة على شاشات الانترنت .
فهي ولا شك ستكون صحافة المستقبل .
وبين قائلا " أما ما يُسمّى بالحريات الصحفية فهذه كذبة كبيرة في العالم أجمع .. لأن القاعدة هي انه لا توجد حرية مطلقة .. ومن يسعى الى ذلك فانما ينشد الفوضى ويغذي الفلتان ويحاكي منطق الحرية السائدة في الغابة حيث لا ضوابط لأي شيء هناك.. فهل يعقل ان نكون مثل هؤلاء الذين يأكل فيهم القوي الضعيف ?!
كلنا يعرف ان ما سمّي بالفكر الحر أو الحرية المطلقة شهد تراجعا ملموسا عن معتقداته وبدأ المشرعون والساسة وصناع القرار وحتى الصحفيون يروجون فكرة الحرية المسؤولة لتبرير بعض الضوابط على اداء الصحافة .. وقالوا ان الحرية في الصحافة والاعلام يجب ان تكون مسؤولة حماية للمجتمع .. وان الحرية المسؤولة هي القدرة على الموازنة بين السبق الصحفي والمصلحة العامة !".
واشار الى ان من يتتبع فكرة الحرية في المجتمعات الغربية الان يجد ان حرية الصحافة فيها تُقمع على الدوام ومثل ذلك الولايات المتحدة الاميركية التي وظفت الصحافة والاعلام مراراً عديدة لتمرير الاكاذيب واختلاقها وخداع الرأي العام الاميركي والعالمي فكالت التهم لخصومها تحقيقا لمآرب سياسية واطماع استعمارية .. ولا أدل على ما ازعم الا ذلك الذي جرى مع العراق ويجري مع السودان وغيره .
واضاف عبندة " أما في الاردن واتحدث من خلال تجربة شخصية عمرها تجاوز 38 عاما فقد تذبذبت الحريات الصحفية فيه طوال هذه السنوات .. وازعم ان الصحافة في ظل الاحكام العرفية قبل عام 1989 كانت اكثر حرية من اليوم وكانت تعمل بسلاسة وانضباط راعى قيمنا ومصالح بلدنا وامتنا دون حرج او مغالاة. الا ان الامر انقلب الى فوضى عارمة بعد عودة الديمقراطية وانتاب جنون ممارسة المهنة الكثير من الزملاء ممن اعتقد ان الميدان له وحده وان المعلومات حكراً عليه ينشر ما يشاء وينكل بسمعة من يشاء فاساء للوطن ولهويته ولمنجزاته وقيمه واعتدى على خصوصيات الناس وخدش الحياء وجرح الاخلاق املاً في ربح سريع او ألق مزيف يرضي غروره . وعزز ذلك الاعوجاج التعديلات الكثيرة التي طالت احكام قانون المطبوعات والنشر سواء لجهة تسهيل الحصول على تراخيص اصدار صحف وهذا بدوره فسح المجال للدخلاء والهواة واصحاب الاجندات للتسلل الى شارع الصحافة او لجهة تخفيف العقوبات في قضايا النشر والمطبوعات ونجاح اهل المهنة في التميز عن باقي المواطنين وتحصينهم في مواجهة السلطات بعدم التوقيف او الملاحقة مما اثار حفيظة المجتمع أولاً ومجلس النواب ثانياً الذي وصل الامر ببعض اعضائه لضرب الصحفيين تحت القبة وتكسير كاميراتهم ..".
ومضى قائلا " وامعاناً من النواب في محاربة الصحافة فرضوا عليها ضريبة مقدارها 5% من ارباحها او من اعلاناتها لدعم الثقافة والمثقفين باعتبار انه لا علاقة للصحافة بالفهم والثقافة?
دون أن يأخذ بحسبانه ان ذلك قد يهدم كيانات صحفية قائمة او يضعف من ادوارها .. وهذا على ما يبدو من المغازي التي رمى اليها مجلس النواب".
وشدد على انه لا ينكر الحق في النقل او النقد .. ولكن عليّ أن يكون نقلي للمعلومات دقيقاً ومن مصادره المشروعة .. وان يكون نقدي حياديا وبعيدا عن الهوى والمصالح الذاتية وان لا يكون لحساب الغير او لمن يدفع او خدمة لاجندة ما ..? وان كل من يمارس مثل ذلك فانما يحرق سفنه عند اول مرفأ تحط به او عليه وسرعان ما ينبذه جمهوره من قراء وزوار ومشاهدين ومستمعين وبالتالي تتضاءل الى حد التلاشي صدقيته وقدرته على التأثير فيهم او في تشكيل قناعاتهم .
واكد " لقد كانت الصحافة الورقية العربية والاردنية في الماضي تتسابق للحصول على الاخبار والمعلومات المفيدة لاستمالة وكسب الناس.. الا ان بعضها وخاصة الاسبوعيات تراجع تحت وطأة تقليد الصحافة الغربية وبالذات صحافة الفضائح حيث لا قيم تُراعى ولا مُثل تردع .. فغدا الاسفاف والاثارة والانحطاط والتلاعب في المعلومات عنوانا لافتاً يتوج صباحها عند كل اصدار" .
أما الصحافة الالكترونية والكلام لعبنده " فقد اصبحت مهنة من لا مهنة له واخذ يعمل فيها بعض الدخلاء والمناكفين وشواذ الاجندات الضيقة او الخارجية ولبس بعضا منها اثواب صحافة الاثارة والفهلوة والابتزاز والتخيل والتسيب وركب بعضها فرس الشائعة بصرف النظر عن كمال المعلومة او نقصها .. فلا مواثيق ولا اخلاق مهنية تحكم اداءها .. بل امزجة نزقة او مريضة دأب بعضها يتنافس ويتسابق على نشر توافه وسخافات ان هي لم تفسد اذواق زوارها .. فانها تستخف بهم وبعقولهم .. لقد امعن البعض وخاصة من الدخلاء في تحقير المهنة وهتك سمعتها ببذاءة ما ينشر وبركاكة ما يصاغ فيما امعن بعضها بجعلها مطية لمن يدفع .. او ركوبة لمن يضغط او جسرا للابتزاز والارتزاق ".
واشار بالقول " لعلني لا آتي بجديد اذا قلت ان مواقع شتى مأجورة تنبطح تحت اقدام الممولين .. ومواقع مأمورة اضحت ادوات لتصفية الحسابات ووسائل لاغتيال الشخصيات ونهش سمعتها .. وهذا قلل من هيبة وقيمة هذا النوع من الصحافة في المجتمع .. وقزّم فكرة حلولها محل الصحافة المطبوعة بسرعة .. ونسف جسور المحبة والود بين فرسانها جراء صراعات غير مبررة" .
واوضح عبنده ان القدرة على اطلاق المواقع الالكترونية عبر الانترنت من اي مكان في العالم دون كشفها او معرفة هوية من هم وراءها وبكلفة بسيطة ساهم في تشجيعها على نشر ما تشاء دون حسيب او رقيب وبلا روادع اخلاقية .. ان مثل هذا الامر يستدعي من الجميع التحرك بسرعة بدءاً من العاملين في غمارها ومن نقابة الصحفيين بيت الاسرة .. ومن واضعي التشريعات فالامر يجب الا يترك سائبا ولا بد من ضبط هذه الصحافة المجنونة التي تنتشر في المجتمعات عشوائيا كما السرطان في جسد الانسان .
وقال ان الصورة السوداوية هذه التي رسمتها في كلماتي انما استلهمها من الواقع السائد ولا انسى ان بعضها يمارس عمله بحصافة ورزانة ومهنية راقية يجب ان تكون نموذجا يحتذى ويجب تشجيعها على الاستمرار" .
وباعتقادي، يرى عبنده ان القضية تحتاج الى الوقت والصبر والمتابعة فما زالت التجربة في البدايات ولا بد ان تأخذ مداها حتى تُصقل وتستقر .
وختم قوله " بقي ان اقول ان الصحافة الالكترونية اداة مرعبة تكاد تحاكي الفضائيات في سرعة نقل المعلومة بل تتميز عنها بانها تفتح امام الزائر نوافذ عديدة وبستانا واسعا من الاخبار والمعلومات في نفس اللحظة.. علاوة على انها غدت وسيلة اتصال وتقارب بين الناس وفتحت لهم آفاق الحوار وتبادل الاراء والافكار والخواطر .. والمشاعر واحيانا (الشتائم) والخوض في المحرمات الشخصية والمجتمعية. كما ان هذا النوع من الصحافة يمتاز بانه يحظى بجيش من العملاء المتطوعين يزودونها بالاخبار والمساهمات واحيانا بفضح الممارسات الخاطئة" .
.اما الزميل المعايطة فطالب بمنح الصحافة الالكترونية مزيدا من الوقت والفرص وترك مسألة تقويمها للزمن باعتبار تجربتها ما زالت بحاجة للاكتمال والنضوج وبعدها يتم التفكير باصدار التشريعات الناظمة لمن ينحرف منها عن جادة الصواب تجاه الثوابت الوطنية والخطوط الحمراء التي تمس الوطن بمجمله.
ولفت الى ان الصحافة الالكترونية حققت قفزة نوعية استطاعت تعويض النقص الحاصل في الاعلام المرئي وسقفها يرتفع بشكل ايجابي مؤكدا ان الهابط منها سيسقط تلقائيا امام الوعي المجتمعي وثقافة المواطن الاردني كما حدث في الصحافة الاسبوعية التي ظهرت بشكل لافت عام 1993 ثم انحسرت بفعل هذا الوعي والحراك المجتمعي.
واشار الى ان وضع قانون لهذا النوع من الصحافة لمصلحتها بالدرجة الاولى وللتعامل معها وفق احكام قانون المطبوعات والنشر.
من جهته راى نائب نقيب الصحفيين الزميل المومني ان الحكومات تماطل في موضوع الحريات الصحفية بدليل عدم الغاء المادة التي تجيز توقيف الصحفي وفق قوانين اخرى داعيا الى وجود ترجمة حقيقية للحريات وطرح قانون معدل لقانون المطبوعات والنشر وعرضه على مجلس الامة بدورته القادمة.
واوضح ان مجلس النقابة يتبنى السير بهذه الخطوة بعدما لمس تجاوبا من رئيس الوزاء بهذا الخصوص .
واستعرض المومني التطورات على مسيرة الحريات الصحفية ما قبل عام 1989 وما بعده وانها لم تحقق لغاية الان ما يصبوا اليه الجسم الصحفي والنقابي مؤكدا رفض النقابة لاي قوانين مقيدة للحرية الصحفية .
ودعا في هذا المقام القائمين على الصحافة الالكترونية الى صياغة ميثاق شرف ينظم عملها ويضع الضوابط الكفيلة ببقائها ملتزمة بقضايا الوطن ومصالحه القومية.
وكان عميد كلية الاعلام الدكتور عزت حجاب اكد ان هذه الندوة جاءت نتاج جهد مشترك بين الكلية و فرع نقابة الصحفيين في الشمال لتسليط الضوء على الحريات العامة لاسيما حرية الصحافة في الاردن نظراً لما لهذه الحرية من أهمية للعمل الصحفي والاعلامي .
وأضاف حجاب ان الإعلاميين الاردنيون يتطلعون الى تطوير البيئة التشريعية الناظمة للعمل الاعلامي من خلال اصدار تشريع واضح وصريح يمنع توقيف وحبس الصحفيين في قضايا المطبوعات والنشر والعمل على الغاء بعض المصطلحات الوارده في بعض التشريعات
وقال رئيس قسم الصحافة الدكتور علي نجادات أن المادة (19) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان نصت قبل أكثر من ستين عاماً على حق الفرد في حرية الرأي والتعبير ، وبعد ذلك بحوالي ثلاث سنوات نصت المادة (15) من الدستور الاردني على حق الفرد في الحرية نفسها .
واشار رئيس فرع نقابة الصحفيين في اقليم الشمال الزميل علي فريحات الى ان اعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة لهذا اليوم هو اعتراف منها بأن الصحافة حرة مستقلة والتعددية من المقومات الأساسية للمجتمعات الديمقراطية ومناسبة .