ندوة في الجامعة الهاشمية...يكشف خلالها الدكتور الدروبي أن حادثةَ انهيارِ الكتبِ على الجاحظ حادثةً مُخْتلقةً

المدينة نيوز - خلال ندوة عقدتها الجامعة الهاشمية، قدم فيها الأُستاذ الدّكتور محمّد الدّروبيّ عميد كلية الآداب والعُلُوم الإنسانيّة في جامعة آل البيت تَحْقيقاً توصل فيه إلى "أن وَفَاةِ الشَّيخِ أبي عُثمان، عمرو بن بَحْر الجاحظ، كانت نتيجةً طَبيعيّةً لعدد من الأمْراض التي ضَربته زَمناً طويلاً، وأنّ حادثةَ انهيارِ مُجلداتِ العلمِ عليه تُشبهُ أنْ تكونَ حادثةً مُخْتلقةً ورِوايةً مَصْنُوعةً".
ونظم الندوة التي أدارها الدكتور عمر الفجاوي في مسرح الكرامة، اللجنة الثقافية في قسم اللغة العربية وآدابها بالتعاون مع عمادة شؤون الطلبة، ونادي العاملين في الجامعة الهاشمية.
ويذكر الدكتور الدروبي الآثار القيمة التي تركها الجاحظ ومن أهمّها:"البيان والتّبيين" و"الحيوان" و"البُخلاء" و"البُرصان والعُرجان"، فضْلاً عن عشرات الرّسائل، وما يزيدُ على خمسة وعشرينَ أثراً كتبها وهو مُصابٌ بالمرض، فضْلاً عن عشرات الآثار المفقُودة.
وأضاف الدكتور الدروبي في تحقيقه "أنّ الجاحظَ صارع أمْراضاً مُزمنةً أكثرَ من رُبعِ قرنٍ، بيدَ أنّه اسْتطاعَ أنْ يُخفّفَ مُعاناته بالانْقطاعِ إلى تأليفِ عشراتِ الكُتُب والرّسائل، ممّا جعلَه مِثالاً نادراً لأُولى العَزْم من العُلماء المُخلصين الذين ظلّوا مُثابرينَ على العطاءِ حتى لَفَظُوا آخر أنْفاسهم". وكان الجاحظ قد "كابد ضَعْفَ البَصَر منذ صِباه، ولا سيّما أنّ حَدقةَ عَيْنِهِ كان بارزةً، حتّى غلبَ عليه لَقبُ "الجاحظ" الذي يُشيرُ إلى نُتوءِ العينِ وخُروجها من مَحْجرها".
وأضاف الدكتور الدروبي: "أن حادثةُ انْهيار المُجلّدات على الجاحظِ نُسجت بدافعٍ من إشاعةِ الطُّرفةِ في الحَدَث، وحِيكت لتتلاءمَ مع الواقع، وإنْ كانت على الحقيقةِ تُفارقه، فإنّ التّدقيقَ من وجهةٍ علميّةٍ يدعو الباحثَ إلى عدمِ الاطمئنان إليها، أو الوثوقِ بصحتها؛ لغلبةِ الزّيف والتّزوير عليها". حيث "ظهرت الحادثة في كتب بعضَ المُؤرخين المُتأخرين الذين يُرشّحون سُقوطَ كُتُب الجاحظ ِعليه سَبباً رئيساً لوفاتِهِ".
ويستند الدكتور الدروبي في نفيه لوقوع حادثة انهيار مكتبة الجاحظ عليه والتسبب في مقتله بمجموعة من المبررات والأسباب من أبرزها: سكوت المصادرُ العربيّةُ المُتقدّمةُ القيمة والثقة عن حادثةٍ طريفةٍ كهذه نحو خمسة قُرون" حيث لا يُصادفُ الباحثُ حديثاً، أو إشارةً، أو نَقْلاً، من هذا القَبيل في المصادرِ الرَّئيسة التي ترجمت للجاحظِ ، و"إنّ أحداً من مُعاصري الجاحظِ لم يذكر أنّ وفاتَهُ كانت جَراء سُقوط خَزانةِ كُتُبه عليه"، كما استند في نفيه إلى "أنّ وفاةِ الجاحظ، بعد صِراعٍ طويلٍ مع أمْراضِهِ وعِلله المُزْمنة، فقد أصابته أمْراضَ: الفَالج والنِّقْرِس والحُصْر، كانت ضَربته قبلَ وفاتِهِ بثلاثةِ عُقودٍ على الأقلّ، وهو على مَشارفِ السّبعينَ من العُمر، وظلّت أعرُاضها الشّديدةُ تُرافقه حتى وفاتِهِ، وقد دَانى المائة، ولنا أنْ نتصورَ ما يُمكن أن يُحدثه اصْطلاحُ هذه الأمْراضِ المُزمنةِ في جسدٍ شيخٍ كبيرٍ طاعنٍ في السِّنّ". إضافة إلى مجموعة أخرى من المبررات التي تفند واقعة سقوط الكتب عليه.
وكانت "وفاةَ الجاحظ سنة 255هـ/869 م، حيثُ مولدُهُ في البَصْرة بعد أن عاش قَريباً من مائةِ عامٍ".