الكشف عن التفاصيل السريّة لاغتيال الشيخ أحمد ياسين

المدينة نيوز - اختارت إسرائيل احتفال حركة حماس بذكرى تأسيسها الخامسة والعشرين لتقدم للمرة الأولى معلومات عن كيفية اغتيال مؤسسها الشيخ أحمد ياسين. وبثت القناة العاشرة من التلفزيون الإسرائيلي تحقيقاً طويلاً صوّر عملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين وكأنها عملية استخبارية معقدة وعملية عسكرية تطلبت مهارات متفوقة.
وأبرزت القناة أهمية التفاصيل التي تكشف لأول مرة طريقة اتخاذ القرار باغتيال الشيخ وعدد من قادة حماس، من بينهم القيادي في حماس عبد العزيز الرنتيسي.
وكشف التحقيق أن القرار باغتيال الشيخ أحمد ياسين والرنتيسي اتخذ في الجلسة نفسها التي ترأسها رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق أريئيل شارون ووزير جيشه آنذاك شاؤول موفاز.
وكشف التحقيق أن تقديرات جهاز المخابرات الإسرائيلية «الشاباك» كانت تخشى من أن توسع حماس رقعة عملياتها بعد اغتيال الشيخ ياسين إلى كل أرجاء العالم.
وأجرت القناة مقابلات مع أبرز المسؤولين الإسرائيليين العسكريين الذين أشرفوا على عملية الاغتيال، وهم: رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية «الشاباك» الأسبق ووزير الجبهة الداخلية الحالي آفي ديختر وقائد سلاح الجو الإسرائيلي الأسبق دان حالوتس ووزير الجيش الأسبق وزعيم حزب كديما شاؤول موفاز.
موفاز كشف لأول مرة أن جيش الاحتلال أطلق اسم «مقود السرعة – الجير» على عملية اغتيال الشيخ ياسين. واستهلت القناة التحقيق بالإشارة «إلى أن العشرات من العسكريين والعشرات من الطائرات وعدداً غير محدود من الوسائل الاستخبارية التكنولوجية والبشرية كانوا شركاء في عملية الاغتيال»، وأشارت أن كلّ من أشرف على العملية من وزير الأمن وقائد الأركان، ورئيس الشاباك وقائد سلاح الجو، «كل هؤلاء الرجال راضون عن أنفسهم اليوم».
واستذكرت القناة أن رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي اتخذ قرار الإفراج عن الشيخ ياسين كان نتنياهو الذي اضطر لذلك جراء فشل عملية اغتيال نفذها الموساد لخالد مشعل في الأردن، مضيفةً «إن ذلك كان بناءً على افتراض أن ياسين المريض والمعاق لا يشكل خطراً على إسرائيل»، هذا الافتراض بحسب القناة ثبت خطأه في اللقاء الصحافي الأول معه بعد الإفراج، حيث شدّد على حق الفلسطينيين في مقاومة إسرائيل.
ثم أجرت القناة مقابلة مع رئيس جهاز الشاباك آنذاك آفي ديختر وقدمت للمقابلة معه بالقول «آفي ديختر وزير حماية الجبهة الداخلية، ورئيس الشاباك في فترة تصفية ياسين يملك تاريخاً شخصياً طويلاً مع الرجل الذي تحول بالنسبة إليه إلى نوع من الهوس»
وأوضح ديختر تجربته مع الشيخ ياسين «لقد شككت بالشيخ ياسين في كثير من الأمور، في أمر واحد لم أشك في أن يصبح معتدلاً. إنه يعرفنا جيداً، هذا الرجل المعاق المسكين صاحب الصوت المخنوق والذي يعاني من التهاب رئة خطير يبدو مظهره كأخي الأم تريزا، لكن هذا الرجل شرير وأنا لم أشاهد في حياتي كل هذا الشر في مثل هذا الجسد الضئيل».
وعلقت القناة على اللقاء مع ديختر بالقول «خلال الانتفاضة الثانية، اتضح أن الرجل المعاق والمريض الذي خشيت إسرائيل أن يموت في السجن قادرٌ على أداء مهماته، الصورة الاستخبارية التي طرحت على طاولة وزير الأمن في تلك الأيام شاؤول موفاز لم تبق مكاناً للشك».
وزعم وزير الجيش الإسرائيلي آنذاك شاؤول موفاز للقناة في هذا السياق «لقد كان من رواد العمليات الانتحارية ضدنا أيضاً في الدلفيناريوم وفي نتانيا والقدس في قائمة طويلة من الهجمات الإرهابية، عشرات الهجمات».
ورداً على سؤال القناة عن مصدر المعلومات التي أكدت أن ياسين من كان يصدر الأوامر للقيام بعمليات ضد إسرائيل، أكد موفاز أن «هذه المعلومات مستقاة من آلاف الاعتقالات التي نفذت في تلك الفترة ومن المحادثات التي تتم بينهم، ومن معلومات استخبارية حصلنا عليها، وكان لدينا معلومات من أكثر من مصدر تؤكد أن ياسين يفتي بمشروعية العمليات الانتحارية».
بدوره، أكد رئيس جهاز الشاباك ديختر أنه لم يكن هناك خلافات مع موفاز حول كيفية التخلص من ياسين، بل كانت هناك نقاشات، موضحاً أن «المعضلة لم تكن هل سنمسّ به أم لا، بل هل يمكن استخدام وسائل أخرى؟ لقد خشينا من موجة إرهاب واسعة النطاق أكثر مما نعرف، لقد خشينا أنا وعدد غير قليل من القيادات أن تمتد الهجمات خارج نطاق الدولة».
وألقى موفاز الضوء على النقاش حول اغتيال ياسين «لقد كان هناك نقاش حاد حول كيفية رد الفلسطينيين، أن الرعب سيكون كبيراً جداً، وأنه سيكون هناك رد وتظاهرات، ولكن لم اعتقد أن ذلك سيغير سلم الأولويات داخل إسرائيل بطريقة تؤدي إلى الندم على عملية التصفية».
وسألت القناة موفاز «من شارك في ذلك النقاش؟» فرد «على طاولة النقاش، جلس وزير الأمن قبل أن نذهب إلى رئيس الحكومة وقادة الاستخبارات وقائد الشاباك ورئيس الموساد، كما شارك في الجلسة بقية قادة الأجهرة الأمنية الآخرين وقائد الأركان، ولقد كان ذلك نقاشاً مفتوحاً حول طاولة مستديرة، وكل واحد أبدى رأيه. وفي النهاية كان يجب أن نتخذ قراراً في مسألة اغتيال الشيخ ياسين».
وتحدث ديختر عن تحركات الشيخ ياسين قبل اغتياله «في أحد الأيام، لاحظنا أنهم يقودونه في الليل إلى المسجد». ووصف موفاز تلك اللحظات «وكنا جالسين في انتظار أن يخرج ليدخل إلى الجيب، ثم لإصدار التعليمات، لكنه لم يخرج وأصبحت الساعة الثانية عشرة ليلاً وسألوني، ماذا نفعل؟ قلت لهم لن ننتظر حتى ينهي صلاته، ولكن كل المنظومة التي تدربت على تنفيذ التصفية يجب أن تبقى في مكانها».
وكشف قائد سلاح الجو الإسرائيلي آنذاك، دان حالوتس، أن «الطائرات حلقت في الجو بشكل متواصل على مدار الساعة، طبعاً تم استبدالها كل فترة، نحن نتحدث عن طائرات بطيار وبدون طيار وطائرات استطلاع، وأيضاً الكثير من الأمور التي لا يجب أن نتحدث عنها».
ثم قال موفاز «جاء الهاتف في الساعة الرابعة والنصف فجراً، وعلمنا بوجود تجمعٍ على باب المسجد، وكان برفقتة ما بين ستة إلى سبعة حراس من مخرّبي حماس، حيث كانوا يحيطون به وقادوه على كرسيه نحو منزله».
وكشف ديختر أن حراس ياسين دفعوه على كرسيه المتحرك بسرعة، لكن بعد ثوانٍ من خروجه من المسجد تم تشخيصه بدقة. وسألت مذيعة القناة ديختر إن كانوا شاهدوه عبر كاميرات طائرات الاستطلاع، فردّ «عندما أقول شاهدته لا تظني أني رأيته كما نرى بالعين، أن نراه استخبارياً أمرٌ معقد جداً، يعني أننا نرى عبر التصوير من الجو ومن الأرض».
من جهته، قال قائد سلاح الجو الإسرائيلي «في تلك اللحظة، كان هناك سرب طيران، واقترب القائد وقال أنا أستطيع التنفيذ ونفذ بشكل دقيق».
وختمت معدة التحقيق التلفزيوني بالقول:
«منذ عام ألفين وواحد، اغتالت إسرائيل داخل غزة فقط مئتي إرهابي من الكبار، وهذا لا يشمل المئات من المخربين العاديين، كل من شارك في عملية تصفية ياسين يعتقد حتى اليوم أن التصفيات هي الطريقة الأكثر فعالية ضد الإرهاب، ففي حال ضرب رأس الأفعى لن تتمكن الأفعى من اللسع لوقت ما، لكن أفغى غزة تعوض رأسها بسرعة مثلما تستبدل الأفعى جلدها».(زمن برس)