علاقة الحكومة والضمان ونقابة الصحفيين مع الصحف الورقية

تم نشره الأحد 09 شباط / فبراير 2014 12:55 صباحاً
علاقة الحكومة والضمان ونقابة الصحفيين مع الصحف الورقية
د . فطين البداد

لا أعتقد أن الدراسة التي أعدتها نقابة الصحفيين في الأردن لـ " إنقاذ " الصحف الورقية قد تم الإستجابة لها من قبل الحكومة ، حتى وإن قرر مجلس الوزراء يوم الأربعاء الماضي تعديل أسعار الإعلانات الحكومية في الصحف الورقية واعتماد 100 فلس لكل كلمة ، بدلا عن 65 فلسا اعتمدت منذ العام 1973 .

قرار مجلس الوزراء جاء استجابة لضغوط تعرضت لها الحكومة من قبل موظفي الصحف ، وصلت إلى حد التهديد بوقف الطباعة " الرأي " واعتصامات في الشوارع " الدستور " ولقاءات مع ممثلي النقابة في لجنتي الحريات وحقوق الإنسان والتوجيه الوطني النيابيتين .

دراسة نقابة الصحفيين المذكورة تم إعدادها من قبل النقابة والصحف معا ، وخرجت بتوصياتها التي تؤكد جميعها على دعم الصحف الورقية من خلال تعديل تعرفة الإعلان ، والإشتراكات ، وفات هذه الجهات أن الحكومة مفلسة ، ولا تملك تغطية موازنتها السنوية .

والذي يثير الإعجاب ، هو صلابة موقف رئيس الوزراء في هذه الناحية ، حيث حمل " العصا " من الوسط ، وأقول " العصا " لأن إفلاس بعض الصحف الورقية ، أو بالأحرى ، تأخير إعلان إفلاسها يجيء بدعم حكومي استنادا إلى المسؤولية الإجتماعية التي تطلع بها الحكومات ، والصحفيون مواطنون لهم عائلات ، ومن حقهم الدعم ، ولكن : أي دعم ؟ .

إن قرار مجلس الوزراء الذي نحن بصدده ، ليس قرارا تنفيذيا كما فهمه البعض ( باستثناء تعرفة الإعلان المعدلة بحسب الكلمة وإعادة الإشتراكات ) بل لا يعدو أن يكون قرارا بإجراء " دراسة " لتوصيات النقابة الأخرى ، وأن تقوم دائرة اللوازم العامة بوضع أسس لنشر الإعلان الحكومي في الصحف الورقية ، وأن يتم ذلك بحسب أوامر الطبع وعدد النسخ المطبوعة وحجم التوزيع ، وأن يجري كل ذلك تحت رقابة ديوان المحاسبة .

وأيا كان الأمر ، فإن على الصحف الورقية – أخص بالذكر شبه الحكومية - أن لا تفرح كثيرا ، ذلك أن الإنحناء للعاصفة قد لا يطول كثيرا ، خاصة وأن المشتغلين في الإعلام الورقي يعرفون بأن اشتراك الوزارات بخمس نسخ ، والمؤسسات بثلاث ، يتم دفع تكاليفه من الموازنة العامة ، ونذكر جميعا كيف أن إلغاء العمل بالتوقيت كلف الحكومة ما يصل لعدة ملايين دون العشرة ، فتم " تدبيرها " بطريقة لا يعرفها أحد حتى الآن ، وإن هذا الإجراء الحكومي لا يحل أزمة الصحف التي وجب عليها تطوير نفسها لتنافس الصحافة الألكترونية ، ولا يكفي أن تؤسس كل صحيفة لنفسها طبعة ألكترونية لتدخل بوابة الإعلام الرقمي ، بل يجب أولا تغيير العقلية في التعاطي مع الخبر ، وخلق حوافز حقيقية للصحفيين بمكافأة المبدع والخلاق : أي التمييز بين الصحفي العامل والصحفي الخامل ، وأن تبتكر هذه الصحف وسائل جذب تنافسية تدفع بها كل لحظة وكل حين إلى أن تكون حاضرة أمام القراء باحترافية طرحها، وقوة خبرها ، والأهم من كل ذلك مصداقيتها وجرأتها وشفافيتها : فتعاملها مع القارئ " الإنسان " أكبر تحد لها لكونه يرى غيرها ويسمع من سواها .

إن صحفا مثل نيويورك تايمز ، وواشنطن بوست تلجآن إلى نشر مقاطع فيديو من اليوتيوب لقراء عاديين ، وقد يكون تصوير هذه المقاطع رديئا وتم بهاتف نقال ، أو كاميرا بدائية ، ولا يعني هذا أن هاتين الصحيفتين أفلستا خبريا ، بل يعني أنهما فهمتا لغة العصر التي يبدو أن " بعض " الصحف - أقول بعض - لا تريد أن تفهمها ، ولا يجب أن ننسى بأن واشنطن بوست ألغت طبعات العديد من إصداراتها وسرحت مراسليها في عدة ولايات ومدن أمريكية جراء التنافس بين الورقي والرقمي ، وعليه قس ، ولعل من التفكر والتدبر معرفة كيف أن صحيفة مثل " ديلي ميل " تمكنت خلال شهر من تسجيل دخول على موقعها الألكتروني وصل إلى 45 مليون متصفح ، وكلك موقع نيويورك تايمز الذي سجل دخولا وصل إلى 44 مليونا في شهر واحد .

إن بإمكان الصحف الورقية تخفيض ثلثي تكاليفها من خلال الحضور الألكتروني ، وأن تتخذ القرارات الصائبة في كل ما يتعلق بذلك ، لا أن تطلب من الدولة دعمها ، ومن الضمان الإجتماعي البقاء على صمته عنها ، فالقضية قضية نهج مريض لا ينفعه استبدال الأعضاء ، وقضية نزيف مستمر لا يتوقف فقط بضخ الدماء التي تتبرع بها الحكومات من شقاء الناس وعرقهم وكدهم .

إن في الصحف اليومية صحفيين أساتذة محترفين ، وإنه من الغبن ، أن تدفع رواتبهم من جيوب المواطنين بواسطة موازنات الحكومات ، ومن ادخارات الأردنيين في الضمان ، ومن حق هؤلاء أن لا تزاحمهم " الحمولات الزائدة " والزمالات البائدة .

أسأل الضمان هنا : ماذا سيكون موقف إدارته إن ووجهت بقضية يرفعها أي مشترك ، يشكو من هدر ادخاراته ، وبعثرة أمواله ؟؟ .

إن أموال الضمان مدخرة لأجيال الأردنيين ، وإن إنفاق أي قرش من ادخاراتهم يتطلب موافقتهم أولا ، وإلا فإن القضية تصبح ذات معنى آخر ، والمعنى المقصود ليس في بطن الشاعر .

د . فطين البداد 

 fateen@jbcgroup.tv



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات