المعشر .. إبن النعمة !

المدينة نيوز ـ خاص - كتب محرر الشؤون المحلية - : عندما فاجأ نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر أحزاب المعارضة بحضور مؤتمرهم الاقتصادي الوطني قبل ايام، ربما تمثل شخصية والده السياسي الراحل صالح المعشر الذي كان عضوا في الحزب الوطني الاشتراكي وفاعلا في صفوف المعارضة الوطنية قبل نصف قرن تقريبا، لكن الدكتور رجائي المعشر ظل في السنوات الماضية "يستطيب " ممارسة المعارضة الهادئة من داخل بيت الحكومة، وخاصة في قراءته المختلفة للبرامج الاقتصادية للحكومات السابقة.
ابو صالح الذي يترأس اليوم الفريق الاقتصادي في الحكومة، ربما يكون واحدا من اكبر الوزراء سنا، إن لم يكن اكبرهم بالفعل، يسعى من وراء حجاب الى رسم سياسة اقتصادية تكون ملزمة لزملائه الذين يستمعون الى تحليلاته جيدا ً.
عندما التقى ممثلي مؤسسات المجتمع المدني، بما في ذلك احزاب المعارضة، في جمعية البنوك الاردنية، اراد ان يقول للجميع ان اقتصادنا الوطني في وضع صعب، وان الحكومة قد تتخذ العديد من الاجراءات في اطار فرض مزيد من الضرائب من جهة اخرى، وليس مهما ًكم كانت درجة اقتناع الشارع الاردني وهو يستمع الى تصريحات حكومية تشير الى ان ضبط النفقات اسهم في توفير 160 مليون دينار خلال الشهرين الاولين من عمر الحكومة، وفي هذا محاولة للايحاء بان البرنامج الاقتصادي الذي يقف وراءه ابو صالح قد أتى أكله سريعا .
قيل إنه دخل الحكومة رغما عنه ، وقيل إنه سبق وتقدم باستقالته ، وما بين القولين مسافة شاسعة من الغابات المطيرة التي تحتجب فيها الرؤيا .
السيارات الهجينة التي زمرت لها الحكومة بذريعة أنها سيارات صديقة للبيئة، وملائمة لشوارع عمان ، وتلك الاتفاقيات التي تم توقيعها مع جهات دولية عديدة بوحي من قلق على ثقب الاوزون ، وصدوعا لقرارات قمة الارض، وغير ذلك من متشابهات ومشتبهات ، كل ذلك وغيره أوحي للكثيرين بأن السيارات إياها يمكن ان تسهم فعليا في حل مشكلة البيئة، خاصة بعد ان راينا الحكومة متحمسة لها، وقدمتها للشعب معفاة من الضرائب ، فماذا جرى ؟
ربما اكتشفت الحكومة، بايحاء من تحليلات فريقها الاقتصادي، ان تلك السيارات ليست صديقة للبيئة، لذلك اعلنت ندمها لانها لم تفرض عليها ضرائب تسهم في رفد خزينة الدولة التي يعتقد الدكتور المعشر ان رفوفها لم تعد متماسكة كما ينبغي، وان الخزينة خسرت 96 مليون دينار، حين قررت في لحظة صفاء التنازل عن حصتها من الضريبة.
ربما لا يعرف الدكتور المعشر والفريق الاقتصادي ان السيارات الهجينة يمكن ان تصبح واحدة من المشاكل العالقة في البلاد، فالنافذون في الاساس لا يستعملون هذا النوع من السيارات الذي قد يتعارض مع مقومات هيبتهم الاجتماعية، ومستوردو تلك السيارات قاموا باخفائها طمعا ًفي زيادة اسعارها بوحي من قرارت حكومية مقبلة، وشوارع عمان لم تتآلف بعد مع أصوات محركات تلك السيارات التي ما تزال هجينة في نظر مستخدمي الشوارع وعابريها من رواد الارصفة الغلابى .
كيف ستبرر الحكومة موقفها وهي تلغي قراراتها السابقة ووعودها للفقراء الذين لا علاقة لهم بسيارات الدفع الرباعي او تلك الانواع التي لا يستطيعون مجرد الحلم باقتنائها .
من المؤكد ان خبيرا اقتصاديا بمواصفات أبي صالح سيجد "فتوى " لزملائه في الحكومة، لكن رجل الاقتصاد الذي انحاز دائما لحرية الصحافة من خلال دعمه لسقف الحرية في الزميلة العرب اليوم، يعرف ان الاعلام لن يسكت في مواجهة قرارات مرتبكة، او سياسات لا تستند الى قراءة صحيحة للراهن والمستقبل، ولعل السيارات الهجينة تكون قادرة على دق الجرس في بيت الحكومة، في زمن صارت فيه المعلومة متوفرة لمن يطلبها من المواطنين.
نعرف الدور الذي يلعبه الدكتور رجائي المعشر ونعرف كذلك رؤية الرجل ومواقفه السابقة، بل انتقاداته الصريحة لبعض السياسات الحكومية الماضية ، ولذلك فاننا نراهن على الحكمة، تماما مثلما نراهن على قرار حكومي ينحاز الى الفقراء من المواطنين بعدم فرض ضرائب جديدة على جيوبهم التي اصبحت خاوية تماما كبطونهم المتقلصة والمتمددة كانتماءات أبناء النعمة ، وبرغم أن أبا صالح إبن نعمة ، إلا أنه – بالطبع - ليس من بين هؤلاء !! .