مؤتمرون يدعون لشرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل

المدينة نيوز: - أجمع مشاركون في مؤتمر عمان الأمني أن إنشاء منطقة شرق أوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل هو هدف يتطلب تعاون جميع الدول دون الحاجة إلى طرف خارجي.
وأكدوا أن وجود أسلحة الدمار الشامل في المنطقة ما يزال يشكل أكثر العوامل خطورة لعدم الاستقرار فيها، فضلاً عن الاحتلال الإسرائيلي.
جاء ذلك خلال انطلاق أعمال المؤتمر في موسمه التاسع، اليوم الأربعاء، والذي رعاه مندوباً عن سمو الأمير عائشة بنت الحسين، رئيس الجامعة الأردنية الدكتور اخليف الطراونة.
وشدد المؤتمرون على منع عصابة داعش الارهابية من امتلاك قدرات غير تقليدية وأسلحة دمار شامل بيولوجية وكيميائية، خصوصا أن لديها الموارد المالية والبشرية لامتلاك مثل هذه الأسلحة.
وأكدوا "وجود أدلة لاستخدام عصابة داعش عوامل الغاز والخردل، فضلاً عن إنشائها بعض مرافق الإنتاج البدائية، ما يستدعي العمل مع دول المنطقة، للتأكد من أن جميع المواد المتداولة هي آمنة قدر الإمكان، وبعيدة عن أيدي داعش والجماعات الإرهابية الأخرى".
وأشاروا إلى "أن ذلك يعني تأمين وإزالة كل ما تبقى من المواد المجهولة في برنامج الأسلحة الكيميائية في سورية"، مطالبين في الوقت نفسه بـتكاتف الجهود بجميع أنحاء المنطقة لنزع الشرعية عن "داعش" وتفاسيره الملتوية للإسلام، وتمجيده للعنف الإرهابي، والعمل مع الأطراف المعنية للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية.
وتشارك نحو 150 شخصية تمثل 40 دولة عربية وغربية في المؤتمر، الذي ينظمه المعهد العربي لدراسات الأمن على مدار يومين في الجامعة الأردنية، بهدف دراسة التحديات الأمنية بالمنطقة وفرص الوصول إلى منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.
وقالت مساعد وزير الخارجية الأميركي روز غوتمولر انه إذا أردنا الوصول إلى منطقة شرق أوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل "فلا بد من إيجاد خطة مشتركة لحظر الانتشار النووي، تمنع إيران من تطوير أسلحة نووية".
وأضافت إن الاتفاق النووي مع إيران، "ألزم الأخيرة أن تبقى في حدود الأغراض السلمية والعلمية، ما شكل حلا سلميا مع طهران دون تأثر العلاقات السياسية والدبلوماسية معها".
وأكدت أن إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل يتطلب تعاون جميع دول المنطقة واجتماعها على طاولة الحوار دون تدخل خارجي لإنهاء الخلافات وإرساء السلم العالمي، لافتة إلى "أن التدخل الخارجي كان من شأنه عرقلة الأمور".
وقالت غوتمولرإن المنطقة على مفترق طرق تجاه إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، داعية القائمين على المؤتمر عند عقده العام المقبل إلى التفكير بقرارات صعبة للمضي قدما في إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل والانتشار النووي.
وثمن الأمين العام المساعد في حلف شمال الأطلسي "الناتو" زورين دوكارو جهود جلالة الملك عبدالله الثاني في نقل رسالة الإسلام السمحة والمعتدلة خلال زيارته لمقر الحلف بشهر آذار الماضي.
وقال إن الأردن ادى دورا حاسما في استقبال الكثير من النازحين من الصراع السوري، والذي أدى لضغط كبير تجاه النظام الاجتماعي والمالي الخاص بالمملكة، مقدرا الجهد الإنساني الهائل التي قام به الاردن لعدة أعوام.
وأضاف "إن الأردن أحد أقرب شركاء حلف "الناتو"، حيث أرسل قوات ذات مهنية عالية للعمل جنبا إلى جنب مع قوات الحلف بالبلقان وأفغانستان".
وقال دوكارو "إن قمة "الناتو" التي عقدت في ويلز، كان عليها التعامل مع أكبر التحديات لأمننا منذ نهاية الحرب الباردة، ليس فقط فيما يتعلق بالقضية الروسية الأوكرانية، لكن أيضا بالتعامل مع تهديدات متعددة على عتبة الحلف جنوبا، وبمناطق الشرق الأوسط والخليج".
وأكد دوكارو أن التعامل مع تهديدات المنظمات الإرهابية يتطلب جهدا متعدد الجنسيات واسع النطاق يشمل مجموعة من التدابير المختلفة، إذ من الضروري تكامل البعد العسكري مع الجهود الرامية إلى تعطيل أنشطة "داعش" العملية والمالية والتصدي لأيديولوجيتها السامة في شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية".
وفيما بين أن دول حلف "الناتو" تقود حاليا "عمل عسكري لهزيمة داعش، وإعادة بناء قدرات قوات الأمن العراقية المحلية وغيرها"، شدد على منع تدفق المقاتلين الأجانب إلى سورية والعراق، فضلاً عن الحاجة لزيادة الإغاثة الإنسانية لملايين اللاجئين وغيرهم من "ضحايا وحشية (داعش)".
وشدد على الحاجة إلى "جهد متواصل في جميع أنحاء المنطقة لنزع الشرعية عن "داعش" وتفاسيره الملتوية للإسلام، وتمجيده للعنف الإرهابي، بالإضافة إلى الضغط على روسيا لمحاربة "داعش" بدلاً من محاربة المعارضة السورية المعتدلة، والعمل معنا لضمان الانتقال السلمي للسلطة بعيداً عن نظام بشار الأسد (الرئيس السوري)".
وأكد دوكارو أهمية "منع (داعش) من امتلاك قدرات غير تقليدية وأسلحة دمار شامل بيولوجية وكيميائية، خاصة أنها لديها الموارد المالية والبشرية لامتلاك مثل ذلك"، مبيناً أنه "يوجد أدلة لاستخدام (داعش) عوامل الغاز والخردل، وإنشاءها بعض مرافق الإنتاج البدائية".
وذكر أن ذلك يستدعي العمل مع دول المنطقة، للتأكد من أن جميع المواد المتداولة هي آمنة قدر الإمكان، وبعيدة عن أيدي "داعش" والجماعات الإرهابية الأخرى، ما يعني ضرورة تأمين وإزالة كل ما تبقى من المواد المجهولة في برنامج الأسلحة الكيميائية بسورية".
أكد رئيس جهاز الأمن الوطني الكويتي سمو الشيخ ثامر الصباح أن التكافل العربي يحتاج توافر ثلاثة ركائز أساسية، هي: الإرادة السياسية القوية والصلبة، الشروط الموضوعية والتي تتمثل في التجانس العضوي والتباين الوظيفي، والإجراءات والخطوات التنفيذية التي يجب أن تتكامل على أرض الواقع وتدعو الجميع إلى الإيمان بضرورته وجدواه.
وفيما قال "إن هذه الركائز لا يبدو أنها متوافرة الآن"، دعا الدول العربية إلى "إعادة النظر في واقعها، بما يؤهلها للاستجابة السلمية، خصوصاً بعد بداية الانتفاضات الشعبية بدول عربية وأحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001.
وأضاف الصباح بما "أن الولايات المتحدة الأميركية تحاول إثارة المنافسة بين أكثر من قوة في الإقليم الواحد وتمنع ظهور قوة مهيمنة، فإن مستقبل المنطقة العربية وغيرها، سيتوقف على عاملين": الأول "مدى إمكانية النجاح في طرح نموذج للتكامل الإقليمي يحد من هذه المنافسة"، والاخر "قدرة هذه القوى الإقليمية الصاعدة على تحمل عوامل الإنهاك، أي على الصبر في المنافسة والقدرة على تحمل الخسائر".
وتحدث رئيس هيئة الطاقة الذرية الدكتور خالد طوقان عن أثر الربيع العربي على البرنامج النووي الأردني والاحتياطات التي تتخذها الهيئة في ظل تنامي التطرف بالمنطقة.
وقال إن البرنامج النووي الأردني باستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية يعد برنامجاً شمولياً متكاملاً يتكون من ثلاثة مشاريع كبرى وهي: تطوير وتعزيز البنية التحتية البشرية بما في ذلك إنشاء وتشغيل مفاعل نووي بحثي، بناء وتشغيل المحطة النووية الأردنية، وتعدين اليورانيوم.
ويهدف البرنامج، بحسب طوقان، إلى الإسهام في حل مشكلة الطاقة المتفاقمة التي ألقت بثقلها على الاقتصاد الوطني، نظرا لعدم وجود مصادر طاقة احفورية وطنية والاعتماد الكلي على الاستيراد من الخارج الذي يتأثر بشكل مستمر بتقلبات السياسة العالمية والوضع الإقليمي.
وأوضح أن البرنامج النووي الأردني هو متطلب وطني اقتصادي اجتماعي يهدف إلى تحقيق أمن التزود بالطاقة واستقلاليتها.
وأشار إلى قول جلالة الملك حول البرنامج النووي الأردني بانه سيكون أنموذجا يحتذى في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية بالشرق الأوسط، وسيتابع الأردن تنفيذ برنامجه النووي بالتوافق والانسجام مع المقاييس والمعايير والقوانين الدولية ذات العلاقة باستخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية.
وقال طوقان إن تنامي حاجة الدول العربية لامتلاك برامج نووية يعود لتبعات الصراع العربي الإسرائيلي، واحتكار إسرائيل للطاقة النووية وامتلاكها لغايات عسكرية عدوانية توسعية.
وبين أنه ومنذ انطلاق ما يسمى بالربيع العربي وبروز حركات شعبية احتجاجية والتي "جاءت نتيجة لتراكمات سياسية واقتصادية واجتماعية وفساد استشرى ونخر في مفاصل الدول والمجتمعات، فعمت فيها الفوضى وتأثرت البنى التحتية لتلك الدول ومنها البنى التحتية للطاقة النووية، ما يستلزم توخي أقصى درجات الحيطة والحذر وترسيخ مفهوم أمن المنشآت النووية".
إلى ذلك، قال الرئيس السابق للمجلس الانتقالي السوري الدكتور برهان غليون: "إن التدخل العسكري الروسي في سورية قلب المعادلة، بعدما كانت المعارضة السورية تتقدم على الأرض"، لافتاً إلى تسليط الأضواء على "التدخل الروسي من خلال وضعه في إطار أوسع من الأزمة السورية، والنظر إليه كصراع غربي روسي".
وفيما يتعلق ببيان القاهرة لحل الأزمة السورية، قال غليون إنه مع تطبيق قوانين الأمم المتحدة، مضيفاً من المفترض أن يسهم البيان في "تعزيز دور المعارضة وتمكينها من الدخول قوية ومن دون انقسامات إلى المفاوضات المزمع إجراؤها مع النظام السوري للتوصل إلى حل سياسي يضمن وقف الحرب وعودة سورية إلى السلام والاستقرار. لكنه عمل على تقسيم المعارضة وتشتيتها".
وأوضح أنه ولإنجاح حوار المعارضة لا بد أن تجتمع على طاولة النقاش بنفسها دون تدخل أطراف خارجية، وأن يكون هناك لجنة حيادية تدعو لمؤتمر تشارك به جميع الأطراف.
إلى ذلك، قال مدير مركز دراسات الأمن، عضو اللجنة التنسيقية للمؤتمر، الدكتور أيمن خليل إن المؤتمر يعد أحد أهم التجمعات المتخصصة على المستوى الإقليمي التي تعقد بشكل منتظم، وتعنى بالقدرات غير التقليدية والتي تشمل القدرات النووية والبيولوجية وتهدف إلى القاء الضوء على المشهد الدولي للحصول على رؤية متوازنة واضحة.
وأضاف إن المؤتمر يهدف أيضاً إلى بحث خيارات السياسة الخارجية، والتعاون الإقليمي، ونزع السلاح وحظر الانتشار النووي، مع التركيز بوجه خاص على منطقة الشرق الأوسط.
ويبحث المؤتمرون تطوير برامج الطاقة النووية للأغراض السلمية في الوطن العربي، والتهديدات التي تواجه المنشآت النووية، وتعزيز نظام الأمن النووي وتنمية القدرات اللازمة لتوفير الأمن الفعال للمحطات النووية.
وتناول المشاركون الاتفاق النووي مع ايران ومستقبل المنطقة ما بعد الاتفاق، فيما عرضوا تحليلا نوعيا ومتوازنا حول تفاصيل الاتفاق النووي والفرص والتحديات التي تواجه المنطقة.
ويخصص المؤتمر خلال أعماله يوم غد الخميس مساحة للتحدث عن حيازة التنظيمات المسلحة لقدرات غير تقليدية، واسلحة دمار شامل بيولوجية وكيميائية، اضافة للتعنت الاسرائيلي في مجال عدم الانضباط باتفاقية حظر الانتشار النووي، فضلا عن تداعيات فشل مؤتمر مراجعة اتفاقية حظر الانتشار النووي والذي عقد في نيويورك اخيرا.
ويتحدث كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات غدا حول أبرز التطورات التي تشهدها الساحة الفلسطينية، وتداعيات الأحداث الأخيرة على المشهد العربي.
ويصحب المؤتمر، بحسب خليل، عدد من الاجتماعات والفعاليات الموازية مثل الاجتماع التنسيقي الرابع للتجمع العربي للأمن وحظر انتشار اسلحة الدمار الشامل وهو كيان تم تأسيسه ببادرة من جامعة الدول العربية العام 2011.
إلى جانب احتضان أعمال الملتقى النووي وهو اجتماع سنوي يهدف لمناقشة قضايا الامن النووي ومستقبل البرامج النووية في المنطقة العربية، بالإضافة الى ورشة عمل متخصصة للصحفيين تركز على تنمية القدرات في مجال التغطية الصحفية المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل.
ويشارك في المؤتمر عدد من خبراء الأمن والدبلوماسيين والمحلقين العسكريين ومنتسبي الاجهزة الامنية والعسكرية وعدد من المنظمات الدولية ومستشارين وخبراء قانونيين ومحللي مخاطر وكوادر القطاع الاكاديمي والبحثي الى جانب ممثلي وسائل الاعلام.
(بترا)