الدولة العربية في أذهان مفكري العرب .. استقلال .. حرية .. عدالة .. هوية جامعة

تم نشره الأربعاء 17 آب / أغسطس 2016 01:03 مساءً
الدولة العربية في أذهان مفكري العرب .. استقلال .. حرية .. عدالة .. هوية جامعة
جانب من اللقاء

المدينة نيوز:- مؤيد الحباشنة ومازن النعيمي- خلصت ندوة متخصصة حول "الثورة العربية الكبرى ودورها في تشكيل النظام العربي" إلى أن فكرة الدولة العربية كانت ناضجة في أذهان مفكري العرب في بلاد الشام ومصر وعرب المهجر، واتضحت في الجمعيات الفكرية والأحزاب ومداخلات الموفدين العرب إلى مجلس "المبعوثان".

وعلى ذلك قدمت الندوة أنموذجا للدولة مثلته الحكومة العربية الفيصلية في دمشق والتي كانت أول تجربة عربية لقيام دولة عربية حديثة بعد انهيار الحكم العثماني، تبعها توحيد العراق (الموصل وبغداد والبصرة) تحت حكم واحد ليفضي إلى إقامة دولة ديمقراطية برلمانية دستورية، مثلما اعتبرت أن التجربة البرلمانية العربية الأولى في دمشق تعد أنموذجاً راقياً لبدايات الدولة وتطبيقاً متميزاً لفكر النهضة.

وشارك في الندوة التي نظمتها وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أساتذة التاريخ في جامعة آل البيت الدكتورة هند أبو الشعر، وفي الجامعة الأردنية الدكتور عبد المجيد الشناق، وفي جامعة اليرموك الدكتور أحمد الجوارنة.

ولفت المتحدثون إلى أن وجود تحديات وقفت أمام قيام الدولة العربية الموحدة ابتداءً من الزحف الأوروبي للمنطقة العربية واحتلالهم لدول المغرب العربي وبعض المناطق الواقعة على الخليج العربي باستثناء الحجاز وبلاد الشام والعراق التي كانت تتبع لحكم الدولة العثمانية، ومروراً بتبعيات الجهل والأمية، وانتهاء بالواقع الاقتصادي الصعب الذي كان يلقي بظلاله على المنطقة آنذاك.

وأكد المتحدثون أن الحديث عن الثورة العربية الكبرى وفكرها ومبادئها وسجل انجازاتها يتطلب الخوض في أدبيات الثورة وقراءة ما كتبه الآخرون عنها في إشارة إلى بعض الكتاب العرب في المهجر الذين تحدثوا عن عمق ونضج المطالب العربية بالحرية والاستقلال والحياة الفضلى تحت راية عربية موحدة جامعة.

وفي نقاش مستفيض تمخض عن تساؤلات واستفسارات للمتحدثين، تناولت الندوة مفاصل مهمةً في مسارات الثورة والفكر التنويري الذي كان يحمله الشريف الحسين بن علي وأنجاله، ودور جريدة القبلة في إظهار منجزات النهضة التي انبثقت عنها الثورة العربية الكبرى، وغياب الجريدة عن الدراسة والتحليل لفترة طويلة، إلى جانب غياب التوسع والبحث في فكر الثورة عن المناهج المدرسية، وجدلية نظرة الحكم على الدولة العثمانية التي امتدت ولايتها لأربعة قرون بين حضور من جهة، وغطرسة وظلم تمثل في ممارسات جمعية الإتحاد والترقي من جهة أخرى.

د. هند أبو الشعر.

واستهلت الدكتورة هند أبو الشعر حديثها بطرح تساؤلات عن "كيف فكر العرب في شكل الدولة التي يريدونها بعد انهيار الدولة العثمانية؟" فالعرب -حسب قولها- لم يعرفوا طوال القرون الأربعة غير نموذج الدولة العثمانية التي لم تعرف "هموم الرعايا ولن نسميهم مواطنين لأنهم في عرف دولتهم "رعايا".

واستعرضت بعضا من إجراءات الدولة في فرض الضرائب من الإقطاعيين على الرعايا، والتضييق عليهم، وممارسة أشد أنواع الاستبداد بحقهم وهي عوامل دفعت باتجاه التفكير بالخلاص من هذه الممارسات العبثية في اللغة والثقافة والاقتصاد.

وفي سرد تتابعي توقفت أبو الشعر عند مرحلة النصف الثاني من القرن التاسع عشر والتي شهدت بدايات حركة التنوير بظهور الجمعيات الأدبية والفكرية في بلاد الشام ومصر والأحزاب في الأستانة ودمشق وبيروت والقاهرة وبغداد وحلب وانتشار الصحافة العربية فيهم إضافة إلى بلاد المهجر، حيث كان لكل هذه المظاهر الفكرية أثرها في تشكيل فكرة الدولة العربية وصورة الحكم المطلوبة سواء كانت لامركزية أم مستقلة، وقد لعبت النخب السياسية العربية في الأستانة دوراً كبيراً في بلورة هذه التصورات خاصة مع قدوم المبعوثين العرب إلى مجلس المبعوثان أو بالبعثات العسكرية العربية إلى معاهد اسطنبول وتحديداً من العراقيين.

وظهرت كتابات بحسب قولها تؤكد على عروبة الخلافة وأنها في قريش كما جاهر بذلك عبد الرحمن الكواكبي أو على ضرورة قيام خليفة عربي في الحجاز يحكم الحجاز ويتولى الرئاسة الدينية لجميع المسلمين، مع انفصال العرب عن الدولة العثمانية وإنشاء دولة عربية تضم شبه الجزيرة العربية ودول الهلال الخصيب، وهو ما أشهره نجيب عازوري صاحب جريدة "جامعة الوطن العربي" ودعا إلى منح الحرية الدينية لجميع المواطنين، والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات، وكل هذه المقدمات تؤشر على أن المفكرين العرب كانوا يهيئون للانسلاخ عن الدولة ويطرحون البديل عنها، والتي كانت تتورط في الحروب والديون وتبالغ بفرض الضرائب على الرعايا من عرب وغير عرب.

ولفتت أبو الشعر إلى أن عقد مؤتمر باريس عام 1913 كان خطوة حاسمة في مواجهة العروبة مع الطورانية التي أثارها حزب الاتحاد والترقي بعد وصوله إلى السلطة، وقد خرج بقرارات تطالب بالإصلاح الحقيقي والتمتع بالحقوق السياسية والاشتراك بالإدارة المركزية، ومنحهم الإدارة اللامركزية في كل ولاية عربية، واعتبار اللغة العربية لغة رسمية في البلاد العربية وان تكون الخدمة العسكرية محلية في الولايات العربية إلا في الظروف التي تدعو للاستثناء الأقصى.

واستعرضت محاور الدولة العربية لدى الشريف الحسين بن علي في مملكة الحجاز، وشملت أن تكون الدولة العربية واضحة المعالم في مراسلات الحسين - مكماهون، حيث اعتبرت اللغة العربية هي معيار العروبة والمطالبة بالاستقلال، وتلازم العروبة والإسلام معا في كل مطالباته، وحصول الأقليات على حقوقهم باعتبار العروبة هي مقياس الانتماء للمواطنة، مثلما شملت توضيح لواجبات الحاكم والمحكوم، ومعاني ومفهوم المواطنة، وإعطاء راية الدولة العربية الهاشمية موقعا خاصا، وجعل الرموز العربية حاضرة في تشكيلها وتعميمها.

وتمثلت المحاور في ايلاء التعليم جل الرعاية ودوره في بناء الدولة والاهتمام أيضا في شؤون الحجاج وإدارة مواسم الحج، وانتقاء القضاة وإعطائهم موقعا مميزا، لتأكيده على العدالة والمساواة وإحقاق الحق وتطبيق القانون في الدولة، وإعطاء جيش الدولة العربية الهاشمية في الحجاز أهمية استثنائية، كما أبرزت المحاور رؤية الحسين للدولة العربية بأنها دولة واحدة موحدة، ولم يطرح تصورات لحكم مركزي أو لا مركزي لأنه كان يدعو للتحرر والاستقلال والوحدة.

وفي إطار حديثها عن جريدة القبلة، قالت أبو الشعر أن "القبلة" التي نطقت بلسان النهضة العربية واشرف على افتتاحياتها وساهم في بعضها دلت على أن صورة الدولة كانت واضحة في ذهن الشريف وممارسته، كما أنها تنطلق من ترابط العروبة والإسلام بسبب دوره المعنوي الكبير في العالمين العربي والإسلامي انطلاقا من حفاظه على حقوق الأقليات وتأكيدها ممارسة وفكرا.

وتناولت صورة الدولة في أول دولة عربية خارج الحجاز والتجربة البرلمانية العربية الأولى في دمشق وفكرة الدولة العربية ونضوجها في أذهان مفكري العرب، ووضوحها في الجمعيات الفكرية والأحزاب ومداخلات الموفدين العرب إلى مجلس المبعوثان، ودور الصحافة العربية والمهجرية، وقراءة تحليلية في حياة العرب تحت مظلة الدولة العثمانية عبر 402 من السنوات.

د. عبد المجيد الشناق.

وتوقف الدكتور عبد المجيد الشناق عند فكر الدولة ومتلازمة قيامها على عناصر أساسية تمثلت في (الإقليم الجغرافي والشعب والدستور)، مستعرضاً في الوقت ذاته جغرافية الوطن العربي وما أفرزته من أوضاع سياسية سلبية آنذاك أدت إلى استنهاض همم العرب وصولاً إلى قيام الثورة العربية الكبرى.

وعدد المناطق العربية التي كانت خاضعة لقوى الاحتلال الأوروبي، والتنازع عليها من قبل الألمان والاسبان والفرنسيين إضافة إلى الإنجليز والطليان، ابتداءً من المغرب العربي مروراً بالجزائر والاحتلال الفرنسي وتونس ومصر وليبيا وبعض مناطق شبه الجزيرة العربية، حيث لم تستطع الدولة العثمانية التصدي لهذا الزحف الأوروبي تجاه البلاد العربية، فيما بقيت بلاد الشام والعراق والحجاز تخضع مباشرة لها.

وفي قراءة تفصيلية لأهمية الحجاز كونه يوجد فيه حاكماً دينياً وسياسياً من آل بيت رسول الله – صل الله عليه وسلم- جاء الإجماع في بيان دمشق بالإقرار والاعتراف بان الشريف الحسين بن علي ملكاً للعرب، والذي لم يوافق عليه من قبل بريطانيا وفرنسا لأنه يتضارب مع مصالحهما، فمصطلح شعب موحد لإقامة دولة واحدة لم يكن مطروحاً.

ولفت الشناق إلى فكر الشريف الحسين في إدارة شؤون الحكم، حيث لم يدخر جهداً لتقوية دعائم الدولة سياسياً واقتصادياً وهذا ما دفع به لبدء مفاوضات مع بريطانيا وفرنسا من أجل الحصول على مساعدات مالية وعسكرية.

وبين أن الدولة أصبحت رهينة النتائج آبان انتهاء الحرب العالمية الأولى وخضوع فلسطين للاحتلال البريطاني، والساحل السوري للفرنسيين، وعلى إثرها كشف وثائق جديدة (سايكس بيكو) بعد اندلاع الثورة البلشفية في روسيا.

وعن عدم التزام بريطانيا وفرنسا بوعدهم تجاه العرب، بين أن عدم الوفاء لا يمكن تحميل مسؤوليته للشريف الحسين بن علي، حيث لم يكن بإمكان الشريف التخلص من المفاوضات والتحالفات مع هاتين الدولتين.

وتحدث الشناق عن الانقسام الذي أدى إلى خروج الملك فيصل من سوريا والذي لم يجد من يدافع عن الدولة العربية هناك ويتصدى لمحاولات استهدافها إلى أن ذهب إلى العراق وأرسى دعائم بناء الدولة الديمقراطية لتشكل انجازاً مهماً للهاشميين وأنموذجاً رائعاً للحكم.

وتناول الفكر التنويري للملك المؤسس عبدالله من الحسين واستشرافه للمستقبل من خلال فهمه العميق للعلاقات الدولية والدبلوماسية، والتي أفضت إلى تأسيس الدولة الأردنية بمؤسساتها الراسخة وهي نتاج فكر ومبادئ الثورة العربية الكبرى.

د. أحمد الجوارنة.

وقدم الدكتور أحمد الجوارنة قراءة تحليلية في أهمية جريدة القبلة والتي برهنت وفق قوله على الوعي السياسي القومي الذي كان يؤمن به شريف مكة ورجالات العرب من حوله، بل وجاءت لتحكي بصوت كل العرب الذين رفعوا راية الإصلاح والتغيير في المنطقة العربية من اجل رص الصفوف العربية والإسلامية لتأسيس منهج جديد يقف بوجه الظلم والاضطهاد الذي اكتوت بنيرانه البلاد العربية برمتها من خلال تعسف وتطرف سياسة الاتحاديين في الدولة العثمانية.

وقال إن "القبلة" رفعت شعار العروبة وربطت بين العروبة والإسلام وجعلت رسالتها خدمة للعرب والمسلمين ومجدت تاريخ العرب وحضارتهم ولغتهم وحثت على العمل بالتحلي بالأخلاق الحميدة والمثابرة، ونشرت أربعة مناشير خاطبت الأمة العربية فيها، ساعية إلى بث الوعي الديني والقومي عند العرب وتصحيح أخطاء ومغالطات كبيرة تجاه السلطان العثماني من جهة، وجمعية الاتحاد والترقي من جهة أخرى، بل ودفع وتحريض العرب للمطالبة بحقوقهم الأساسية التي انتقصتها حكومة الاتحاديين والتعاطف مع السلطان العثماني المعزول.

وأضاف أن "القبلة" من الوثائق المهمة المعاصرة لحركة النهضة العربية التي حمل مشعلها الشريف الحسين بن علي بثقافة ووعي وعمق معرفة، استطاع من خلالها توحيد صفوف العرب ودعوتهم للحفاظ على أركان الدولة بما يضمن لهم الاستقرار والحرية والحياة الفضلى.

واعتبر الجوارنة أنه من المغالطات التاريخية القول بأن الثورة العربية الكبرى هي ثورة مسلحة ضد الخلافة العثمانية، فهذا غير صحيح لأن الشريف الحسين وفي جريدة القبلة كان يدافع عن الخلافة العثمانية وعن الخليفة العثماني وكان قد شن حرباً على الدولة التركية التي تتزعمها حركة الاتحاد والترقي أو مجموعة الاتحاديين الذين أعلنوها صراحة ضد الإسلام والعروبة.

وفي حديثه عن بناء منجز الدولة الأردنية قال "يحق لنا في المملكة الأردنية أن نفتخر بالانجازات الكبيرة والكثيرة التي تحققت للشعب الأردني عبر مسيرته في الـ100 عام الماضية، وكنا محظوظين حينما تأسست المملكة عام 1921 على شراكة بين الهاشميين والشعب الأردني الذي بادر إلى البيعة والولاء إلى العائلة الكريمة"، حيث ترسخت قيم العدالة والمساواة وتحقيق الأمن والرفاهية والاستقرار الذي نعم به أجدادنا وآباؤنا وننعم به نحن الآن.

ودعا الجوارنة إلى أهمية حمل المناهج التربوية والتعليمية فكر ومبادئ الثورة العربية الكبرى بقراءات تحليلية تبرز أهدافها ومطالبها في العيش الكريم والحرية والاستقلال والوحدة والديمقراطية والعدالة.

وفي نهاية الندوة أجاب المتحدثون على الأسئلة، حيث أشارت الدكتور هند أبو الشعر إلى أن الإشكالية الكبيرة في الحكم على الدولة العثمانية يأتي من عدم معرفة ما قام به العثمانيون وجمعية الاتحاد والترقي ضد العرب، فيما اعتبرت أن أحرار العرب الذين أعدمتهم السلطات العثمانية كانوا ناطقين باسم العرب ومطالبين باستقلالهم.

فيما رأى الدكتور عبد المجيد الشناق أنه عندما دخلت الدولة العثمانية في بداية حكمها كانت تتصدى للمطامع الأوروبية (البرتغالية والإسبانية) في المنطقة العربية، لكن العديد من الممارسات من قبل جماعات الاتحاديين ضد العروبة والإسلام دفعت إلى انهيار دولتهم سياسياً واقتصادياً.

وأعاد الدكتور أحمد الجوارنة تأكيده على ضرورة تدريس فكر ومبادئ الثورة، والاستمرار في إعادة نشر جريدة القبلة التي بلغت أعدادها 823 نسخة وتشكل سرداً لأهم وثائق حركة النهضة العربية، فيما أيد الجوارنة ما ذهبت إليه الدكتورة هند أبو الشعر في إشكالية الحكم على الدولة العثمانية.

وتوقف الدكتور عبد المجيد الشناق عند فكر الدولة ومتلازمة قيامها على عناصر أساسية تمثلت في (الإقليم الجغرافي والشعب والدستور)، مستعرضاً في الوقت ذاته جغرافية الوطن العربي وما أفرزته من أوضاع سياسية سلبية آنذاك أدت إلى استنهاض همم العرب وصولاً إلى قيام الثورة العربية الكبرى.

وعدد المناطق العربية التي كانت خاضعة لقوى الاحتلال الأوروبي، والتنازع عليها من قبل الألمان والاسبان والفرنسيين إضافة إلى الإنجليز والطليان، ابتداءً من المغرب العربي مروراً بالجزائر والاحتلال الفرنسي وتونس ومصر وليبيا وبعض مناطق شبه الجزيرة العربية، حيث لم تستطع الدولة العثمانية التصدي لهذا الزحف الأوروبي تجاه البلاد العربية، فيما بقيت بلاد الشام والعراق والحجاز تخضع مباشرة لها.

وفي قراءة تفصيلية لأهمية الحجاز كونه يوجد فيه حاكماً دينياً وسياسياً من آل بيت رسول الله – صل الله عليه وسلم- جاء الإجماع في بيان دمشق بالإقرار والاعتراف بان الشريف الحسين بن علي ملكاً للعرب، والذي لم يوافق عليه من قبل بريطانيا وفرنسا لأنه يتضارب مع مصالحهما، فمصطلح شعب موحد لإقامة دولة واحدة لم يكن مطروحاً.

ولفت الشناق إلى فكر الشريف الحسين في إدارة شؤون الحكم، حيث لم يدخر جهداً لتقوية دعائم الدولة سياسياً واقتصادياً وهذا ما دفع به لبدء مفاوضات مع بريطانيا وفرنسا من أجل الحصول على مساعدات مالية وعسكرية.

وبين أن الدولة أصبحت رهينة النتائج آبان انتهاء الحرب العالمية الأولى وخضوع فلسطين للاحتلال البريطاني، والساحل السوري للفرنسيين، وعلى إثرها كشف وثائق جديدة (سايكس بيكو) بعد اندلاع الثورة البلشفية في روسيا.

وعن عدم التزام بريطانيا وفرنسا بوعدهم تجاه العرب، بين أن عدم الوفاء لا يمكن تحميل مسؤوليته للشريف الحسين بن علي، حيث لم يكن بإمكان الشريف التخلص من المفاوضات والتحالفات مع هاتين الدولتين.

وتحدث الشناق عن الانقسام الذي أدى إلى خروج الملك فيصل من سوريا والذي لم يجد من يدافع عن الدولة العربية هناك ويتصدى لمحاولات استهدافها إلى أن ذهب إلى العراق وأرسى دعائم بناء الدولة الديمقراطية لتشكل انجازاً مهماً للهاشميين وأنموذجاً رائعاً للحكم.

وتناول الفكر التنويري للملك المؤسس عبدالله من الحسين واستشرافه للمستقبل من خلال فهمه العميق للعلاقات الدولية والدبلوماسية، والتي أفضت إلى تأسيس الدولة الأردنية بمؤسساتها الراسخة وهي نتاج فكر ومبادئ الثورة العربية الكبرى.

د. أحمد الجوارنة.

وقدم الدكتور أحمد الجوارنة قراءة تحليلية في أهمية جريدة القبلة والتي برهنت وفق قوله على الوعي السياسي القومي الذي كان يؤمن به شريف مكة ورجالات العرب من حوله، بل وجاءت لتحكي بصوت كل العرب الذين رفعوا راية الإصلاح والتغيير في المنطقة العربية من اجل رص الصفوف العربية والإسلامية لتأسيس منهج جديد يقف بوجه الظلم والاضطهاد الذي اكتوت بنيرانه البلاد العربية برمتها من خلال تعسف وتطرف سياسة الاتحاديين في الدولة العثمانية.

وقال إن "القبلة" رفعت شعار العروبة وربطت بين العروبة والإسلام وجعلت رسالتها خدمة للعرب والمسلمين ومجدت تاريخ العرب وحضارتهم ولغتهم وحثت على العمل بالتحلي بالأخلاق الحميدة والمثابرة، ونشرت أربعة مناشير خاطبت الأمة العربية فيها، ساعية إلى بث الوعي الديني والقومي عند العرب وتصحيح أخطاء ومغالطات كبيرة تجاه السلطان العثماني من جهة، وجمعية الاتحاد والترقي من جهة أخرى، بل ودفع وتحريض العرب للمطالبة بحقوقهم الأساسية التي انتقصتها حكومة الاتحاديين والتعاطف مع السلطان العثماني المعزول.

وأضاف أن "القبلة" من الوثائق المهمة المعاصرة لحركة النهضة العربية التي حمل مشعلها الشريف الحسين بن علي بثقافة ووعي وعمق معرفة، استطاع من خلالها توحيد صفوف العرب ودعوتهم للحفاظ على أركان الدولة بما يضمن لهم الاستقرار والحرية والحياة الفضلى.

واعتبر الجوارنة أنه من المغالطات التاريخية القول بأن الثورة العربية الكبرى هي ثورة مسلحة ضد الخلافة العثمانية، فهذا غير صحيح لأن الشريف الحسين وفي جريدة القبلة كان يدافع عن الخلافة العثمانية وعن الخليفة العثماني وكان قد شن حرباً على الدولة التركية التي تتزعمها حركة الاتحاد والترقي أو مجموعة الاتحاديين الذين أعلنوها صراحة ضد الإسلام والعروبة.

وفي حديثه عن بناء منجز الدولة الأردنية قال "يحق لنا في المملكة الأردنية أن نفتخر بالانجازات الكبيرة والكثيرة التي تحققت للشعب الأردني عبر مسيرته في الـ100 عام الماضية، وكنا محظوظين حينما تأسست المملكة عام 1921 على شراكة بين الهاشميين والشعب الأردني الذي بادر إلى البيعة والولاء إلى العائلة الكريمة"، حيث ترسخت قيم العدالة والمساواة وتحقيق الأمن والرفاهية والاستقرار الذي نعم به أجدادنا وآباؤنا وننعم به نحن الآن.

ودعا الجوارنة إلى أهمية حمل المناهج التربوية والتعليمية فكر ومبادئ الثورة العربية الكبرى بقراءات تحليلية تبرز أهدافها ومطالبها في العيش الكريم والحرية والاستقلال والوحدة والديمقراطية والعدالة.

وفي نهاية الندوة أجاب المتحدثون على الأسئلة، حيث أشارت الدكتور هند أبو الشعر إلى أن الإشكالية الكبيرة في الحكم على الدولة العثمانية يأتي من عدم معرفة ما قام به العثمانيون وجمعية الاتحاد والترقي ضد العرب، فيما اعتبرت أن أحرار العرب الذين أعدمتهم السلطات العثمانية كانوا ناطقين باسم العرب ومطالبين باستقلالهم.

فيما رأى الدكتور عبد المجيد الشناق أنه عندما دخلت الدولة العثمانية في بداية حكمها كانت تتصدى للمطامع الأوروبية (البرتغالية والإسبانية) في المنطقة العربية، لكن العديد من الممارسات من قبل جماعات الاتحاديين ضد العروبة والإسلام دفعت إلى انهيار دولتهم سياسياً واقتصادياً.

وأعاد الدكتور أحمد الجوارنة تأكيده على ضرورة تدريس فكر ومبادئ الثورة، والاستمرار في إعادة نشر جريدة القبلة التي بلغت أعدادها 823 نسخة وتشكل سرداً لأهم وثائق حركة النهضة العربية، فيما أيد الجوارنة ما ذهبت إليه الدكتورة هند أبو الشعر في إشكالية الحكم على الدولة العثمانية.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات