كيف نجحت إيران في حشدها المذهبي وفشلت الدول السنية؟

تم نشره الإثنين 19 كانون الأوّل / ديسمبر 2016 03:30 مساءً
كيف نجحت إيران في حشدها المذهبي وفشلت الدول السنية؟
إيران تسعى لإنجاز مشروعها التوسعي في المنطقة

المدينة نيوز :- في الوقت الذي تواصل فيه إيران سعيها الحثيث لحشد ميليشيات شيعية من جنسيات مختلفة، لزجها في معمعة المعارك المشتعلة في سوريا والعراق واليمن، فإن دولا سنية ما زالت تتلكأ في دعم فصائل سورية مسلحة تقاتل النظام وأعوانه وفقا لباحثين ومراقبين.

ومع أن إيران سخرت مذهبها الديني (الإمامي الإثني عشري) في حملاتها التعبوية لاستقطاب الشيعة من مختلف الدول، وتجنيدهم للقتال إلى جانب النظام السوري، سارعت دول سنية إلى استنكار "إرهاب" اتجاهات سنية متشددة، ولم تتردد في مهاجمة اتجاهات سنية معتدلة، وفرضت حظرا على مواطنيها لمنعهم من السفر إلى سوريا لمناصرة "الثوار السوريين".

أمام هذا المشهد الذي تسعى فيه إيران لإنجاز مشروعها التوسعي في المنطقة، انطلاقا من رؤيتها المذهبية والسياسية، كيف تمكنت إيران من ممارسة الحشد المذهبي لصالح مشروعها ذاك، في الوقت الذي فشلت فيه الدول العربية السنية من ممارسة الدور ذاته لمواجهة المشروع الإيراني؟ وما هو السبيل الأنجع لمواجهة مشاريع إيران السياسية الرامية إلى بسط النفوذ والهيمنة على المنطقة؟

إيران صاحبة مشروع ورؤية

تمتلك إيران مشروعا توسعيا عقائديا محوريا، تسعى لتطبيقه وفرضه على المنطقة، وتعتزم من خلال ذلك المشروع بسط نفوذها وهيمنتها حسب الأكاديمي الأردني المتخصص في الشأن الإيراني، الدكتور نبيل العتوم.

ووفقا للخبير الأردني في الشأن الإيراني فإن إيران باتت تتوسل في فرض مشروعها عبر أذرعها في المنطقة، كالحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، والشيعة في العراق، والعلويين في سوريا، إضافة إلى سيطرة أقليات شيعية على مفاصل اقتصادية في المنطقة.

وجوابا عن سؤال "عربي21": ما هو المشروع الذي تسعى إيران إلى تحقيقه وإنجازه في المنطقة، أكدّ العتوم أن إيران تتطلع لإحياء أمجادها الإمبراطورية السابقة، لتتمكن من خلالها إلى بسط نفوذها متوسلة في ذلك بالمذهبية الدينية الشيعية، لغايات التجييش الطائفي المذهبي.

وأرجع العتوم نجاح إيران في مسعاها التوسعي إلى ضعف الموقف العربي الرسمي، وسوء تقدير الأنظمة العربية لقوة إيران وقدرتها، منتقدا في الوقت نفسه سلوك أنظمة عربية رسمية في معاداتها لحركات واتجاهات إسلامية معتدلة كان يمكن أن تكون أدوات فعالة ضمن استراتيجية شاملة لمواجهة مشاريع إيران التوسعية.

ودعا العتوم الأنظمة العربية الرسمية إلى التنبه جيدا للأخطار الإيرانية المحدقة بالمنطقة كلها، والتي لا يمكن مواجهتها والتصدي لها إلا بتحالف الأنظمة العربية السنية مع الحركات والجماعات الإسلامية السياسية التي تمتلك عمقا شعبيا يمكنها من لعب دور محوري في هذا المجال.

من جانبه أكدّ الكاتب السعودي، سلطان الجميري أن إيران صاحبة مشروع عقائدي توسعي، تعمل عليه وتضحي من أجله، وتدفع الغالي والنفيس لتحقيقه، ولا تتردد ولا تخاف من المغامرات التي ترى فيها احتمالية تحقيق أهدافها.

لكن كيف يمكن للدول السنية مواجهة المشروع الإيراني التوسعي؟ أجاب العميري بأن مواجهة تلك المشاريع تتطلب شجاعة ذاتية، مع عدم الاتكاء على الدول الكبرى، أو الركون إلى تنفيذ رغباتهم وسياساتهم في المنطقة.

ولفت الجميري إلى أن إيران تمتلك قدرا كبيرا من استقلالية سياساتها وقراراتها، وهي في تعاونها مع الدول الكبرى لا تسلم لها رقبتها، بعكس الدول العربية، التي تبدو كمستعمرات صغيرة لا يمكنها تنفيذ قراراتها حتى على مستوى أمنها القوي دون مشاورة أمريكا.

وطبقا للجميري فإن "الدول العربية لا يمكنها مواجهة مشاريع إيران، وستظل تتساقط الواحدة تلو الأخرى، لأنها لا تملك مشروعا، ولا تملك رؤية، وكثير منها تحمل أجندة مختلفة عن البقية، وصلت ببعضها الاستعداد للتعاون حتى مع إيران لتحقيق مصالح آنية".

المشروع الإيراني خطر داهم على أهل السنة

إن كانت إيران قد أقامت مشروعها السياسي التوسعي على أسس دينية مذهبية، فما هو السبيل الأنجع لمواجهة ذلك المشروع بأبعاده ودوافعه المذهبية؟

وفقا للإعلامي السوري، مدير مكتب الجزيرة في إسلام آباد، أحمد موفق زيدان فإن "الوقت غدا متأخرا من أجل نزع الصفة المذهبية عن السياسة الإحلالية الصفوية، ولا بد من توصيف الأمر على حقيقته وواقعه، وعدم الهروب إلى الإمام".

وأضاف زيدان أنه "على الرغم من أن سياسة إيران سياسة دوائر، والدائرة الأكبر التي تعمل عليها دائرة التوسع الإحلالي الفارسي الساساني، وغيرها من الدوائر قد تكون خادمة للدائرة الأكبر، لكن لا بد من توصيف الصراع الآن على حقيقته، فوجود الأمة المسلمة المتمثل بأهل السنة في خطر، لا سيما بعد التماهي الفارسي الساساني مع الروس والصمت الأمريكي والغربي".

وأشار زيدان إلى أن "الأمة المسلمة بخير حينما يكون الجناحان والضلعان المحيطان بإيران بخير (أفغانستان والعراق)، لكن للأسف تم تسليمها أمريكيا لإيران، وبدأ التحدي الصفوي يضغط على القلب في الشام والخليج".

وحذر زيدان من الخطر الذي يراه داهما الآن، و"المتمثل بترك المملكة العربية السعودية تقلع شوكها تقريبا لوحدها في اليمن، واليوم تُترك تركيا لتقلع شوكها هي الأخرى وحدها في سوريا"، لافتا إلى "غياب العامل العربي بالكامل، وتحديدا الخليجي عما يجري في حلب، وهذا خطر ماحق ليس على الشام وتركيا، وإنما على المنطقة برمتها".

وعن رؤيته للتدابير السريعة التي يمكن أن تشكل طوق نجاة، قال زيدان: "على تركيا والخليج المسارعة إلى اتخاذ خطوات سريعة عاجلة في تحالف عسكري عاجل وناجز، وكل دقيقة تأخير سنبكي عليها دما لا دمعا"، على حد تعبيره.

ورأى زيدان أن "منسوب الحقد الصفوي والروسي في أعلى مستوياته، ووقوف بعضهم على الحياد بظنهم أن العدو لن يصلهم خطأ ماحق، فهذا المشهد تكرر من قبل في العراق واليمن واليوم نشهده في الشام".

وخلص زيدان إلى القول: "لا مناص أمام الأنظمة العربية من منح شعوبها حق التعبير، وإعطائها حرية المشاركة، فقد أثبتت الشعوب أنها وحدها القادرة على التصدي للخطر الصفوي، وأن ما نراه اليوم من فيالق طائفية من أفغانستان مرورا بإيران والعراق وسوريا ولبنان سيكون خطره ماحقا على الخليج، الأمر الذي يتطلب تدابير عاجلة وجدية".

بدوره وفي السياق ذاته رأى الكاتب والباحث المصري، الدكتور هاني نسيرة أن السبيل الأنجع لمواجهة مشاريع إيران في المنطقة "لا يكون بالانجرار وراء مذهبيتها، ولكن بالتخطيط لمواجهة خططها، وكذلك الاستعداد المستمر لمواجهة تدخلها عبر تحالف اعتدال عربي وإسلامي وعالمي".

وبيّن نسيرة أنه يعني بقوله إسلامي "احتواء كل المواجهين لتوجهاتها من المذاهب المختلفة، وليس المذهب السني فقط"، داعيا إلى ضرورة "تحرير الشيعة المعتدلة من قبضة إيران وتوظيفاتها". لافتا إلى أن هذه الاستراتيجية "منسية وغائبة عن التوجهات العربية والإسلامية الحالية" وهو ما يتطلب المزيد من الاهتمام والعناية بها.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات