بغداد بحاجة الى جلاد

تم نشره الأحد 15 كانون الثّاني / يناير 2017 11:08 مساءً
بغداد بحاجة الى جلاد
هادي جلو مرعي

 

 

    دخل الإنجليز المنتشون بالسيطرة على إمبراطورية عالمية ممتدة لاتغيب عنها الشمس لسعتها والجغرافيا التي تتضمنها الى العراق، وكان الكثير من جنودهم عبيدا من الهنود محتقرين يعيشون على الإذلال والإهانة، بينما كان العراقيون يرزحون تحت نير الإحتلال العثماني البغيض والفاجر، وكان معظهم أميين حفاة لايملكون من حياتهم سوى أنهم جاءوا بغير إرادة إليه،ا ويخرجون بغير إرادتهم.

    أنهى الإنجليز دكتاتورية العثمانيين بعد أن خدعوا العرب الهمجيين بالثورة العربية الكبرى على يد عائلة محسوبة على البيت الهاشمي، ولما تمكنوا من العراق وفلسطين ودول أخرى في الشرق الأوسط العربي نشروا الفوضى والفساد والحرمان، وأسسوا كيانا عراقيا تحكمه عائلة هاشمية ضعيفة ومفلسة وخاضعة للإحتلال البريطاني، ونشروا الفوضى التي إنتهت بإنقلاب عبد الكريم قاسم، ومجييء حكم العسكر الذين أوقفوا حركة العراق الإقتصادية التي بدأت تتحرك نهاية العهد الملكي، ومهد العسكر لحكم البعث الفاشستي المقيت الذي نشر الموت والخراب في العراق، وجعل الناس طبقات، فقمع الشيعة، وجعلهم في الحفر والمقابر الجماعية وفعل أشد من ذلك بالأكراد، بينما رهن السنة الى دائرته، فإما أن يسيروا معه ويحكموا معه ويساندوه وينتفعوا منه، أو يعترضون وهم قلة كان مصيرهم أن يقتلوا، أو يهجروا.

    نهاية دكتاتورية البعث المقيتة والفاسدة كانت على يد الإحتلال الأمريكي الشرير الذي فتح أبواب الشيطان على العراقيين فوزعهم على طوائف وقوميات، حتى إذا شعر الأكراد أنهم تحرروا وبنوا مجدهم سلط الله عليهم طبقة سياسية فاسدة ومتنازعة أوصلت كردستان اليوم الى الحرمان، وصار الموظف ينتظر لعدة أشهر ولايحصل على راتبه، بينما وقع الشيعة في الفخ فهم متهمون بأنهم في السلطة، لكنهم في الحقيقة رهن لمجموعات سياسية فاسدة وجائعة وشرهة للمال والسلطة، ولايكفيها بحور من النفط والذهب والمال، ولايعلم الله متى ستشبع ولن تشبع، وصاروا نهبا للإرهاب والتفجيرات والمفخخات القادمة بتوجيه من إمبراطوريات مالية في الخليج، بينما يعيش السنة على ذكرى الماضي، وصار الملايين منهم يحلمون بفرصة عمل، أو بالعيش في أمان، وبعضهم وقع في فخ التنظيمات الدينية المتطرفة كالقاعدة وداعش التي تتحدث عن مظلومية السنة، بينما هي في الحقيقة أداة شيطانية حولت السنة الى مشردين وجياع في المخيمات.

    الخشية أن الفوضى الحالية لن تنتهي وسط هذا التنازع الطائفي والقومي، ووجود المافيات الكبرى الحزبية إلا بفعل خارجي، أو بإنقلاب دموي، أو بصراع مسلح يحرق الأخضر واليابس مع الفشل الإقتصادي الذريع والبشع الذي يتوقع له أن يستمر لفترة طويلة قادمة، بينما لايظهر على المفسدين أي نية للتراجع عن عزمهم في نهب مابقي من ممتلكات الدولة من أموال وأراض وقصور ووزارات تحولت الى أماكن لإنتاج الدعم اليومي لتلك القوى السياسية.

    يقولون، أن بغداد بحاجة الى جلاد، لكن من هو وكيف، وهل سنرضى أن يحكمنا الجلاد ثانية، أم إننا تحولنا الى جلادين نحكم بعضنا البعض ونتبادل الخوف والترهيب وننشر الفوضى والخراب؟



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات