كيف قضى الاردنيون العيد ؟

تم نشره الأحد 26 آب / أغسطس 2018 12:09 صباحاً
كيف قضى الاردنيون العيد ؟
د.فطين البداد

مر عيد الأضحى هذا العام أشد وطأة على الأردنيين اقتصاديا ، حيث كان الناس أكثر عزوفا عن الفرح وعن الشراء مقارنة بالأعوام السابقة ، بالإضافة إلى ما عكسته الأعمال الارهابية الاخيرة على المزاج العام .

إلا أنه وبرغم ذلك ، ووفق تصريح نقلته وكالة بترا عن أحد إداريي غرفة تجارة الأردن ، فإن العيد الأخير هو الأقل نشاطا في الأسواق من الأعوام السابقة ، ولعل سبب ذلك هو تداخل موسمه مع موسم المدارس ، حيث اختصرت أغلب الأسر نفقاتها لتوفر متطلبات المدارس التي يبدأ عامها الدراسي خلال أيام ، اذ  بات رب الاسرة مجهدا من وطأة النفقات وضعف القوة الشرائية وضآلة بل انعدام البدائل .

ولمن لا يعرف ، فإن أغلبية موظفي الدولة والقطاع الخاص هم فعلا لا قولا تحت خط الفقر الحقيقي ( احسبوها ) .. ومن أجل ذلك فإنك ترى الموظف يعمل صباحا ويعمل مساء ، ولا يستثنى من ذلك أي فئة ، فالأغلبية تبحث عن مصادر رزق إضافية لتغطي نفقات اسرها في ظل غلاء أسعار يقصم الظهر ، ولن تعجب ان وجدت موظفا محترما في تخصصه ومؤسسته او دائرته او وزارته يجلس يوم الجمعة إلى " بسطة " وسط البلد ، أوبائعا في سوبرماركت ما بعد الظهر أو سائقا غير قانوني على سيارته الخاصة إلخ ... وهو مشهد بات ملحوظا في الفترة الاخيرة .

ولكن المفارقة أن أغلبية المواطنين الذين كانت عطلة العاملين منهم الفعلية ستة ايام بلياليها ، سئموا العطلة رغم أن عملهم غير مجد إلا في الكفاف ، ومن أجل ذلك فقد ضجت مواقع التواصل بالتعليقات والرسائل البينية بما يعبر عن السأم والضجر بسبب " الطفر " وعدم مقدرة الأغلبية الساحقة من المواطنين على مغادرة منازلهم إلى الأماكن السياحية والطبيعية ، لأن ذلك بحاجة إلى ميزانية وموازنة ، فالميزانية مفهومة ، أما الموازنة فبسبب اختيار الاسر الأهم على المهم .

وأيضا ، إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية التسوق السياحي - مثلا - فإننا نجد بأن الاسواق كانت شبه خالية كذلك من متسوقين عرب أو أجانب ، والسبب هو حجم الضرائب والرسوم التي قد تصل إلى 45 % مما يضرب الإقبال على الشراء في مقتل ويجبر السياح وغيرهم إما على اختيار اسواق اخرى أو عدم القدوم أصلا ، حيث إن هذه النسبة " أقصد الجمركية " وكما تقول غرفة التجارة ، وليس كاتب هذه السطور ، هي من أعلى النسب ليس عربيا فقط بل إقليميا كذلك .

من أجل ما سبق ، فإنك لا تفاجأ بأن ترى تاجرا في منطقة راقية بعمان أو شعبية في المدن الرئيسية يعرض تنزيلات على بضاعته قد تصل إلى ما بين 70 - 75 % ليتمكن من الإيفاء بالتزاماته وتسديد ديونه ، إلا أن الأسواق ظلت شبه خالية لان الجيوب خاوية بالأساس .

وإذا كانت اللجنة المالية في مجلس النواب قد أعلنت بانها ستبدأ لقاءاتها بعد العيد مع مختلف القطاعات من أجل مناقشة قانون الضريبة العتيد ، فإن هذا يعني بأننا أمام دورة استثنائية جديدة ، ويعني - ضمن ما يعني - أن الحكومة لن تقوم بهذه النقاشات وستكتفي بلجان المجلس ، ويذكرنا هذا بما سبق ورفضته النقابات إبان احتجاجات الدوار الرابع حيث كانت لا تقبل بتحويل القانون لمجلس النواب ، بل ترغب بمناقشته وجها لوجه مع الحكومة ، ولكن الأخيرة فضلت هذه الطريقة ، لأنها - وكما يبدو - " أريح لرأسها " والكرة الآن في ملعب المجلس .

القانون سيتم اقراره بلا ريب لأنه من استحقاقات الصندوق الدولي كما هو معروف ، وكما سبق وقلنا في غير مقال ، ولكن هل سيراعي القيمون على القانون ، أو " مشروع " القانون ( لكي لا يزعل القانونيون ) .. هل سيراعون أحوال الناس حقا ، وأيضا ، هل سيجرؤ أحد على المطالبة بقانون ضرائب تصاعدي - مثلا - أو بطرح بدائل إعفائية ضمن سياق موضوعي أو شروط واضحة ، أم أن الأمر سيكون بمثابة " جبر خواطر " لبعض النقابات وهي قصة لها ما بعدها من تبعات سلبية على مختلف القطاعات والشرائح .

إن المعنيين في القانون ليس فقط النقابات التي تزعم أنها قادت الإحتجاجات ، بل أولئك الذين احتجوا ، وهم أنفسهم الذين استغلتهم بعض هذه النقابات التي " عيدت " بينما هم لم يعيدوا ، ولم يشتروا لأبنائهم ملابس جديدة ليوفروا متطلبات المدارس ، وهؤلاء ، وإن كانت دخولهم بعيدة عن القانون الذي ليس بإمكانه المس بها " مباشرة " لضآلتها أصلا ، إلا أن أي قانون يستهدف الطبقة الوسطى سيكونون هم وقوده الرئيس، وليس تلك الطبقة التي بإمكانها التكيف وتعويض ما تدفعه من خلال الإلتفاف على الفقراء وهم أغلبية هذا الشعب الصابر العظيم سواء عند الطبيب او التاجر وغيرهما .

لا يريد الاردنيون ان يسمعوا من أحد ما ينغص عليهم عيشتهم خلال النقاشات بين مختلف القطاعات والنواب ، كأن يطلب منهم المدافعون عن القانون " التضحية والفداء " لأن ذلك تقليل من وطنيتهم التي رضعوها أطفالا في حب الأردن وتراب الأردن ، بل إن عليهم أن يخاطبوا الأردنيين بلغة الصدق الذي هو أولى وأنجى ، من دون التفاف عليهم وعلى ذكائهم المجرب .

وإذا نسي الأردنيون فإنهم لا ينسون بأن من سقطات الحكومة السابقة ما طلبته من الشعب وبلغة ركيكة أثارت غضب الناس وليس رغبتهم بالضحك رغم أنه طلب مضحك في غير هذا الموقف الجدي الذي تعيشه الأسر الأردنية اقتصاديا ، حيث خرج رئيس الحكومة ليقول للمواطنين في تصريح موجود على محركات البحث : " إن على الأردنيين تخفيف الإستهلاك فداء للوطن " .

ألهذه الدرجة وصلت المزاودات ..؟؟

من من شعوب الأرض أكثر وطنية وحبا بوطنه وقيادته من الأردني ..

هي كلمة حق اريد بها باطل ، ولكن لكل مقام مقال !.

د.فطين البداد


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات