عن تقرير ديوان المحاسبة للعام 2017

تم نشره الأحد 04 تشرين الثّاني / نوفمبر 2018 12:31 صباحاً
عن تقرير ديوان المحاسبة للعام 2017
د.فطين البداد

لم يحفل تقرير من تقارير ديوان المحاسبة بالرصد والمتابعة   كما حفل به  تقرير العام 2017 ، والذي تسلمه رئيس مجلس النواب مؤخرا ونشره على موقع المجلس .

منذ نشر التقرير  قبل أيام بدأت وسائل الاعلام بتلقفه ونشر الغث والسمين مما ورد فيه ، وذلك لتعطش الاردنيين إلى  معرفة ما خفي من الأمور ، وما حجبه المستور .

هذه ظاهرة ايجابية محمودة تخدم  مثل هكذا تقارير لكونها   تغربل المال العام من الداخل،وبدون أن يجرؤ أي كان من وزارات ومؤسسات الدولة على انكاره أو تفنيده ، أللهم إلا ما يرد به على الاستيضاحات من ردود يقول الديوان أسفل كل تقرير منها  بأنه تم تصويبها .

ولما كنت قد كتبت أكثر من مرة عن تقارير ديوان المحاسبة إلا أن نشر التقرير باكرا على الانترنت حفزني لتناوله مرة اخرى من زاوية اخرى .

 ويحضرني في هذا المقام  ما فعلته اللجنة المالية النيابية السابقة ،  والتي ناقشت في غضون 45 يوما تقارير الأعوام 2012 - 2015 وحولت عشرات القضايا إلى مكافحة الفساد ، وهي المرة الأولى التي يتم فيها مناقشة مثل هذا الكم من التقارير دفعة واحدة ، مما دفع البعض لاتهام اللجنة بـ " سلق "  التقارير وهو ما نفاه رئيسها ، مع أن منطقية الأمور تقول بأن المدة التي نوقشت فيها والمدة التي أقرت فيها من قبل المجلس فيها نظر .

وإذا كان بإمكان  ديوان المحاسبة  الدخول إلى اي من المواقع  الحكومية ،غير أنه ليس بإمكانه الدخول إلى شركات حكومية محددة  وبقرارات استخرجتها الحكومات من ديوان تفسير القوانين ، وايضا ، فإن القضايا التي تم تحويلها وتخص  وزراء لم يسمع عن مصيرها أحد حتى الآن، بالإضافة إلى عدد من القرارات التي يتم تحويلها ، ولولا تقارير هيئة مكافحة الفساد لما كان بالإمكان الإطلاع على أي منها   ، وهذه مشكلة  يجب حلها ، لأننا إذا ناقشنا تقارير ثلاثة أعوام جملة واحدة ، وبغض النظر عن رأينا في هذه المناقشة ، وإذا كنا وجدنا أكثر من 117 مخالفة وفق ما أذكر ،فإن من البداهة  أن نعرف ما هي نتيجة تقرير اللجنة المالية آنذاك ، سواء المتعلقة بالقضايا  التي تمت إحالتها ، أم بالتي جرى عليها تأخير لأسباب موضوعية أو "مجهولة " .

وإذا كان الديوان موجودا في كل المؤسسات والوزارات والدوائر ، بحكم الدستور ، ويكتب تقاريره السنوية بناء على بينات ووثائق مكتبية وميدانية ، فإن عدم الرد على استيضاحاته يعتبر استهتارا وتهربا ، إذ إننا وكثيرا ما نقرأ أسفل كل تقرير عبارة " لم يتم الرد ، لم يتم التصويب إلخ " .. وهو أمر يفسر ما سبق وقاله رئيس الديوان السابق السيد مصطفى البراري ، والذي اشتكى من لا مبالاة بعض الجهات التي يتم مراقبة حساباتها ، حيث  روى حكاية نشرتها المدينة نيوز بالفيديو  في العام 2014 حيث قال : "  عندما نقول لهم إننا نتحفظ ، هل تعرفون ماذا يقولون لنا : يقولون : تحفظوا بالبامبرز" . .  لمشاهدة ذلك اتبع هذا الرابط  ثم عد الى هنا .. 

  وإنني ومن هذا المنبر ، اثني على جهود كل العاملين بديوان المحاسبة ، أولئك الجنود المجهولين الذين يلاحقون ما يستطيعون ملاحقته من شبهات ، وأثني على هيئة مكافحة الفساد التي ما انفكت تحيل قضايا وشبهات الى المحاكم ، واثني على اللجنة المالية وأثمن جهودها ، غير أنني  أسأل ومن موقع الحريص : لماذا لم تدرج قضايا ذات وزن ثقيل في تقارير الديوان ، بدل أن تقتصر القضايا المنشورة على شبهات صغيرة ..

وبعبارة أوضح : من هو الذي يقرر بأن  التقرير " سين " بالإمكان نشره ، بينما التقرير " ص " يحظر نشره أو تداوله لأنه سري ومن وثائق الدولة ومكتوم ،مع أن كثيرا من التقارير المكتومة والسرية والممنوع نشرها لا تحوي أيا من الأسرار الخطيرة  ، ولدينا العديد من الأمثلة التي يعرفها ديوان المحاسبة نفسه ،ونعيد السؤال : من هو الذي يأمر بهذا :  هل هي الحكومات ، أم  ديوان المحاسبة ، أم  جهات نافذة أخرى ؟؟..

إن  من يسرق دينارا هو في سنن العدالة كمن يسرق مليونا  .. ولكننا بدل أن نفضح اللص المليوني القوي ، ترانا نمسك بخناق سارق الدينار الضعيف الذي غالبا ما يذهب تحت الرجلين !.

شخصيا ، لا أعتقد ان من المنطقي هنا استدعاء عام الرمادة .

د.فطين البداد
 


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات