عن مقال المعشر وتغريدات جودة والرفاعي

تم نشره الأحد 17 شباط / فبراير 2019 01:02 صباحاً
عن مقال المعشر وتغريدات جودة والرفاعي
د.فطين البداد

أعتقد أن رئيس الوزراء الاسبق السيد سمير الرفاعي والسيدين وزيري الخارجية الاسبقين مروان المعشر وناصر جودة ، بلغوا من التجربة عتيا لدرجة باتوا يقبلون بها انطباعات الشارع التي انقلها هنا ، ايا كانت وبغض النظرعن فحواها .

سبب هذه المقدمة العاجلة يعود للسجال الذي دار بين المسؤولين السابقين الثلاثة مؤخرا بعد ان كتب السيد المعشر نهاية الاسبوع مقالا انتقد فيه من دعاهم المحافظين في حكومة الرزاز معتبرا الحكومة غير متجانسة وتتصارع فيها الخطوط الليبرالية مع المحافظة لدرجة أفقدتها جديتها ،وأحبطت الأمل المنعقد على رئيسها ، مما أوحى بأنها جاءت فقط لانجاز قانون الضريبة ، حيث كان يفترض أن تبدأ بقراراتها الاصلاحية والمهمة خلال المئة يوم الاولى من عمرها ، إلا أن الرزاز لم يفعل ، ونتيجة لهذا التضاد بين الليبراليين والمحافظين في الحكومة فإنها لن تنجز شيئا وستظل تدور حول نفسها حيث لن ينفعها نظافة رئيسها ولا نواياه الحسنة .

وقال ، وهنا أقتبس : " أدى تردده - يقصد الرزاز - والتناقض داخل حكومته للتخبط، فكانت الأزمات المتلاحقة وغیر الضروریة، وآخرھا أزمة التعیینات" .

أضاف : " الجزء المحافظ في الدولة والمجتمع مسرور جدا مما آلت الیه اوضاع الحكومة، وھا قد بدأ یحذر الأردنیین من ھؤلاء اللیبرالیین الذین لم یفعلوا شیئا ویبشر بعودة المحافظین، وكأن المحافظین كانوا قد غادروا، ینسى ھذا المكون انه في خضم الصراع العقیم بین اللیبرالیین والمحافظین لا یسلم احد منا جمیعا من المسؤولیة، وینسى ایضا ان الازمة الاقتصادیة الخانقة التي مر بھا الأردن العام 1988 وقعت بینما كان المحافظون في الحكم ما اضطر الأردن للذھاب الى صندوق النقد الدولي للمرة الاولى".

.." في غیاب دولة المؤسسات، ونظم المراقبة والمحاسبة، فإن الجمیع یتحمل قسطا من المسؤولیة ، لا نعرف بعد مدى طول عمر ھذه الحكومة، وان كانت ھي تساھم في تقصیر مدتھا، بسبب ترددھا وعدم وضوح بوصلتھا " .

انتهى الاقتباس ، وقس على ذلك ما يشبه هذا الكلام .

ويبدو أن هذا القول لم يعجب السيد سمير الرفاعي الذي غرد قائلا : " يخرج علينا بين الحين والآخر شخص يدعي الليبرالية ويحاول ان يخلق شرخا بين ما يسميهم المحافظين والليبراليين في وطننا، من السخرية ان هذه الشخصية "الليبرالية" هي الأقرب للمحافظين الجدد في امريكا، رجاء حلوا عن الليبراليين والمحافظين الوطنيين ! وشكرا" .

واتهام المعشر بأنه قريب من المحافظين الجدد يعتبر ضربا تحت الحزام ، فأولئك المحافظون يعنون بوش الابن ورامسفيلد وكونداليزا رايس صاحبة مقولة " الفوضى الخلاقة " وفي النتيجة تعني نتنياهو وترامب ونيكي هيلي وتعني ليو شتراوس الذي رسخ أفكاره المحافظة بالولايات المتحدة في ثلاثينيات القرن المنصرم واصبح الأب الروحي لهؤلاء ، وهو اتهام شديد الحساسية ، يقول العالمون بأنه جاء ردا على ما ألمح إليه المعشر عن هبوط الدينار اواخر الثمانينيات حينما كان المخضرم زيد الرفاعي والد السيد سمير رئيسا للحكومة ، ولعل هذا ما اثار الإبن انتصارا للأب إن صحت هذه القراءة .

نصار

وبعد تغريدة الرفاعي ، غرد السيد ناصر جودة مصطفا مع الرفاعي ضد المعشر قائلا : " هناك من يصف ويصنّف الأردنيين بـ ليبراليين ومحافظين، بمفهوم ان الأولى نعمة والثانية تهمة .. نقول لهولاء: الأردنيين، محافظين أو ليبراليين، يلتقون على الكثير ويختلفون على القليل، وبالنسبة لمصلحة الوطن وأمنه وسيادة القانون ومحاربة الفاسدين ونبذ الأجندات فكلنا محافظين محافظين محافظين " .

وبغض النظر عن تاريخ لجوء الاردن لصندوق النقد الدولي وهبوط الدينار نهاية الثمانينيات من القرن الماضي ، فإن الحقيقة التاريخية هي أن هبوط الدينار فاجأ الجميع ، حيث برر السيد الرفاعي الاب ذلك في حينه تبريرات اعتبرها مجلس النواب الحادي عشر منطقية بعد أن طالب بمحاكمة الحكومة ، وملخص سبب ذلك يعود لكون موازنة ذلك العام كانت معتمدة على مصادر تمويل شأنها شأن الموازنات التي سبقتها ، إلا أن المساعدات والمنح لم تصل في ذلك العام ، مما جعل الدينار في موقف عصيب فوقع الهبوط الاضطراري ، ومن ثم لجوء الاردن للصندوق ليتم تسجيل أول المليارات في تاريخ البلد ، قبل أن تكر المسبحة .

أما بخصوص الليبراليين " الليبرالية السياسية والاجتماعية هي فلسفة تعنى بالمساواة والحرية والسوق الحر والعلمانية وسواها " فإن لهؤلاء مساهمات لا يجوز اغفالها ، ويكفي أن نذكر هنا بأن شركة الفوسفات خسرت في آخر سنة قبل الخصخصة ( الخصخصة بشكل عام قادها من الحكومة آنذاك رئيس الوزراء الاسبق السيد علي ابو الراغب ) .. خسرت ما يصل الى 120 مليون دينار ، وهو مبلغ مهم في حينه ، وإذا نظرنا الى حجم الاموال التي تدخلها الفوسفات هذه الأيام على الموازنة سنويا ، فإننا نتفهم أن كل ما يقوله المحافظون ليس صحيحا ، وأذكر هنا بأن تلكؤ حكومة محافظة في افتتاح مدينة اعلامية بالعقبة جعل بلدا مجاورا يتجاوزنا ويفتتح المدينة فيجني سنويا مئات الملايين من الدولارات ، كما واستشهد بما قاله السيد جمال الصرايرة قبل ايام عن أن الحكومة تتصل به في البوتاس لتطلب أموالها من أجل دفع الرواتب ، وإنه يحول الملايين سنويا من الشركة التي خصخصها الليبراليون .. وفي المقابل ، فإن هؤلاء الليبراليين باعوا شركة الاتصالات مع انها الوحيدة التي كانت تدر على الخزينة سنويا ما يصل الى 300 مليون دينار ، باعوها هكذا بدون سبب ، وكذلك فعلوا في بعض المرافق الهامة التي تمت خصخصتها ولم ينعكس بيعها على الاردنيين ولا المديونية ، منوهين بهذا الصدد بأن السيد المعشر كان نائبا لرئيس البنك الدولي عقب خروجه من الحكومة .

هذه أمثلة من عشرات الأمثلة تدلل على أن لكل من الليبراليين والمحافظين أخطاءه وخطاياه ، ولا يجوز لأي منهما كيل الاتهامات للآخرلمجرد أن تطرق أحد الطرفين الى هبوط الدينار أو انتقد نهجا حكوميا ما .

وأيا كان الأمر ، فإنها المرة الأولى التي يدخل فيها مسؤولون سابقون في معارك عبر الاعلام ومواقع التواصل إن صح هذا الإستدلال ، في الوقت الذي لو سألت فيه اي أردني عن رأيه في هذه المناكفات لأجاب بالفم الملآن :

: ايها السادة المحترمون .. لا يهمنا محافظون ولا ليبراليون ولا ما يحزنون ، نريد فقط ان نعرف كيف وصلت المديونية الى 36 مليارا ؟؟ .

د.فطين البداد



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات