الاندفاع الأمريكي نحو صفقة القرن

تم نشره الأحد 24 آذار / مارس 2019 11:55 مساءً
الاندفاع الأمريكي نحو صفقة القرن
د. حسين البناء

لقد بات ملحوظا ما يعكف الرئيس الأمريكي على تحقيقه من خلال حرق المراحل في سبيل تعجيل تنفيذ خطة صفقة القرن، النهج المُتبع يقوم على فكرة "إدارة التغيير بذهول الصدمة" حيث يفاجِئ ترمب - في كل مرة - العالم بأسرة بإعلان كاسح يقلب جميع الحسابات الإقليمية و الدولية رأسًا على عقب، فمرةً يفاجِئ العالم باللقاء التاريخي مع الزعيم الكوري، و مرةً يأمر بسحب القوات من سوريا، و مرةً يعلن نقل السفارة إلى القدس، ثم يضم القدس والجولان لإسرائيل !

قد يمكن فهم ما يحدث كاستباق لمرحلة ما بعد تغيُّر خارطة القوى العالمية و الإقليمية، حيث (الصين و الهند و روسيا) تتجه للعب أدوار عالمية رئيسية قد تُنازِع التفرّد الأمريكي المُطلَق، و حيث (تركيا و إيران) يصبحان اللاعبين الأكثر تأثيرًا في الشرق الأوسط، في ظل كل ذلك، فإن الإلحاح يتصاعد باتجاه إنهاء أحد أقدم و أخطر الملفات العالمية و الإقليمية متمثلًا بالقضية الفلسطينية قبل تنامي أي دور للقوى سابقة الذكر.

العوائق الكبرى أمام حل القضية الفلسطينية -كما يراها الكثير من الأطراف- هي القدس و اللاجئين و المياه و يهودية إسرائيل و الدولة الفلسطينية مع حدود 1967 ، وهي جميعها محاور جدلية و معقدة ليس من السهل التوصل فيها لحلول مُرضِية لأطراف الصراع، و خاصةً في ظل التفوق العسكري الإسرائيلي و تمزّق الموقف العربي و ضعفه بعد تبعات (ثورات الربيع العربي) و الانشغال عن ملف فلسطين لصالح الأزمات و الحروب الداخلية الممتدة من (مصر، سوريا، العراق، ليبيا، اليمن، السودان، فالجزائر).

في ظل تعقيدات هذا الظرف التأريخي الاستثنائي، و من الناحية العملانية، فإن (الرئيس ترمب) يجد في نفسه ذلك "الكاو بوي" القادر على اختراق البلدة بأكملها مطلقًا الرصاص بكل الاتجاهات دون أي "شريف" يضع لاندفاعه أي حد، إنها نظرية (إدارة التغيير بذهول الصدمة) حيث يُحقّق (عامل المفاجاة) القيمة الكبرى في المعركة، مِمّا يضطر الطرف الآخر للاستسلام الكامل و الرضوخ لشروط المهاجم المندفع بقوة.

من المتوقع و في غضون عامٍ واحد، أن يتم إغلاف ملف اللاجئين الفلسطينيين، و بنفس طريقة إغلاق ملفات (نقل السفارة و القدس و الجولان و يهودية الدولة) عن طريق إعلان مُفاجِئ و صادم يجعل الجميع يبدو كالمذهول العاجز عن أي مقاومة، و الأمر لن يكون بذلك التعقيد الذي نتصوره جميعًا؛ فما على (الرئيس ترمب) سوى الخروج بتصريح أن على الدول المُستضِيفة للاجئين في المنطقة القيام بدورها المتوقع في دعم عملية السلام و قيامها بتجنيس و توطين ما لديها من لاجئين، وأن هذا هو الحل الوحيد الممكن لقضية اللجوء، و يتحوّل هذا التصريح في غضون أشهر لقرارٍ رسميٍ يجب على جميع الأطراف الالتزام به و تنفيذه، رضي من رضي و خالف من خالف، متجاوزًا قرارات الأمم المتحدة بهذا الشأن كما تم تجاوزها سابقًا.

صفقة القرن، و بتفاصيلها، هي في طور التنفيذ، ولم يتبق منها سوى جزئية اللاجئين فعليًا. القوى العالمية و الإقليمية حاليًا هي عاجزة عن دفع أي ظلم سيلحق بالفلسطينيين، هذا إن لم تكن بعض الأطراف "منخرطة" ببعض جوانب الصفقة، ولكن الشعب الفلسطيني نفسه هو الوحيد القادر على كبح جماح الاندفاع الكاسح للفكرة الصهيونية، عبر تصعيد آليات المقاومة، و إعادة الأمور للمربع الأول، كما كانت في الانتفاضة الأولى، عندها ستنكشف عورة الجميع أمام حقائق الأرض و الإنسان، الإنسان الفلسطيني الذي خذلته البشرية و تركته وحيدًا أمام قوة الثكنة العسكرية الإسرائيلية المتجبرة بحق القوة.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات