المُشكلة فِينَا

تم نشره الأحد 29 كانون الأوّل / ديسمبر 2019 12:39 صباحاً
المُشكلة فِينَا
سلامة الدرعاوي

لجأ الأردن لِصندوق النقد الدوليّ بعد الأزمة الاقتصاديّة سنة 1989 ودخل معه ببرامج للتصحيح استمرت حتى عام 2004،والهدف منها تعزيز الإصلاح الماليّ ومُعالجة التشوّهات الحاصلة في الميزانيّة خاصة فيما يتعلق بالعجز والمديونيّة، لكن للأسف العجز بقي يتنامى والمديونيّة بأرقامها المُطلقة بارتفاع.
حتى البرنامجين الأخيرين مع الصندوق مُنذ عام 2012 ولغاية الآن لم يعالجا أزمة المديونيّة، بل على العكس قد تضاعف إلى أن تجاوز الـ96 في المئة من الناتج المحليّ الإجماليّ،و30 مليار دينار تقريباً بالأرقام المطلقة.
رغم استمرار الحُكومات برفع الدعم عن المحروقات والتعرفة الكهربائيّة بحجة أنها تشوّه ماليّ خطير وفي عدم عدالة بإيصال الدعم إلى مُستحقيه حسب الخطاب الرسميّ، إلا أن العجر في الموازنة ارتفع بشكل كبير هو الآخر.
الحُكومات المختلفة تبنت برامج التخاصيّة بهدف تعزيز دور القطاع الخاص والنهوض الاقتصاديّ، ومع كُلّ مشاريع الخصخصة في النهاية نجد أن الحُكومة استعادت جزءاً كبيراً من حصصها من الشركات المُباعة إما مباشرة أو من خلال الضمان مثلما الحال في شركات النقل والكهرباء، والأكثر غرابة انه بعد كُلّ ما حدث من تخاصيّة ما زالت الحُكومة تسيطر على اكثر من 56 في المئة من الناتج المحليّ الإجماليّ.
اتفاقيات توليد الطاقة المتجددة التي أبرمتها الحُكومات مع شركات استثماريّة لمدة 25عاما، هي الأخرى خالفت الهدف الأساسيّ منها، فالأمل كان أن تنخفض أسعار الكهرباء على المواطن وأن يجني ثمرات هذا الانخفاض بعد انتشار الطاقة المتجددة، إلا أنه للأسف لم يشعر بها أبداً بسبب التعرفة الكبيرة التي تتقاضها تلك الشركات من الحُكومة لقاء إنتاجها لكهرباء تفوق حاجة المملكة، وتقدّر كُلّف ما تتقضاه تلك الشركات من الخزينة بحوالي 400 مليون دينار تدفعها الحكومة للشركات دون أي عائد.
المجتمع الدوليّ لم يترك الأردن وحيداً في أزماته الاقتصاديّة المُختلفة، وقدم مساعدات كبيرة للاقتصاد، غالبية تلك الأموال أنفقت على نفقات تشغيليّة غير استثماريّة، ولم تحقق أي مردود إيجابيّ على النُمُوّ الاقتصادي بالشكل المطلوب، في المنحة الخليجيّة والبالغة 3.7 مليار دولار حيث وجُه غالبيتها لتمويل مشاريع ذات قيمة مضافة ضعيفة، فغالبية مشاريع المنحة كانت مخصصة لـ»تزفيت الشّوارع «وبقيمة اقتربت من المليار دينار.
الحُكومات هي من دخلت في مشاريع تطوير القطاع العام وتأهيله ورفع كفاءته والنتيجة هي تراجع في الأداء والإنتاجيّة.
أقولها بصراحة، نعم هناك تحدّيات خارجيّة تُلقي بظلالها على شؤوننا الداخليّة، لكن التحديّ الأكبر هو تراجع الإدارة العامة وغياب العقل الاقتصاديّ المؤسسيّ في السنوات الأخيرة، فالمشاهد السابقة التي ذكرتها هي وليدة إدارات فارغة من المضمون والفكر الممنهج والسليم، لذلك لا تلوموا الخارج بل أنفسكم على ما قمتم به.

الدستور - 

الخميس 26 كانون الأول / ديسمبر 2019.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات