حماس وقرار «الانسحاب المنظم» من مسيرات العودة

تم نشره الأحد 29 كانون الأوّل / ديسمبر 2019 12:40 صباحاً
حماس وقرار «الانسحاب المنظم» من مسيرات العودة
عريب الرنتاوي

قرار حماس «وقف مسيرات العودة ورفع الحصار»، أو بالأحرى «إعادة هيكلتها» لتصبح شهرية بدل أسبوعية، وفي المناسبات الوطنية البارزة ... قرار حماس هذا، يشبه عملية «الانسحاب المنظم» للقطعات العسكرية بعد أن تخسر المعركة أو توشك على خسارتها ... لا معنى ولا تفسير لهذا القرار بخلاف ذلك، ولا ضمانة أو تأكيدا بان هذه المسيرات ستستأنف حتى بالوتيرة الجديدة التي تم الإعلان عنها.
من زاوية وطنية وأخلاقية، يتعين على حماس أن تصارح شعبها، أهل غزة على وجه التحديد، بالأسباب الفعلية التي جعلتها تقرر الشروع في الثلاثين من آذار الماضي في إطلاق هذه المسيرات، ثم لتعود عنها وتعلن الجمعة الأخيرة من العام 2019، الجمعة الأخيرة لهذه التجربة في صيغتها وشكلها التي نشأت عليها ... بعد ارتقاء قرابة الـ 350 شهيداً، وآلاف الجرحى والمصابين والمعوقين، من واجب حماس على شعبها، أن تخرج عليه بـ»كشف حساب»، تضع التجربة برمتها في ميزان الربح والخسارة.
لم نأخذ على محمل الجد، ومنذ اليوم، أن هدف هذه المسيرات ينسجم مع اسمها ... لقد لعبت حماس على وتر «حق العودة» الذي طالما لامس شغاف قلوب اللاجئين ... ولم نكن ننتظر لهذه المسيرات، أن تنتهي برفع الحصار المضروب على القطاع، على الرغم من التضحيات والبطولات الاستثنائية التي صاحبتها ورافقتها منذ يومها الأول ... قلنا، وفي هذه الزاوية بالذات، أن حماس تسعى إلى شيء آخر: تحسين شروط صفقة تهدئة مع الاحتلال، تتضمن تخفيف القيود والعقوبات المضروبة على القطاع، نظير بقائها في السلطة، ووفائها بمتطلبات التهدئة ومندرجاتها.
وحين بدا لنا بعد عدة أشهر، أن إيقاع المسيرات، مضبوط تماماً على وقع المفاوضات والوساطات، تجلى لنا أسوأ ما في كوابيسنا: أولوية حماس البقاء على رأس «سلطة الأمر الواقع» في القطاع، حتى وإن كان الثمن، كل هذا السيل الجارف من الخسائر والتضحيات.
على حماس أن تمتلك جرأة مصارحة مواطنيها وشعبها، لماذا اتخذت القرار ولماذا تراجعت عنه، حتى لا يبقى الباب مفتوحاً لشتى التكهنات والتقديرات، وحتى لا يخرج علينا «الشتّامون» و»الاتهاميون» بشتائمهم القبيحة واتهاماتهم المعلبة الجاهزة ... نحن قلنا ونقول هذه هي أهداف حماس من وراء إطلاق «مسيرات العودة»، فما الذي ستقوله الحركة، وهي توقف هذه المسيرات من دون أن تحقق أهدافها.
لقد أساءت الحركة التقدير، وظنت أن بضعة أشهر من «التظاهر الخشن» على «السياج الحدودي كفيلة بإرغام إسرائيل على التراجع ... هذا لم يحدث، برغم خشونة المواجهات ... فإسرائيل اعتمدت تكتيكاً دموياً للرد على بالونات المسيرات وطائراتها الورقية وأدخنتها المتصاعدة ... لقد باتت كلفتها على الفلسطينيين أعلى بما لا يقارن، من كلفتها على الإسرائيليين، مع أن كثيرين من قادة «المحور إياه» ورموزه الإعلامية لطالما خرجوا علينا بأحاديث وتصريحات، تتحدث عن «انقلاب المشهد» و»تغيير قواعد الاشتباك» وغير ذلك من شعارات هاذية، لم تقنع أياً من أسر الضحايا وأصدقائهم.
ثمة من يقول إن القرار الحمساوي بوقف مسيرات العودة (إعادة برمجتها)، إنما يشى بقرب التوصل إلى «صفقة التهدئة»، هذا وارد، وإن لم يكن غير مرجح ... المؤكد أن هذه المسيرات لم تعد تؤثر في الجدل الداخلي الإسرائيلي، ولم تنجح في فرض إيقاعها على جدول الأعمال الإسرائيلي، بل ولم تعد تثير سوى اهتمام عدد محدود من المحطات والقنوات الإخبارية، أما المجتمع الدولي والعالم العربي، دع عنك إسرائيل، فلم يعد يولي المسألة المكلفة، الاهتمام الذي يليق بها.

الدستور- 

السبت 28 كانون الأول / ديسمبر 2019.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات