الإعفاءات

تم نشره الأحد 09 شباط / فبراير 2020 12:29 صباحاً
الإعفاءات
سلامة الدرعاوي

لا يمكن لأي مشروع اقتصادي استثماري أن ينجز على أرض الواقع من دون أن يحصل على إعفاء تمنحه الحكومة له بأشكال متنوعة، تسهم في النهاية برفع قيمته وزيادة الجدوى الاقتصادية له.
في الأردن، كان موضوع الإعفاءات على مدى الأعوام الأخيرة محل جدل دائما ما بين مؤيد ورافض لآلياتها وأشكالها، فالأعوام الماضية كانت مليئة بقرارات رسمية تمنح لمستثمرين إعفاءات لمشاريعهم تحت مبررات مختلفة أهمها: تشجيع جذب المستثمرين وجذب الاستثمارات الأجنبية للمملكة بهدف زيادة النمو وخلق المزيد من فرص العمل.
على أرض الواقع، كانت الحكومات تمنح المستثمرين الإعفاءات المتعددة تحت الشعار نفسه، ولكن بأشكال متنوعة، مما أدى إلى ازدواجية في أشكال الإعفاءات الممنوحة بين المستثمرين ذوي الفئة الواحدة أيضا، فمنهم من يحصل على الإعفاءات الكاملة لكل مشروع، ومنهم من يحصل على أقل من ذلك.
حتى الاستخدام لتلك الإعفاءات خالف في كثير من الأحيان الهدف الأساسي من منحها للمشروع، فبعض المستثمرين استغلوا تلك الإعفاءات وباعوا مشروعهم مباشرة لمستثمر آخر مستغلين القيمة الجديدة للمشروع بعد حصوله على الإعفاءات، والبعض الآخر حصل على إعفاءات قد تعادل قيمة الاستثمار الفعلي إن لم يزد على قيمة وكلفة المشروع ذاته.
نعم هناك تشوهات كبيرة في آليات منح الإعفاءات نتيجة غياب المسطرة الواضحة في تطبيق آليات تلك الإعفاءات وكيفية حصول المستثمرين عليها، ومن هي الجهة التي تمنحها لهم.
في الحقيقة أدى تزايد الإعفاءات إلى هدر العديد من الضرائب والرسوم؛ إذ يُقدّر حجم الإعفاءات التي يتم منحها في المملكة بنحو (1,300) مليار دينار، وتصدر هذه الإعفاءات من جهات متنوعة من أبرزها: قرارات مجلس الوزراء، وإعفاءات المناطق التنموية، وإعفاءات قانون الاستثمار، وإعفاءات سلطة العقبة، وإعفاءات اتفاقيات دولية.
كل هذه الجهات مخولة بحسب القانون بمنح الإعفاءات لأي جهة استثمارية كانت وبأي قيمة أيضا، فلا يوجد أي مراقبة أو تقييم أو تحديد لتلك الإعفاءات من قبل تلك الجهات، وهنا تدخل الواسطات والمحسوبيات لدى الجهات السابقة والقوى المتنفذة في الحصول على أكبر حجم من الإعفاءات، وهذا بحد ذاته تشوه وفساد إداري خطير، حتى ولو كان صادراً عن جهة رسمية.
الأصل في الإعفاءات أن تكون صادرة عن جهة رسمية واحدة لا أكثر، بمعنى أن يكون هناك مرجعية واحدة لمنح المستثمرين الإعفاءات وهي هيئة الاستثمار لا غيرها، وتكون مناطة بأحكام قانونها، وآليات منحها تكون مناطة بمعادلة تنموية استثمارية تعود بالنفع على طرفي المعادلة الاستثمارية من حيث القيمة المضافة التي يجب أن تتوفر بها تلك المشاريع التي تمنح الإعفاءات، من حيث قدرتها التشغيلية للأيدي العاملة المحلية واستخدامها مدخلات إنتاج وطنية، وقدرتها على تطوير بيئة الأعمال وجذب المستثمرين وزيادة الصادرات الوطنية وتعزيز استقرار احتياطيات العملة الأجنبية.
من دون توحيد آليات منح الإعفاءات تحت جهة رسمية واحدة وتحت مظلة قانونية واحدة، ستبقى الاختراقات والتسلل من القوى النافذة للحصول على إعفاءات السمة الأبرز والأضعف في بيئة الاستثمار المحلية.

الغد 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات