لماذا أطيح بالمنصف مندوب تونس في الأمم المتحدة؟

تم نشره الإثنين 10 شباط / فبراير 2020 12:33 صباحاً
لماذا أطيح بالمنصف مندوب تونس في الأمم المتحدة؟
حازم عياد

لم تتردد دول الاتحاد الاوروبي في انتقاد صفقة القرن الامريكية، ورفض بنودها في بيان قالت فيه ان "مبادرة الولايات المتحدة، مثلما تم الإعلان عنها، تتجاوز المعايير الدولية المتفق عليها".

البيان الذي نشر بتاريخ 4 فبراير/ شباط الحالي أكد أن الاتحاد الأوروبي "لا يعترف بسيادة إسرائيل في المناطق التي احتلت في العام 1967"، لتؤكد دول الاتحاد تأييدها حل الدولتين على أساس حدود العام 1967 بالقول: "سيستمر في دعم كافة الجهود التي غايتها استئناف العملية السياسية، وفقا للقانون الدولي الذي يضمن حقوقا متساوية، ويكون مقبولا لجميع الأطراف"، وهي الصيغة ذاتها تقريبا الورادة بالقرار المقدم من المجموعة العربية والاسلامية (تونس واندونيسيا) لمجلس الامن.

الموقف الاوروبي لم يبلغ حد الادانة والرفض المطلق لصفقة القرن فهيئة البث الإسرائيلية اشارت الى أن دولًا أوروبية أحبطت مقترح وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل بتبني قرار مشترك شديد اللهجة ضد "صفقة القرن" الأميركية، للتحذير من تداعيات ضم الحكومة الإسرائيلية مناطق في الضفة المحتلة ومن ضمنها غور الاردن، ورغم الخلاف مع بوريل فإنه لم تتم الاطاحة بالرجل.

الدول الاوروبية تجنبت توجيه نقد مباشر لإدارة الرئيس الامريكي ترمب، وكشفت المساومات الداخلية عن وجود تيار داخل الاتحاد الاوروبي غير جاد في مواجهة الخطة الامريكية الاسرائيلية، الا ان دول الاتحاد الاوروبي لم تخف هواجسها من امكانية تقويض الصفقة للاستقرار في المنطقة؛ موقف لم يبتعد كثيرا عن موقف 107 من اعضاء مجلس النواب الامريكي الديموقراطي الذين حذروا من خطة ترمب وتداعياتها الخطيرة على استقرار دول المنطقة ومن ضمنها الاردن.

الموقف الاوروبي المضطرب لم يختلف في تفاصيله عن مواقف الكثير من الدول العربية، إلا أن موقف الدول العربية اشد اضطرابا، وتتجاذبها في كثير من الاحيان المصالح الشخصية للقادة السياسيين.

مواقف مضطربة ومشرذمة لم تعكسها مقررات الجامعة العربية او منظمة التعاون الاسلامي او اتحاد البرلمانيين العرب، بل عكستها المداولات والمناورات الطويلة والمضنية لصياغة قرار يقدم الى مجلس الامن يرفض حل القضية الفلسطينية بعيدا عن مقررات الشرعية الدولية دون الاشارة الى صفقة القرن، مناورات سقط ضحيتها مندوب تونس المنصف البعتي في الامم المتحدة.

المندوب التونسي كان يفضل صيغة قرار أقوى ومباشرة في إدانتها صفقة القرن، وسلوك الولايات المتحدة، حاله كحال وزير خارجية الاتحاد الاوربي جوزيب بوريل الذي لم يطح به وإنما تم تغليب مواقف اقل حدة بتأثير من عدد من الدول الاوروبية الداعية الى تخفيف حدة البيان الاوروبي لمصالح تجمعها بواشنطن، او لاعتبارات أيدولوجية يمينية مختبئة في ثنايا التوازنات السياسية في اوروبا.

موقف المنصف لم يختلف مع موقف بوريل، وما طرحه المنصف لم يختلف عما طرحه بوريل، والمساومات التي خاضها المنصف لم تختلف عن مساومات بوريل، الا ان المسارعة بالاطاحة بالمنصف كان الشيء الوحيد المختلف والمبالغ فيه جدا.

أطيح بالمنصف بحجة سوء التنسيق، علما بأن الدول العربية اتفقت في الجامعة العربية وفي منظمة التعاون وفي اتحاد البرلمانيين العرب على موقف لم تستطع ان تترجمه بذات القوة في مجلس الامن؛ فهو عيب المؤسسات العربية لا عيب المنصف! خصوصًا ان المساومات لا جدوى منها، وتأتي في سياق استرضاء امريكا على الارجح من بعض الدول العربية، لا من باب المساومة لتمرير القرار؛ فصيغة القرار المخففة لن تمنع ادارة ترمب من استخدام الفيتو لإسقاطه في النهاية، فلماذا التضحية بالمنصف وفي هذا لتوقيت الحساس؛ اذ انها رسالة سلبية ونقطة ضعف لم نلحظها في الاتحاد الاوروبي، رغم الخلافات الحادة والهجمة على بوريل، رسالة كان بالإمكان تأجيلها إن صحت المبررات المهنية المزعومة بحق المنصف.

السبيل



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات