يحدث في مجتمع «الفهلوة»..!

تم نشره السبت 30 أيّار / مايو 2020 12:42 صباحاً
يحدث في مجتمع «الفهلوة»..!
حسين الرواشدة

في سياق التحولات التي طرأت على مجتمعنا، ظهرت طبقة من «الفهلوية»، سرعان ما تغلغلت في أعماق قطاعات من العاملين في معظم المجالات، كلمة السرّ فيها استخدام الحيلة والشطارة للحصول على أي شيء، وتبرير أي شيء، وانتزاع اعجاب الآخرين او قبولهم حتى لو كان مغشوشاً.

لم تكن سمة «الفهلوة» من السمات الاصيلة في الشخصية الأردنية، على العكس تماماً، فقد تميزت هذه الشخصية بالوضوح والاستقامة والاعتزاز بالذات، كما انها تنزهت عن منطق التذاكي والسطو على احترام الاخرين اليها والتحايل عليهم، الاّ ان ما طرأ من تحولات على المنظومة القيمية والأخلاقية نتيجة عوامل سياسية واقتصادية متعددة، دفع طبقات من الباحثين عن حظوظهم في «تربة» لا يستطيعون النمو فيها بشكل طبيعي الى انتحال «الفهلوة» كوسيلة، ثم تمددت وأصحبت جزءاً من «البلوى العامة» التي نعاني منها على مختلف الأصعدة.

لدينا ما يكفي من نماذج «للفهلوية» الذي أصمّ ضجيجهم آذاننا، ابتداء من أصحاب الحرف البسيطة الذين تدفعك الحاجة الى التعامل معهم لإصلاح أعطال في بيتك أو سيارتك او حاجاتك الاخرى، الى أصحاب المهن المتوسطة الذين تقصدهم بهدف الحصول على خدمة او استشارة، الى الموظف العام وممثلي الضمير العام، سواء اكانوا في حقل الإعلام أو السياسة أو في سوق الدين والتجارة.

لا تحتاج لمزيد من «الفطنة» حتى تكتشف أصناف «الفهلوة» ممن قد تسمعهم ا وتقابلهم، ما عليك الاّ ان تدقق في حركات «النط» التي يمارسونها، او في دعاوى المعرفة والعلم التي يطلقونها، أو في «خفة» الظل التي يمارسونها لإيهامك بأنهم يتمتعون بما يلزم من ذكاء ودماثة ودعابة، او في مهارات السيرك التي تدربوا عليها لخطف الأبصار وتسليط الضوء عليهم حين ينصبون «مصائدهم» لخداع الفريسة التي يريدون اصطيادها.

أسوأ ما في «الفهلوة» هو ان تصبح نوعاً من «الاحتيال» المشروع، بحيث يمارس الفهلوي مهاراته ونشاطاته في الفضاء العام، ناهيك عن الخاص، بقناعة انه يفعل ما يجب فعله، والأسوأ من ذلك ان يجد المجتمع نفسه أمام «حالة» تفرض عليه «التكيف» معها او تبريرها، او ربما – الاحتفاء- بأصحابها وتقديرهم.

اذا حدث ذلك، وهذا ما أخشاه، سيتحول المجتمع، او أغلبيته، الى مجموعات من «الفهلوية» ليس فقط لمواجهة ظروف الحياة الصعبة بالتحايل عليها، او لكسب المزيد من المعجبين والمريدين، وانما لممارسة أبشع أنواع «النهب» والسطو، سواء باسم السياسة او باسم المال او باستخدام الإعلام، او حتى على منصات العلم والتعليم والتوجيه والثقافة.

عندها لا يستطيع أحد ان يلوم أحداً، فالجميع سيكون ضحية لعصر جديد من «الفهلوة» الاجتماعية والسياسية والثقافية، وكما حوّل مجتمع «الفرجة» الذي افرزته الصورة في الإعلام الإنسان الى مجرد سلعة لا قيمة لها، فإن مجتمع «الفهلوة» سيحول هذا الانسان ( لا قدر الله ) الى نمط «حربائي» متلون ومنزوع من القيم والأخلاق.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات