المحقق كونان وقضايا الفساد العراقي

تم نشره الجمعة 31st تمّوز / يوليو 2020 12:28 صباحاً
المحقق كونان وقضايا الفساد العراقي
محمد جواد الميالي

أولى مخاضات التجربة الديمقراطية، أنتجت أحزابا تبحث عن تعميق جذورها في الحكومة العراقية العميقة عن طريق تشعب أتباعها داخل المؤسسات الحيوية، ليهيمنوا على مقدورات الشعب من المال والتعيينات وحرمان المواطن من الخدمات، مما عمق وثبت مصطلح الدولة العميقة الذي أرتبط بحزبين لغاية اللحظة.. ويدعي بعظهم أن أهم جذورهم كانت وتداً صلباً في القرارات القضائية..

السلسلة اللامنتهية في الفلسفة تتشابه مع سلسلة تبعية أرتباط الحقائب الوزارية والمناصب في الحكومة، بألتصاقها تباعاً بقادة الكتل والتيارات وفق ما تمليها عليهم أرتباطاتهم بالدول الإقليمية وقرارات السفارة، ليكونوا عبارة عن حلقات متصلة من الدمى في مسرحية يكتب الأقوى فصولها، ليتقتنع بها الجمهور المظلل..

أخطر ما يخاف منه يتجسد في مقولة الإمام علي عليه وأله أفضل الصلوات حين قال "إذا فسد القضاء فسدت الأمة" هذه الحكمة توضح لنا أهم أسباب تراجع المجتمع العراقي بكافة مكوناته، بالإضافة إلى الهدر والفساد في المال العام الذي لو تم وضع العشر منه في موضعه الصحيح، لكان من الممكن أن تجعل المواطن العراقي، ممن يعدون أصحاب الدخل العالي في العالم..

العجيب ليس الفساد الذي نخر أروقة الحكومة فهو معتاد، وإنما ما نقل من تصريح لأحد للنواب، حين وضع المتابع للقضية العراقية في زاوية مظلمة، عندما نقل " قدوم ٢١ محققاً دولياً للتحقيق في قضايا فساد في جميع مفاصل الوزارات العراقية".. وهذا يجعل دور القضاء والنزاهة في صندوق أسود، لأن طلب المساعدة من الخارج يجعل من في الداخل يبدون وكأنهم لا فائدة ترجى منهم..

هذا يثبت الإتهام المتداول إعلاميا وشعبيا، بأن كل السلطات والمؤسسات في العراق تخضع للتحزبية المقيتة.. لأن تصريح النائب يتزامن طردياً مع سبات الدورات البرلمانية السابقة، ويتناسب عكسياً مع الدور الرقابي لهيئة النزاهة، الذي يشبه دور المحقق "كوكوري" في الكارتون الياباني الشهير.. ذلك المحقق ذو الدور المؤسف في توجيه أصابع الأتهام للكل، ماعدا المجرم الحقيقي!

كثير من المشاركين في الحكومات المتعاقبة هم ممثلون بارعون، أستطاعوا أن يجذبوا جزء من الجمهور ويوهمهم بشعارات كاذبة على مدى سبعة عشر عاما، وربما سيتكرر لكنه هذه المرة بين جهل الشعب وإستغلالية بعض الأحزاب.. فالأثنان يشتركان بخراب الأمة.

المنعطف الأخير لإحتجاجات تشرين وضعة الجميع في خانة واحد، فأما مبادرة لإصلاح مايمكن إصلاحه والأتجاه نحو الإنتخابات المبكرة، أو إنهيار كامل لمنظومة مابعد ٢٠٠٣ الديمقراطية.

العراق اليوم أمام تحدي خطير، يفصله بين إنهاء وجود الدولة العميقة التي تمثل التيارات الفاسدة، وبين دولة المؤسسات التي نحلم بها.. فإن فشلت هذه الحكومة في توجيه الضربة القاضية للفساد، ولم تستطع أن تكسر شوكته، عندها لن يكون لدينا سوى خيار اللجوء إلى المحقق كونان ليخرجنا من عنق الزجاجة.. وينهي آخر آمالنا بعراق مستقل معاصر، لأن الحقيقة لو تجلت لناظرها ستملئ العراق دماً..

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات