حركة تشرين من زاويةٍ أخرى

تم نشره السبت 29 آب / أغسطس 2020 12:19 صباحاً
حركة تشرين من زاويةٍ أخرى
عباس البخاتي

الجميع متفقٌ على إنَ ما جرى في تشرين من العام الماضي يعد حدثاً استثنائياً أثر في ولادة رؤية جديدة للواقع العراقي شبيهة بما حصل بعد إحتلال داعش لبعض المدن العراقية.
هذا الوصف بعيد عن المبالغة إذما قُورِنَ بالمتغيرات الإجتماعية والنفسية التي شهدها البلد بعد سقوط النظام السابق، لكن ثمة حالة معينة هيمنت على السلوك الجمعي جعلت الجماهير متحكمةً بمسار الاحداث.
كثيرةٌ هي دوافع هذا الحراك والخوض بتفاصيلها يتطلب جرأةً وصراحةً وموضوعيةً لوصف الاشياء بحقيقتها دون تلميع او محاباة.
أن الحراكَ الذي جمع المتناقضات في نفق "التحرير" يحتم على الباحث النظر في تفاصيله من عدة زوايا.
لقد عبرت المرجعية في وصفها لما ستؤول إليه الأمور "ان ما بعد هذا الحراك ليس كما قيله" فهل يعني ذلك وقوفها وتأييدها ضمنيا لمشاهد القتل والسحل وتعليق الجثث وحرق المؤسسات الحكومية والتجاوز على الممتلكات العامة والخاصة ومظاهر العري والتحلل ودعوات الإلحاد والتجاوز على القيم؟
ام ان الأمر يخفي في تفاصيله جوانب أخرى تستحق الدعم والمساندة والتأييد؟
لاجل إماطة اللثام عن هذا الغموض لابد من الإقرار بأن الجماهير_ بغض النظر عن خلفياتها الثقافية وغاياتها خرجت للمطالبة بأمور حقة تسببت بها السياسات الخاطئة للطبقة السياسية الماسكة لزمام الأمور.
لكن الملفت للنظر ان قطاعات واسعة من ابناء هذا الحراك أراد أن "يصيب السنة لكنه اخطأ الأدب"! الأمر الذي انعكس سلبا على الحراك برمته وساعد في ذلك أن العقلائي في تلك الساحات فقد الجرأة عن التعبير عن نفسه وإثبات وجوده أمام هذا الصخب الذي حظي بدعم إعلامي معروف الغايات والدوافع.
الجوانب المشرقة التي افرزها حراك تشرين غُيِبَتْ لأسباب تتعلق بالهوية الوطنية كونها لا تنسجم مع الأجندات التي دخلت على خط الازمة، والتي تعاني عقداً نفسية وتاريخية تجاه مفهوم الحس الوطني، وعملت ما بوسعها للإطاحة به وتشويه صورته وان اختلفت غاياتها ويمكن تلخيصها بثلاث جهات:
الجهات التي دعمت وايدت الحراك بقوة دون أن تميز بين السلمي أو ذات الطابع العنفي، وغايتها في ذلك إسقاط التجربة السياسية أوتحجيم دور المنافس السياسي وإسقاطه في نظر قواعده الشعبية، والأصل في ذلك يعود لأسباب متعلقة بعقد الماضي.
الجهة الثانية هم الفاسدون الذين كانوا سبباً في وصول الحالة المأساوية لما هي عليه من التردي وسؤ الادارة والمحسوبية واحتكار الدولة لمجموعة من الذوات.
وصف الحراك بالوطني وتصدر خطابه المتعقل لايروق لتلك الجماعات كونه يفضح اساليبها في هدر مقدرات الدولة وتبديد ثرواتها، فكانت وسائل الإتهام المباشر افضل الأساليب لتحجيم التفاعل الجماهيري وبالتالي تصويره كحركة مناوئة للنظام العام وتعمل على العبث في استقرار البلاد.
الجهة الثالثة هم المتظاهرون أنفسهم الذين اعانوا على أنفسهم من قبيل تبني أساليب مخجلة للتعبير عن الرأي وعدم انصاتهم لدعوات العقلاء في الحفاظ على مبدأ السلمية في التظاهر كذلك عدم ثقتهم بكل الطبقة السياسية وهو خطا في حد ذاته كون تلك الطبقة جائت بأصوات ناخبيها والواقعية تفرض نفسها بضرورة الإعتراف بالامتداد الجماهيري لمعظم المسميات السياسية بغض النظر عن الاختلاف معها.
بغض النظر عن سلبيات او إيجابيات ما يعرف بحراك تشرين لكنه فرض نفسه كواقع ضمن المعادلة السياسية خصوصا بعد تشخيص جوانب مهمة تدعو لتشجيع البعد الوطني ضمن تفاصيله ومن أهمها ان المتظاهر اليوم يرى في الحاكم موظفاً خوله الشعب لادارة شؤونه وان الدولة ومؤسساتها هي ملك للشعب وما على الحاكم الا حسن التصرف في ما ليس له وهي ثقافة لم تكن موجودة سابقا حيث كان المواطن يرى في نفسه خادما في مؤسسات الدولة التي يملكها الحاكم.، ولا يحق له التعبير عن رأيه او المطالبة بحقه.

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات