على طاولة لجنة التحديث

تم نشره الإثنين 14 حزيران / يونيو 2021 12:49 صباحاً
على طاولة لجنة التحديث
عمر عليمات

في السياسة كما في الحياة دائماً هناك فرصة لإعادة التفكير لتقييم مرحلة سابقة والتخطيط لمرحلة مقبلة، وبغض النظر عما يحيط بالفرصة من تحديات وصعوبات، تبقى لحظة مناسبة على الجميع التقاطها والاستفادة منها، بحيث لا نبقى بين متشائم ومتفائل دون أن نحرك المياه الراكدة ونعرف ما تخفيه.

اليوم نحن أمام فرصة وعلى الجميع أن يعوا أن المرحلة الحالية فيها من التحديات الداخلية والخارجية ما يجعلنا نتمسك بهذه الفرصة، حتى لا نصل إلى مرحلة يصعب معها الجبر أو الرتق، فرغم حدة الانقسام بشأن لجنة تحديث المنظومة السياسية ومدى إلزامية مخرجاتها، وعكسها على المنظومة القانونية التي ستحدد مستقبل العمل العام في الدولة إلا أن الثابت هو أنه لا أحد يريد الفشل، وتكرار تجارب سابقة ما زالت عالقة في ذاكرة الشارع.

على اللجنة أن تضع في مقدمة أولوياتها موضوع إعادة الثقة الغائبة، الأمر الذي يتطلب ممارسات مختلفة وآليات بعيدة عن مجرد التنظير السياسي، فما يريده الشارع ليس موضوعاً معقداً بحاجة لدراسات وبحوث واستقصاء للرأي، فأي مطلع على الشأن العام يعرف تماماً أن المطالب تتلخص في ثلاث ركائز أساسية، هي العدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية وسيادة القانون، وجميعها مصونة دستورياً، وما على اللجنة سوى الخروج بمقترحات قوانين تعيدنا إلى ما كفله الدستور أصلاً.

ليس المطلوب من اللجنة وهي تجتمع للحوار والنقاش أن تعيد البناء، بل أن تبني على ما أُنجز طوال المائة عام الماضية، فلا أحد يريد أن نعيد قراءة ثوابت الدولة وتوجهاتها، بقدر ما يريد الجميع العودة إلى روح الدستور الذي ينص صراحة على أن: «الاردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين».

خوض غمار تمحيص الدستور يجب أن يسبق الحديث عن أي قوانين أخرى، فكلما كان الدستور محكماً كان سداً منيعاً يضمن عدم الانزلاق إلى فجوات قانونية تنشأ – وقد نشأت - نتيجة ميل البعض لحَرْف البوصلة بما يتوافق مع مصالحه وتوجهاته، فالدستور ضامن لحقوق وواجبات الجميع، ودون ذلك قد ننحرف لا قدر الله إلى الوضع الذي وصلت إليه الكثير من دول المنطقة، بسبب هلامية الدستور وعدم الاحتكام إلى نصوصه كما يجب، باعتبارها كلمة الفصل التي لا يعقبها تعليق ولا رأي.

الإصلاح المنشود والمتفق عليه من الجميع هو الإصلاح في إطار الاستقرار، إذ لا يرغب عاقل بتغيير هيكلي سريع ومفاجئ تكون نتائجه عكسية، إذ على اللجنة الذهاب مباشرة نحو الفجوات الظاهرة والواضحة للعيان، وعدم توسيع البحث والنقاش بحيث يصبح الوضع فضفاضاً وترقيعياً لا ثمار مباشرة له، فالمطلوب ببساطة هو العمل على قوانين تضمن سدّ الفجوات وإعادة كافة المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى دورها الصحيح، دون أن تتغول واحدة على الأخرى، وهذا هو لُب الإصلاح ، فكلما كان الفصل بين السلطات قائماً، كان الدستور والقانون الفيصل والحكم.

ندرك أن اللجنة ليست جهة تنفيذية، ودورها أشبه بالدور الاستشاري والإرشادي، إلا أن على كافة أعضائها إدراك حجم المسؤولية التي تقع على كاهلهم، فإما نقلة تاريخية تؤسس لمئوية الدولة الثانية، وإما الذهاب بنا نحو انفجار الاحتقان مرة واحدة، وعندها سنكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، فالأردن الذي استطاع أن يعيش ضمن محيط ملتهب وضغوط خارجية لم تنقطع يوماً، تمكن من مواجهة ذلك نتيجة لصلابة الداخل وتماسكه، وهذا ما نفتقده اليوم، ومَن يُنكر هذا إما أن على عينيه غشاوة أو لديه ما لا نعرفه.

الخلاصة: على اللجنة المشكّلة أن تدرك أن الأردن في مرحلة مفصلية لا تقبل النقاشات الهلامية التي تتناول كل شيء ولا تخرج بشيء، وأن تركز جهودها على أعمدة البناء دون الانزلاق إلى التفاصيل التي قد تأتي في مرحلة لاحقة، لذا فنحن ننتظر من اللجنة أن تخرج علينا بما يضمن الفصل بين السلطات، ويعطي كل ذي حق حقه، وغير ذلك ليس أكثر من رتوش لا تسمن ولا تغني من جوع.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات