الإنتخابات العراقية.. وما بعدها

تم نشره الجمعة 17 كانون الأوّل / ديسمبر 2021 07:50 مساءً
الإنتخابات العراقية.. وما بعدها
زيد شحاثة

كان يفترض بنتائج الإنتخابات العراقية, أن تكون نقطة فاصلة في حسم كل الصراعات السياسية, وتحدد الفائزين من الخاسرين, ومن تقبل الجمهور مشاريعهم وبرامجهم, ومن لم يفعل معهم ذلك.. فهكذا هو حال الديمقراطية كما كان يفترض أن تكون عليه, ونتيجتها الديمقراطية في معظم دول العالم..
كانت نتائج إنتخاباتنا مغايرة تماما لذلك, فرغم أنها أفرزت طرفا له عدد مقاعد كبير نسبيا, مقارنة ببقية منافسيه الأخرين, لكنها أيضا أنتجت إعتراضات كبيرة جدا, نتيجة لشكوك وشكاوى بعظها كان منطقيا, لوجود مؤشرات كبيرة على حصول تلاعب بشكل ما, ووجود تقارب في عدد ما ناله كل حزب منهم من أصوات الجمهور, رافقه وجود تباين واضح وكبير في عدد ما نالوه من مقاعد!
رافق كل ذلك, تصعيد سياسي غريب, من معظم الأطراف فائزة كانت أو خاسرة, وكأننا في وسط لعبة, يقودها "مراهقون" لا يفقهون حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقهم, ولا يدركون أن ما يتنافسون عليه هو مصير بلد, له تاريخ كبير وعريق وله مكانة وأهمية كبيرة, لا لشعبه فقط ولكن للإقليم والعالم.. وتسود علاقات تلك القوى عدم ثقة عظيمة, ناهيك عن تقلب في المواقف, ونهم وتلهف" لإبتلاع" المناصب الحكومية, مع لعب دور المعارض لها, وبشكل متكرر حتى صارت مواقفهم أقرب للنكتة السمجة!
ورغم أن الفوز لطرف بعينه كان واضحا عدديا, لكنه لم ولن يتيح له الإنفراد بقرار البلد ولا حتى مكونه في الأقل.. فتعقيد الوضع السياسي العراقي, وطريقة سير الأمور تبعا لما أسسه المحتل من نظام حكم, ووجود عوامل إقليمية ودولية مؤثرة, لن تسمح لأي جهة بذلك, على الأقل في المدى القريب المنظور.. رغم أن هذا خلاف ما يتمناه الجميع من حكم للأغلبية, بإفتراض أننا نعيش وضعا ديمقراطيا!
وبعيدا عن كل تلك الضوضاء, والتشتت والحيرة والإرتباك, والتهجم والتصعيد المقلق والساذج الذي يسود المشهد, فمن المؤكد أن هناك ممن يملكون شيئا من حكمة وتعقل ووسطية, سيكون لهم تحركات في "الأروقة الخلفية" سيقربون المطالب للفرقاء, وسينزلون أصحاب السقوف العالية في المطالب, من أبراجهم الوهمية ويجلسونهم معا, عند أرض الواقع الحقيقي.. والنتائج لن تكون مرضية, لكنها ستكون ضمن المتاح وبأقل خسائر ممكنة..
ما بعد نتائج إنتخابات, هو أهم واخطر من عملية الإنتخابات نفسها, هذا ما أثبته واقعنا وتجاربنا السابقة.. ولازلنا كمجتمع لم نبلغ مرحلة كافية من النضوج السياسي, لندرك كل تفاصيل لعبة الحكم والأمم, ودور كل طرف فيها, ولازلنا نخدع بقضايا ساذجة أو خطابات فارغة إنفعالية, ولا نميز بين من يحمل مشروعا لبناء دولة, وأخر يخدعنا بمواقف وأحاديث لا تغني ولا تسمن.. وسنحتاج لوقت ليس قصيرا لنزداد وعيا ونفهم أكثر, لكننا سنصل لذلك يوما.
لن يخسر الساسة المتنافسون في تلك اللعبة كثيرا, فمن يدفع ثمن صراعهم وتقاتلهم على السلطة, هو الشعب والوطن.. وكلما تأخرنا في فهم الأمور, و لم نتعلم كيف نميز بين من يحمل مشروعا, ومن يخدعنا بشعارات أو تاريخ أو أرث أو منجزات مكذوبة وهمية لا قيمة لها, سيزيد مقدار ما ندفعه من عمرنا ثمنا للوصول لما نحلم به, من عيش كريم وحقوق واجبة للإنسان.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات