ماذا لو اختارت إيران «التنمية» بدلاً من التدخل؟

تم نشره الإثنين 13 حزيران / يونيو 2022 12:54 صباحاً
ماذا لو اختارت إيران «التنمية» بدلاً من التدخل؟
عمر عليمات

تتواصل حركة المظاهرات الشعبية في إيران احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار، في الوقت الذي تؤكد فيه كافة المعطيات ألا أمل لطهران برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها نتيجة عدم التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة بخصوص البرنامج النووي.
المرشد الأعلى علي خامنئي حاول رمي الكرة بملعب «العدو» الأمريكي الذي يستغل الاحتجاجات لاستهداف الجمهورية وضرب النظام الإسلامي، إلا أنه لم يتطرق للأسباب الحقيقية لهذه الاحتجاجات، فلو افترضنا صدقية ما يطرحه المرشد فهي محاولة لاستغلال واقع قائم، وبهذا فإن مَن يتحمل المسؤولية هو الطرف الذي مهد الطريق أمام الولايات المتحدة والغرب للاستفادة من الظروف المعيشية السيئة للشعب الإيراني، وبعبارة أخرى فإن المرشد والحكومة هما المتسبب بمعاناة الناس وهم مَن سمح «للعدو» بمد يديه ورجليه في الساحة الإيرانية.
إيران وفي ميزانية العام الجاري خصصت 22 مليار دولار للحرس الثوري ونحو 8 مليارات للجيش الإيراني، وهذا الرقم في عام واحد، ولنا أن نتخيل حجم الأموال التي تم انفاقها لخدمة مشروع التوسع والتدخل في الإقليم خلال السنوات العشر الأخيرة فقط.
ولعل السؤال المنطقي هو، ماذا لو اختارت طهران التنمية بدلاً من التوسع والتدخل؟، وماذا لو انفقت إيران كل هذه المليارات للنهوض بقطاعاتها الصناعية والتجارية والسياحية؟، واستغلت ما جادت به الجغرافية عليها من خيرات وثروات، وماذا لو كانت النموذج الناجح بدلاً من النموذج التدميري؟.
الإجابة على التساؤلات السابقة ليست بتلك الصعوبة، فلو اختارت إيران التنمية لكانت اليوم نموذجاً للرفاه والتقدم، فما تمتلكه من مقومات جغرافية وديمغرافية وطبيعية يؤهلها لأن تؤثر بشكل إيجابي ومقبول دون كل هذه المتاهات التي أدخلت فيها شعبها وشعوب المنطقة ودولها، فالعالم وإن لم تعجبه سياسة الدول إلا أنه ينجذب تماماً للنماذج التنموية المتقدمة.
إيران ورغم كل أذرعها الخارجية وانفاقها العسكري ما زالت غير مقبولة وينظر لها نظرة الدولة التخريبية التي لا هدف لها سوى تصدير ثورتها وزعزعة الاستقرار في الدول الأخرى، هذا إلى جانب معاناة شعبها وتراجع أوضاعه المعيشية، فما الذي استفادته من كل هذه المحاولات التي لا طائل منها؟، فهل هناك عاقل يتوقع بان تسيطر طهران على المنطقة وتصبح القائد الإقليمي فيما البقية تابعة؟ هذا السيناريو محكوم عليه بالموت لأسباب تاريخية ومذهبية وقومية ووطنية، فأي عقل هذا الذي يريد للعالم العربي أن يتخلى عن كل إرثه ليتبع إيران؟، وأي فكر هذا الذي أنتج هذه السياسة المدمرة داخلياً وخارجياً؟ إلا إذا كان النظام في إيران يرى في هذا النهج «قبلة الحياة» التي يتنفس منها، رغم أن التاريخ العالمي مليء بالشواهد والتجارب الفاشلة لمثل هذا النهج.
سياسة إيران معضلة إقليمية، ومهما طال الزمان أو قصر لن يُكتب لمشروعها النجاح حتى وأن خصصت كل «تومان» تمتلكه لخدمة هذا المشروع، فهو قائم على إلغاء الآخر، والآخر ليس بذلك الضعف ولا القلة بحيث تتمكن من الغائه.
إيران ابتعدت كثيراً عن العقلانية، فلو ذهبت بملياراتها نحو تنميتها الداخلية وعملت على تصدير التنمية والرفاه، لكانت النظرة إليها مختلفة تماماً، فالناس تبحث عن النجاح والفرص والمستقبل، وتجاوزت «لطميات» وأحلام السيطرة والتفوق القائم على تاريخ لن يعود، ولن يُكتب مرة أخرى.
بالمحصلة إيران ما زالت لديها فرصة بأن تعود، فدول المنطقة مؤمنة بأن الحرب ليست خياراً، والجميع يريد أن يمد الجسور ويفتح قنوات التواصل والتنمية والازدهار والاستقرار، فهل من عاقل في إيران يجرؤ على طرح السؤال: ماذا لو اختارنا التنمية بدلاً من التدخل؟.

الدستور



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات