الأرملة المعيلة.. الحياة في كبد الأزمة الاقتصادية

تم نشره الأربعاء 29 حزيران / يونيو 2022 03:41 مساءً
الأرملة المعيلة.. الحياة في كبد الأزمة الاقتصادية
تعبيرية

المدينة نيوز :- بشرى نيروخ – ليس أشق على الانسان من ان يعيش لحظة تنقلب رأسا على عقب حياته الاسرية، خصوصا بفقد الزوج الذي لا تستوي الحياة دونه؛ فحينها يلقى على عاتق الأرملة العديد من المسؤوليات وعلى رأسها مسؤولية الأبناء.
هذا الوصف، ينسحب على النسبة العظمى من الارامل في وقت تتعاظم فيه نسب الفقر والحاجة بوتائر يندر أن يفلت منها أحد، بيد أنّ مفهوم الارملة المُعيلةِ يتخذ هنا اشكالاً غير مسبوقة من المعاناة التي تعني خلخلة عميقة في نظام الاسر وطريقة عيشها وانتظام حياتها.
فقصص الارامل المعيلات، إذا أخذنا بالاعتبار أن في المملكة ما يزيد على 30 الف ارملة معيلة يتلقين مختلف اشكال المعونة بحسب بيانات رسمية، غدت موضوعا تتداوله كل الاوساط الاجتماعية التي تُكبرُ في المرأة التي تواجه بجلد، تضحيتها ونجاحها في قيادة دفّة أسرتها صوب ضفاف مشرقة.
أم مصطفى، أرملة منذ نحو عشرين عاما، تصدت لمسؤولية ستة أطفال ونجحت في هذا الامتحان العسير، لكن أحد ابنائها يعاني من نوبات صرع، ما اضطرها إلى ادخاله أحد المراكز المتخصصة برعاية هذه الفئة، وهو ما يثقل كاهلها ويفت في عضدها.
تقول ام مصطفى، ان ما تتلقاه من دعم لا يشكل سوى نزر يسير من متطلبات الابناء ونفقاتهم، حتى حلت جائحة كورونا التي "زادت الطين بِلّةً".
وفي المقابل من هذا تقول رئيسة جمعية ارامل وادي موسى والاسر التنموية عدلة عيسى الطويسي ان الجمعية تسعى لتمكين المستضعفات في المجتمع ماليا واقتصاديا، من خلال التمويل من صندوق الإقراض في الجمعية، لتمكين الأرامل بشكل خاص، من رفع مستوى معيشتهن، فضلا عن إقامة مشاريع إنتاجية لرفع دخل الأسرة ودعم طلاب الجامعات.
وتوضح الطويسي أن الجمعية مدّت يد العون لنحو 18 سيدة، إحداهن أرملة لديها خمسة أطفال، وراتب زوجها التقاعدي الذي لا يتجاوز 100 دينار مرهون للبنك، مشيرة الى أن الجمعية نجحت في تأمين تمويل من جهة مانحة لهذه الأرملة لاستكمال بناء مأوى لأبنائها كان زوجها بدأ بناءه قبل أن يتوفاه الله، وهو ما وفر للأم فرصة للعمل في مجال البيع.
وتسرد الطويسي قصة أخرى لأرملة لديها ثلاثة أطفال يعانون من التقزم، حيث استطاعت الجمعية تأمين قرض لها بقيمة 1500 دينار مكّنها من فتح "ميني ماركت" يوفر لها دخلا معقولا ، لكنها تشير الى أن جائحة كورونا عصفت بإيرادات الجمعية خاصة وأن مقرها وعياداتها وأماكن التدريب كلها مبان مستأجرة.
وتبلغ نسبة الأردنيات الأرامل ممن أعمارهن 15 عاما فأكثر نحو 9.9 بالمئة من إجمالي عدد الاناث، ونسبة الأرامل ممن يرأسن أسرهن أكثر نحو 75.4 بالمئة، ونسبة المتعطلات منهن عن العمل نحو 7.9 بالمئة، وذلك حسب البيانات الإحصائية للمسح السنوي لقوة العمل 2021 الذي نفذته دائرة الإحصاءات العامة.
الناطق الإعلامي ومستشار المدير العام في صندوق المعونة الوطنية ناجح الصوالحة، يقول لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن أعداد الارامل (ربات الأسر) اللواتي يتقاضين معونة شهرية متكررة يبلغ 30652، فيما يبلغ عدد الأرامل (ربات أسُر) المستفيدات من برنامج الدعم النقدي الموحد نحو 2374.
واستفادت 53211 أرملة فعالة مستحقة لحصتها من الراتب التقاعدي لأزواجهن المتوفين، بحسب مدير مديرية التوعية التأمينية في إدارة المركز الإعلامي في مؤسسة الضمان الاجتماعي حسام السعدي.
وتوفر المؤسسة، بحسب السعدي، بعض الخدمات للأرملة كالسلف، إذ بإمكانها أن تتقاضى عشرة اضعاف صافي حصتها المستحقة على مدار 60 شهرا، على أن لا يتجاوز عمرها سبعين عاما، كما تعكف المؤسسة على استحداث برنامج التقسيط الدائم والذي سيتم الإعلان عنه لاحقا.
في كتاب صدر حديثا عن وزارة الثقافة للباحثة والأخصائية النفسية الدكتورة مي أحمد مهيدات بعنوان (الأرامل أنموذجا / برنامج الدعم والتأهيل المُقدم للمرأة الأردنية بعد مرور مئة عام على تأسيس الدولة الأردنية) تشير مهيدات الى أهمية العلاج العقلاني والانفعالي والسلوكي في تحسين نوعية الحياة لدى الأرامل.
وتوضح مهيدات أن المرأة الأردنية قد تواجه بعض النكسات التي تأتي بنتائج سلبية على أسرتها ومن أبرز هذه النكسات مشكلة فقدان الزوج (الترمل) والذي يُعتبر واحدا من أصعب مفاصل حياة الأسرة الأردنية التي تعد اللبنة الأساسية في المجتمع، مشيرة الى ان بعض الأسر المنكوبة بفقد الزوج قد تتعرض للتفكك الاجتماعي مع ما يفرزه هذا التفكك من ضغوط على الارملة منها تردي الأوضاع المعيشية للأسرة.
وتوفر الدولة، حسب مهيدات برامج رعاية للأرامل والأطفال الأيتام من مأكل ومشرب وملبس ورعاية صحية وتعليمية، إضافة الى تنمية قدرة الإنسان على التعامل مع المشكلات التي تعاني منها المرأة بعد وفاة زوجها.
كما تقدم الدولة الدعم والرعاية للبرامج الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتوعوية من خلال برنامج المعونات المالية والتشجيع على إقامة المشاريع الاقتصادية، اضافة الى توفير أخصائيين نفسيين واجتماعيين لمساعدة الأرامل على التعامل مع المشكلات التي يواجهنها.
وتشير مهيدات إلى ان تقديم الدعم النفسي والاجتماعي يعتبر العامل الحاسم في كيفية مساعدة الارملة على تجاوز ازمتها، موضحة أنه عند دراسة واقع النساء الارامل لا بد من التركيز على المعنى في الحياة وتعزير الرفاهية العاطفية والتركيز على سمات الشخصية المعززة لجوانب المرونة والتدريب على مهارات حل المشكلات والتفكير العقلاني والتأقلم والتكيف مع الحدث المستجد وبناء علاقات ايجابية مع الاخرين والمرونة في احداث التغير الديناميكي بنجاح مع جميع المستجدات التي تطرأ على حياتها أو تهدد بقائها او تطورها، كما تطلق الجهات المانحة دوراتلمحو الأمية وتعليم الخياطة وتفصيل الملابس وغيرها من الحرف اليدوية بهدف تمكين الأرامل من كسب العيش الكريم.
نائب رئيس جمعية الأطباء النفسيين الاستشاري الدكتور علاء الفروخ، يقول ان الدعم الاجتماعي من أهم العوامل المهمة للصحة النفسية خاصة لدى الأرامل، معتبرا أن أي خلل في العوامل الأخرى مثل السيكولوجية والفسيولوجية والاجتماعية قد يؤدي الى مشكلات نفسية.
وأوضح أن غياب السند وهو هنا الزوج الذي يعتبر رمزا للأمان، يتسبب بفقدان الدعم النفسي والمادي والاجتماعي، كما أن ذلك يؤدي إلى زيادة العبء على الأم لتحملها مسؤولية مضاعفة بعد فقدانه، الأمر الذي تحتاج فيه إلى دعم لتجاوز ضغوط المشاكل والتحديات.
رئيس قسم العلوم الاجتماعية واستاذ علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية المشارك في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور يوسف محمد الشرمان، أشار الى أسباب تزايد معاناة الأرملة منها تعرضها في كثير من الاحيان للعنف اللفظي وربما الجسدي والضغوط الاقتصادية كالحرمان من الميراث، والعنف المعنوي من خلال النظرة المجتمعية التي تلاحقها في كل تحركاتها وسلوكياتها.
ويدعو الشرمان إلى إيصال صوت الأرملة وأبنائها وحشد الدعم اللازم لتحقيق مطالبها العادلة والمتمثلة برفع الظلم المجتمعي عنها وحمايتها وتمكينها من مواجهة الحياة بعزيمة وقوة تحت مظلة الحماية القانونية لحقوقها كاملة وغير مجتزأة للتخفيف من الضغوط النفسية والاجتماعية التي تعيشها كالعزوف عن الزواج والتفرغ لتربية وتعليم الابناء وعدم المشاركة بالمناسبات الاجتماعية تجنبا للنظرة المجتمعية لها، اضافة الى الفقر والعوز والظلم والعنف وحرمانها من معظم حقوقها الشرعية.
وتعرض ئيسة مجموعة الأمهات المعيلات العربيات على منصات التواصل الاجتماعي سالي أبو علي، في صفحتها الخاصة بالمجموعة، ساحة للحوار والتعبير عن الصعوبات والتحديات التي تمر بها الأم المعيلة، وبوابة للتفاعل وتقديم الدعم النفسي والمعنوي والقانوني.
كما تعرض الصفحة لقصص نجاحات وتشحذ الهمم لتحفيز النساء على النهوض بأنفسهنّ وبأسرهن.
يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، خصصت يوما دوليا للأرامل في بداية الأسبوع الأخير من شهر حزيران سنويا، لتسليط الضوء على القضايا التي تؤثر على هذه الفئة من المجتمع واللواتي يصل عددهن في جميع أنحاء العالم الى نحو 254 مليونا.
--(بترا)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات