ولا تضار.. مبادرة لإطفاء تداعيات ما بعد الطلاق على النساء

تم نشره الخميس 30 حزيران / يونيو 2022 03:58 مساءً
ولا تضار.. مبادرة لإطفاء تداعيات ما بعد الطلاق على النساء
تعبيرية حول الطلاق

المدينة نيوز :-  رزان المبيضين- مرت الخمسينية (هضاب) وهو اسم مستعار حسب طلبها بتجربة الطلاق قبل 22 عاما إثر نزاع وشقاق مع طليقها بعد أن عاشت طلاقا صامتا لثلاث سنوات خوفا من نظرة مجتمعية أملت عليها الاستمرار في تحمل حياة زوجية شكلية عوضا عن الانفصال الفعلي.
خرجت هضاب فعلا من دائرة العنف الجسدي الذي كان يمارسه زوجها عليها بعد أن حصلت على حكم الطلاق لتقع في براثن العنف الاقتصادي الذي طبقه والدها إثر انتقالها للعيش معه تحت ذريعة وضعه المادي المتردي، وسياسة ممنهجة تهدف لإبقائها تحت سيطرته على اعتبار أن المطلقة قد تجلب العار لأسرتها، حيث لم تكن تجد من مرتبها إلا ما يسد الرمق.
ولأنها تحمل فكرا مستقلا بحسب تعبيرها، آمنت هضاب بقضيتها ورفضت الاستكانة للعنف أيا كانت صورته وتوجهت للعيش في إحدى الدول العربية مع أولادها حيث أمضت هناك 17 عاما قبل عودتها إلى الأردن، حيث كانت تعمل وتنفق عليهم دون ضغوطات اقتصادية أو مجتمعية، واندمجت بعد ذلك مع مجموعة من السيدات اللاتي يشاركنها الحالة الاجتماعية نفسها أملا بإيجاد حلول لمشكلاتهن.
وانطلاقا من معاناتها انخرطت هضاب ضمن مبادرة تحمل اسم "ولا تضار" حيث تولت العمل على الجانب الإنساني ودراسة مصداقية الحالات التي تتواصل معها سعيا لبناء صداقات بين الامهات المعيلات وتمكينهن من تخطي نظرة المجتمع القاسية لهن، إضافة الى تمكينهن اقتصاديا عن طريق إلحاقهن بدورات مختلفة تعود عليهن بالنفع المادي، وتأمين متطوعين حقوقيين يتولون المساعدة القانونية في رفع قضايا النفقة والحضانة اللاتي يحتجنها للبقاء مع أطفالهن.
الصحفية وناشطة حقوق المرأة نادين النمري تشدد في هذه المسألة على أن الاستقلال الاقتصادي للمرأة جزء أساسي لتمكين المرأة بشكل عام كي تتمكن من القيام بأعباء أسرتها.
وتتعدد أشكال العنف الاقتصادي الممارسة ضد المرأة وبشكل خاص المطلقة سواء بالاستحواذ على دخلها أو بمنعها من اتخاذ القرار بأوجه صرفه أو حتى بمنعها من الانخراط في سوق العمل، وكل ذلك سيجعلها أكثر ضعفا وهشاشة سيما وأنها قد تجبر على اقتراض مبالغ لتحقيق مصالح شخص آخر، ما يورطها في مسألة السداد.
وتضيف النمري، تواجه الامهات المعيلات في حال وفاة الزوج أو الطلاق خصوصا اللاتي حرمن خلال حياتهن الزوجية من الانضمام لسوق العمل، مأزقا حرجا خصوصا إذا لم يلتزم الزوج بدفع مستحقاتها المالية حال الانفصال ما ينعكس سلبا على أطفالها، متسائلة "هل حكم النفقة التي يتلقاها الأطفال يكفي لسد احتياجاتهم؟" و "هل ستحرم الأم المعيلة من إنفاق دخلها بالطريقة التي تراها مناسبة لتسيير أمور أبنائها؟".
رئيس قسم علم النفس في الجامعة الأردنية الدكتور فراس الحبيس، يشير إلى أن الطلاق الصامت الذي قد تمر به الأم قبل الانفصال يسلبها الشعور بالأمان ويزيد قلقها من المستقبل حيث ينعدم الاستقرار العاطفي، ويرافق ذلك فقدان الأمان النفسي لدى الأم وطفلها على حد سواء، حيث تتذبذب وتيرة إقامة العلاقات لدى الطفل مع أقرانه حتى عندما يشب ويخطط للزواج، ما يخلق اضطرابا بالهوية والانتماء لديه.
وتهدف مبادرة "ولا تضار" وفقا لصاحبتها أفين الكردي الى تمكين الأمهات المعيلات وأطفالهن في المجالات كافة، إضافة الى رفع الوعي المجتمعي حول أهمية الحضانة المشتركة بعد الطلاق، وتغيير الصورة النمطية عن "المطلقات" و "أطفال الطلاق" لحمايتهم من التنمر الذي يتعرضون له، مؤكدة أن تجنيب الأمهات والأطفال تبعات الانفصال يبدأ بتوعية الشباب المقبلين على الزواج بقداسة الروابط الزوجية والأسرية.
وتطرقت الكردي الى مسؤوليات الأم المعيلة خلال حديثها مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، حيث تلعب دور المعيل الفعلي لأطفالها بعد الطلاق من إعالة كون النفقة المنصوص عليها بالقانون "غير منطقية" من وجهة نظرها ولا تغطي فعلياً مصاريف الطفل، إلى جانب مهمة الإعالة النفسية والدراسية والتربوية التي تقع على عاتقها.
وتقول في هذا الصدد "نحن مجموعة متطوعين من أصحاب المعاناة والمتخصصين نحمل رسالة تهتم بإيصال معاناة المطلقات وأطفالهن لصناع القرار للتعديل على جزئية من قانون الأحوال الشخصية الأردني لضمان المصلحة الفضلى لأطفال الطلاق كونهم شباب المستقبل"، موضحة أن ضررا سيلحق بالأمهات وأطفالهن عند خسارتهن للحضانة حال زواجهن من آخر، فالأم بحسب تقديرها أولى بتربية أطفالها.
وتضيف: بعد أن أصبحت أما معيلة، اتجهت لتأطير قضيتي بإطار علمي ممنهج من خلال دراسة ماجستير الإعلام حيث أهديت رسالتي العلمية لابنتي وحملت على عاتقي مهمة دعم الأمهات المعيلات المطلقات حصراً كسعي فردي، إلى أن بدأت بدراسة "التنظيم المجتمعي" وطبقته بإطلاق مبادرتي المسجلة في وزارة الشباب بعنوان "ولا تضار" التي اقتبست اسمها من محكم التنزيل.
في هذا السياق يبين سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة أن الله تعالى شرع الزواج للناس ليحقق لهم معاني الرحمة والسكينة والاستقرار النفسي والعاطفي، وجعل حب الذرية من الأبناء والبنات أمراً غريزياً مركوزاً في النفوس، حيث جاءت تعاليم الإسلام لتؤمن نشأة هؤلاء الأطفال في بيئة صحية سليمة ليكونوا عناصر إيجابية وفاعلة في المجتمع، لذلك وضع الإسلام دستوراّ محكماّ للأسرة، يتضمن بياناّ مفصلاّ عن حقوق الزوجة والزوج، وعلاقة النسل بينهما.
وفرق الخصاونة بين رضيع ينعم بدفء الحياة في كنف أبوين متحابين متعاونين، وآخر يعيش في ظل أبوين متنافرين متخاصمين، يكتسب منهما الشدة والقسوة والغلظة، مشيرا إلى عظمة الإسلام الذي تكلم عن حقوق الأطفال بالتفصيل من يوم الحمل به الى يوم بلوغه.
وأشار الى أنه لا يحل للأب أن ينتزع الولد من أمه إضراراً بها مع رغبتها في إرضاعه وحضانته، ولا يستغل الأب عواطف الأم وحنانها ولهفتها على طفلها ليهددها به أو يضيق عليها النفقة والكسوة أو يسئ عشرتها فيحملها ذلك إضراراها بالولد.
يقول المحامي عاكف المعايطة إن المبادرة تسعى للتعديل على المادة 171/ب من قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 15 لسنة 2019 والتي تنص على أنه "مع مراعاة ما جاء في الفقرة أ من هذه المادة يشترط في مستحق الحضانة إذا كان من النساء أن لا تكون متزوجة بغير محرم من الصغير"، حيث أن مشكلة الأم المطلقة تبدأ في حال رغبت بالزواج وكان زوجها أجنبيا، فهي هنا ستخسر حضانة أطفالها بحكم القانون، بعد دراسة امكانية انتقال الحضانة للجدة والدة الام في حال وجودها حتى بلوغهم سن العاشرة ما يخلق معاناة اجتماعية ونفسية لديهم.
وأشار المعايطة إلى عقود الزواج التي تتم خارج الاردن هربا من نص هذه المادة حيث تضطر السيدة بعدها لتعيش حياتها بسرية تامة إذ أن تبعات هذا القرار مهددة بالكشف من الاطفال نفسهم أو المعارف ما يخلق أزمة جديدة متمثلة بالتنازل عن الأطفال أوهدم مؤسسة الزواج الجديدة، مفضلا أن تربي الام أطفالها حتى لو انتقلت لحياة زوجية جديدة مع مراعاة أن ينعم أطفالها بالأمان والاستقرار الاجتماعي والنفسي، وهذا ما سيتحقق إذا ما عدلت المادة المذكورة آنفا.
ويشير المتخصص في الطب النفسي للأطفال والمراهقين المستشار الدكتور رأفت أبو رمان إلى أن دور الدعم النفسي يبدأ في المرحلة الانتقالية للأم والطفل عندما يتوجهون للعيش بمفردهم أو ضمن نطاق أسرة أخرى، ويتم ذلك عن طريق مقابلة الأطفال والأمهات وتحديد الضرر النفسي الذي يتعرضون له من جراء تجربة الانفصال وتشخيص أي اختلالات في الصحة والسلامة النفسية لهذه الفئات حيث تشكل هذه التجربة صدمة نفسية لهم.
وأكد أبور مان ضرورة وضع برنامج علاجي لمساعدة "أطفال الطلاق" في تخطي هذه الصدمة من خلال تدريب الأم على مهارات تربوية معينة للتعامل مع طفلها ليتمكن من تجاوز هذه التجربة حيث قد ينتابهم شعور بتأنيب الضمير أو الإكتآب أو تسيطر عليهم نظرة سوداوية لمفهوم العائلة مستقبلا.
كما أكد حاجة الأم للدعم والإسناد من خلال إخضاعها لجلسات تأهيل نفسي للتخفيف من العبء الذي باتت تتحمله بعد الإنفصال، أما في حال انتقال الطفل للعيش مع زوج والدته فإنه يحتاج للتهيئة لدخول الأب البديل حياته حيث يجب الاهتمام بمشاعره وأفكاره حول أسرته الجديدة فمن واجب المتخصص توضيح بعض الأمور له، وعلى الأم أيضا تعلم كيفية مواصلة دورها كزوجة وأم في الوقت ذاته.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات