(الضجة) الأردنية

لا تعتبر كلمة "ثورة" (بفتح الثاء) من مفردات اللهجة العامية الدارجة في الأردن, وقبل أيام استدرجت بعض كبار السن للحديث باللهجة العامية عما يجري وراقبت الكلمات التي يستخدمونها, فلاحظت أنهم يستخدمون الفعل ثار ويثور والاسم ثائر (بعد قلب الهزة ياءً), غير أنهم تجنبوا ذكر كلمة "ثورة".
إذا شئنا الدقة, إن الكلمة موجودة في اللهجة العامية الأردنية, لكنها تختلف في اللفظ, حيث يجري ضم حرف الثاء بطريقة خاصة فيصبح لها معنى آخر هو (أنثى الثور), ولذلك يتجنب الناس ذكرها في الحديث عن أفعال البشر.
إن اللهجة العامية الأردنية تنفرد في ذلك مقارنة مع اللهجات العربية الشقيقة بما فيها المجاورة, فالشوام والمصريون يستخدمون الكلمة وإن كانوا يقلبون الثاء سيناً, مع اختلاف بسيط حيث يركز المصريون على حرف الواو بينما يركز الشوام على آخر الكلمة فتلفظ "سَورا", وفي العراق تستخدم الكلمة مع كسر حرف الراء, أما عند الأشقاء الفلسطينيين, فإن تعدد اللهجات الواضح جعل الكلمة تحضر حيناً وتغيب حيناً آخر.
ذكرت في مقال سابق (ليس مطلوباً من أحد أن يتذكره غيري), أن الأردنيين يميلون إلى استخدام بدائل مثل "هبّة" و"هيّة" و"قومة" و"حركة" و"تمرد", لكن الملاحظ أن أياً من هذه البدائل لا يستخدم الآن في وصف ما يجري في البلد, ويميل الناس إلى استخدام كلمات أخرى, كل حسب موقفه, فالأوساط المثقفة تفضل كلمة "حراك", بينما تضطرب الصورة في الأوساط الشعبية, حيث يجري استخدام كلمات كثيرة مثل "ظجة" أو "ظوجة, أو "ظوظة" أو "هيظة" أو "هوجة أو "هيجان" أو "موجة", بل هناك من يكتفي بكلمات محايدة فيتحدث عن "اللي صاير بالبلد".
قد يرى البعض أننا نعاني من أزمة مفاهيم, غير أن ذلك يمكن أن يكون مؤشراً على صنف خاص من الموضوعية والعقلانية الشعبية حيث ينتظر الناس اكتمال الظاهرة كي يشتقوا المفهوم الخاص بها.(العرب اليوم)