قصف كردستان العراق في سوق المزايدة السياسية ببغداد

تم نشره السبت 01st تشرين الأوّل / أكتوبر 2022 01:02 صباحاً
قصف كردستان العراق في سوق المزايدة السياسية ببغداد
وائل عصام

أجج القصف الإيراني على مواقع الأحزاب الكردية المعارضة في كردستان العراق، غضب قطاعات واسعة من العراقيين على استباحة الأراضي العراقية، خاصة أنه أدى لمقتل عدد من المدنيين الأكراد، الذين طالما دفعوا ثمن استهداف أحزابهم الكردية القومية لعقود من الزمان، من عواصم الدول الأربع التي يوجد فيها الأكراد، طهران وبغداد وأنقرة ودمشق.
وجاءت مأساة مقتل ريحانة الكردية الإيرانية وطفلها خلال هذا القصف ليزيد أوجاع الكرد في إيران، بعد وفاة مهسا أميني الإيرانية الكردية، التي أدت وفاتها لاندلاع مظاهرات عارمة في إيران، ريحانه كنعاني – امرأة كُردية تنتمي إلى كردستان إيران، وكانت لاجئة في مخيم كويسنجق للاجئين الكرد الإيرانيين، وكانت حاملاً بطفل، قتلت خلال القصف الإيراني على مقرات الأحزاب الكردية المعارضة، وتم إنقاذ جنينها وسماه والده وانيار، بناء على توصية والدته، لكن الطفل ولد ميتا دماغيا، ثم توفي وانيار رحماني ليكون أصغر ضحايا القصف الإيراني على مدينة كويسنجق في محافظة أربيل.

هذه المأساة وهذا الاعتداء على أراض عراقية، لم توحد القوى السياسية العراقية، بل شاهدنا تباينا في المواقف، حسب علاقة تلك الأحزاب الشيعية بطهران، تماما كما حصل مع القصف التركي، وقتل المدنيين في كردستان العراق، الذي لم تدنه (أو علقت عليه بخجل) قوى وأحزاب سنية، تحتفظ بعلاقات مع أنقرة، وتاريخيا، عادة ما تتخذ القوى السياسية التي تحكم بغداد مواقف مناوئة للقوى الكردية «الانفصالية» في نظرهم، ولعلها من المفارقات أن تتفق حكومة صدام حسين المعادية للقوى الكردية، مع خصومها من أحزاب المعارضة الشيعية في وصف القوى الكردية بـ»الصهيونية» ، و»عميلة الموساد»، وبينما دأب إعلام حزب البعث العراقي على نعت التمرد الكردي بهذه الأوصاف، وسمح لتركيا بالدخول إلى الأراضي العراقية عدة كيلومترات، لمطاردة المسلحين الكرد، نجد اليوم مواقف من القوى الشيعية العراقية تصف القوى الكردية بـ»الصهيونية» أيضا وتبرر الاعتداء الإيراني على كردستان العراق، فهذا أبو الولاء الولائي القيادي البارز في الحشد الشعبي «كتائب سيد الشهداء» يقول: «في كردستان العراق هنالك أكثر من 20 موقعا إسرائيليا استراتيجيا وتكتيكيا، وغرفا للعمليات الأمنية، واستثمارات ومشاريع برؤوس أموال صهيونية، وأكثر من 4000 إسرائيلي، وخط نقل جوي مباشر بين أربيل وتل أبيب»، وإن كان هذا موقفا من زعيم ميليشيا مسلحة، دعونا نرى موقف أحد أعرق الأحزاب السياسية الشيعية التي تحكم العراق منذ 2003، عمار الحكيم، الذي دعا إلى عدم السماح بأن «يكون العراق ممرا أو مقرا للاعتداء على دول الجوار، وندعو دول الجوار إلى عدم انتهاك السيادة العراقية، والتنسيق مع الحكومة الاتحادية في مواجهة أي خطر محتمل على بلدانهم». الأمر الذي دعا الصهاينة لدعوة جاليتهم إلى عدم السفر على أربيل نتيجة التوتر الأمني في فترة ما، ولكم ان تتخيلوا حجم الوجود الإسرائيلي في شمال العراق الذي يشكك به البعض! أما امين عام حركة الجهاد والبناء المجاهد»جواد رحيم الساعدي، فاستنكر قيام وزارة الخارجية بإصدار بيان ضد القصف الإيراني على أربيل، ووصف المعارضة الكردية بـ»الإرهابية» وجاء في بيانه أنه رفض «إدانة ضرب مجاميع إرهابية تعبث بأمن دول الجوار، بخرق واضح للدستور العراقي، الذي يمنع استخدام الأراضي العراقية مقرا وممرا لإثارة الأزمات والفتن، كما تناست الاحتلال التركي لشمال البلاد والقصف اليومي للجيش التركي».
هذه كانت عينة من مواقف القوى الشيعية الحزبية، تتراوح بين الاصطفاف الكامل مع طهران، والادانة «الخجولة» مع رفض وجود القوى الكردية المعارضة لطهران في العراق، بينما كانت عائلة الحكيم المعارضة لحكم صدام لسنوات في ضيافة طهران! لكن البيان الأكثر إثارة للجدل هو ذلك الصادر عن قيادة قطر العراق لحزب البعث، الذي طالما وصف القوى الكردية بالعميلة لـ»الصهيونية» و «وكر الموساد» وسمح لجيش تركيا بالدخول إلى الأراضي العراقية لملاحقة المسلحين الأكراد، ولكن البيان الأخير للحزب ينسجم مع الموقف المختلف الجديد لعموم البعثيين من مهاجمة كردستان، وهو موقف ينطلق بالدرجة الأولى من إعادة الاصطفافات في المعادلة العراقية بعد 2003، ومن باب النكاية بطهران وبالأحزاب الشيعية الحاكمة في بغداد، فإن قصف الأحزاب الكردية في كردستان العراق أصبح في نظر حزب البعث القومي العربي عملا إجراميا يمس بسيادة العراق وينتقص من حكومة بغداد، بعد أن كان مسموحا للجيش التركي بذلك في حكومة بغداد في التسعينيات، بل ممارسة شبه موسمية تنفذها حكومات بغداد، ليس فقط في عهد صدام حسين بل لعقود وحكومات سابقة، منذ أن كانت قوات قائد الجيش العراقي بكر صدقي في الثلاثينيات تهاجم قرى «الزمرة البارازانية» برا، وطائرات جيش بريطانيا تقصفها جوا.

القدس العربي



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات