ما بعد الثورة الإيرانية
تقتضي الضروروة توجيه هذه الرسالة إلى كل قراء العربية وكل قارىء للعربية
كثرت الأقاويل مع الأسف عن مرحلة ما بعد الثورة الإيرانية 2022؛ إذ يتساءل البعض عن مصير دولة إيران الآن فيقول الأول سيسقط النظام، ويقول الثاني متناغما مع الأول ليدس السم في العسل نعم سيسقط ولكن البديل غير مؤهل حتى الآن.. بمعنى ما الجدوى من إسقاط ذلك الطاغوت لطالما لا وجود لبديل يحل محل الطاغوت والأفضل بقاء الطاغوت ما دام البديل غائبا؛ أقاويل عبثية بائسة وهي التي لا جدوى من على الإطلاق وليس ذلك فحسب بل وفيها استخافٌ واستهانةٌ بعقول البشر عامة، والمؤسف في الأمر أن بعض مروجي هذه الأقاويل من العرب والغرب، ولنأتي هنا على تصنيف مروجي هذه الأقاويل التي ليست بجديدة فكم رددها النظام وحلفاؤه وتم دحرها على الملأ صحفيا وسمعيا وبصريا مرارا وتكرارا؛ والمروجون لها هم أربعة أطراف؛ الطرف الأول عدو الثورة وهو نظام الملالي المستهدف برمته في هذه الثورة الوطنية الموحدة في موقفها ومطالبها وشعاراتها، والتي لا تطالب لا بخبز ولا بوظيفة ولا بإصلاح وإنما تطالب بإسقاط النظام وبالتالي من الطبيعة جدا أن يبذل الملالي كل ما أمكنهم من جهود وأفكار ومؤامرات وحيل لإنقاذ أنفسهم والبقاء ككابوس جاثم على صدر جميع الإيرانيين وشعوب منطقة الشرق الأوسط، والطرف الثاني هو الطابور الخامس لنظام الملالي وما أكثر أفراده وهذا الآخر بديهيا أن يغرد بما يتلقن كالببغاوات حسب التكليف، والطرف الثالث حلفاء هذا النظام ومن وراءه والمنتفعين منه، والطرف الرابع وهذا هو المؤسف المخجل في الأمر وهم الدهماء التي لا تعي ما تقول ولا تعلم مشرقها من مغربها فالعقل لدى تلك الفئة أجوف ومخزونه كتلة من فراغ، وبالتالي لم يبلغها شيئا من الوعي بعد، وكذلك لا حسيب ولا رقيب عليها يضبط إيقاعها وخير رقيب هو العقل والضمير.
من لا يعرف تاريخ إيران السياسي على الأقل طيلة هذه الفترة التي تسلط فيها الملالي على إيران والمنطقة فلينظر إلى الثورة الوطنية الإيرانية الجارية وليقارنها بما سبقها من انتفاضات ويتمعن في شعاراتها، وليسأل نفسه من الذي وحد مختلف مكونات المجتمع الإيراني في كافة مناطق الدولة المترامية الأطراف وجعلها على قلب واحد وكلمة واحدة وشعارات موحدة، وكثيرة هي الأسئلة الواقعية التي يمكن أن يسألها الأعداء والمغرضون والمنتفعون والدهماء المشكوون ومن هذه الأسئلة من هم الثوار الذين يتحدون نظام الملالي القمعي على أرض الشارع منذ ثمانية وأربعين يوما على التوالي .. وهل تستطيع هكذا ثورة في ظل هكذا نظام قمعي الصمود 48 يوما دون قيادة.
المعارضة السياسية الإيرانية كيان كبير ومتنوع الهوية والتوجه، وله تاريخه ولا يمكن لأحد أن يستخف به أو يقلل من شأنه وفي مقدمتها المقاومة الإيرانية المظلة الأكبر والأوسع تمثيلا وتنظيما واقتدارا في مسيرة مقارعة نظام الملالي ويشهد على ذلك العالم كله، وتشهد على وجودهم مقاصل الإعدامات وجدران السجون والمجازر والمقابر الجماعية، كما يشهد على وجودهم وحجمهم وتأثيرهم وقدرتهم النظام نفسه وأكبر شاهد على وجودهم رئيس الجمهورية الحالي حيث تنتظره عاقبة دماء 30 ألف سجينا سياسيا من سجناء الرأي كان له الدور الرئيسي في إبادتهم بمجزرة جماعية صيف 1988، ويشهد عليهم أرشيف الشبكة العنكبوتية الذي وثق وثبت لهم فعاليات لا تقوى عليها دول، ولا يقوى عليها نظام الملالي نفسه، ولو كان الأمر كذلك أنه لا بديل للنظام فما الذي يخيف النظام وما معنى صراخه ونحيبه في مختلف المناسبات ومختلف التصريحات.
جميع القوى السياسية الإيرانية موجودة على الأرض ومؤثرة وفاعلة وكل لها دوره ومسيرته وشهدائه، والبديل الديمقراطي المتمثل بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بقيادة السيدة مريم رجوي موجود وحاضر ومستعد قيما وفكرا وقانونا ورؤية شهد عليها المجتمع الدولي الذي جزءا منه يساند ملالي الظلام، بديل له أكثر من 120 ألف شهيد وذويهم، ومئات الآلاف من السجناء السياسيين وملايين الأنصار، وذوي الشهداء والسجناء على ثوارا على أرض الشارع مع وحدات المقاومة.
ختام الرسالة لا يمكن مقارنة الوضع السياسي وما يتعلق به في إيران بحالة الوضع في العراق أو في ليبيا أو في تونس، وستنتصر الثورة الإيرانية وسيقوم البديل الوطني الديمقراطي ملبيا للطموحات والآمال داخل إيران وفي الجوار، ومن أراد الخير للشعب الإيراني وشعوب المنطقة فليدعم الثورة الإيرانية ومن لا يستطع فليصمت وليصن وقاره، وإن غدا لناظره قريب.
د.محمد الموسوي/ كاتب