جائزة الشيخ زايد للآداب تمنح لرواية المصري جمال الغيطاني \"رن\"

المدينة نيوز- حسين دعسة
\".. لأمر جرى وتمكن مني تغير حالي وتبدل أمري، لن أفصل ولن أخوض فلم أتأهب بعد لإيراد الأسباب، لكنني ألمح وأشير إلى زلزلة ما عندي وتبدّل ما التزمت به، لم يعد أمامي إلا الشروع في هجاج والخروج من سائر ما يتعلق بي أو أتصل به، أطلعت أهلي ومن خرجا عبر صلبي وترائبي، ودعوني بالتمني، ألا تطول الغيبة، وأن تُكتب لي السلامة في كل خطوة أو موضوع أحل به\".
هذه الأجواء التي فصلها الروائي المصري جمال الغيطاني في روايته الأخيرة \"رن\" ، جعلتها تحوز جائزة الشيخ زايد - فرع الآداب للدورة الثالثة 2009 التي أعلنت في الأمارات العربية الأحد.
رواية \"رن\" للغيطاني هي الجزء السادس من ملحمته الروائية الطويلة التي عنونها بـ\"دفاتر التدوين\"، وفيها يرصد أحوال مصر عبر تجليات السرد القصصي المستند إلى وعي ثقافي وفني وحضاري.
وبحسب بيان للأمانة العامة لجائزة الشيخ زايد للكتاب، قال الأمين العام راشد العريمي ان لجنة تحكيم الجائزة منحتها للروائي المصري: \"لأن النص في الرواية الفائزة يقدم كفاءة سردية متميزة، فالصياغة في دفتر \"رن\" متدفقة متوخية الدقة مستعملة تركيبات تلائم الأبعاد الروحية المهيمنة على النص وتحاول الارتقاء بالمحسوس والمعيشي إلى صعيد روحي يتخلص من ألظرفي والعابر ليقبض على ما هو متخط للزمني والتاريخي\".
وتحكي الرواية رحلة الكاتب عبر الذاكرة إلى مصر القديمة عبر سبره في أساطيرها وتراثها المنسي، والرحلة الروحية تتوازى مع رحلة واقعية يقوم بها الكاتب منطلقا من هضبة الهرم باتجاه جنوب مصر، لا يحمل معه إلا تهويماته التي يحملها عن أماكن بعينها لم يزرها وأشخاصا لم يلتق بهم، لكنه يحاول إعادتهم من خلال الاسم ومن هنا جاء العنوان من الكلمة الشعبية \"شنة ورنة\"، حيث \"الشنة هي الاسم والرنة ماهيته أو كينونته\".
ولفت بيان الجائزة إلى الجهود الروائية والأدبية للغيطاني خصوصا: في إحياء الكثير من النصوص العربية المنسية وإعادة اكتشاف الأدب العربي القديم بنظرة معاصرة جادة .
كتب جمال الغيطاني عشرات القصص القصيرة والروايات منها: \" محكمة الأيام\" و\"حكايات موظف كبير جدا\" كما صدر اول كتاب له عام 1969 بعنوان \"أوراق شاب عاش منذ ألف عام\" تتضمن خمس قصص قصيرة بالاضافة الى ترجمة العديد من مؤلفاته الى الألمانية والفرنسية.
وحصل الغيطاني على عدة جوائز وأوسمة عربية وعالمية منها جائزة سلطان العويس عام 1997، ووسام الاستحقاق الفرنسي من رتبة فارس، عام 1987، وجائزة لورباتليون لأفضل عمل أدبي مترجم إلى الفرنسية عن روايته \"التجليات\" عام 2005 بالإضافة الى جائزة الدولة التقديرية للأدب (مصر) عام 2007 التي رشحته لها جامعة سوهاج.
وتأسست جائزة الشيخ زايد عام 2006 وهي جائزة مستقلة ومحايدة تبلغ القيمة الإجمالية لها سبعة ملايين درهم إماراتي وتنقسم إلى تسعة فروع تشمل التنمية وبناء الدولة وأدب الطفل وجائزة المؤلف الشاب والترجمة والآداب والفنون وأفضل تقنية في المجال الثقافي والنشر والتوزيع وجائزة شخصية العام الثقافية.
وسيتم الإعلان عن الفائزين في الفروع السبعة الأخرى خلال الأسابيع القادمة. إما توزيع الجوائز فسيقام في حفل ضخم بتاريخ 18 آذار 2009 خلال معرض ابو ظبي الدولي للكتاب.

سيرة ابداع مختلف
ولد الغيطاني فى التاسع من أيار عام 1945 فى سوهاج جنوب مصر، وهو يذكر في سيرته وشهادته الإبداعية انه ولد في نفس اليوم الذي كفت فيه الجيوش المتحاربة في الحرب العالمية الثانية عن حصد المزيد من الأرواح.
وكما يحبذ، ها هو قد وصل إلى محطة الستين عاما وفي يده أحدث جائزة عربية والدفتر السادس من \"دفاتر التدوين\" التي يحاكي فيها برديات المصري القديم، وتراه يتذكر الأيام العصيبة التي عمل فيها في مجالات الخزف والرسوم التقليدية ونسخ المدونات الصحفية وغيرها من الاعمال.
قبل \"رن\"، اشتغلت الأوساط الثقافية بدفتره الخامس الذي صدر العام الماضي بعنوان \"نثار المحو\" ويبدو فيه الغيطاني وكأنه يحل نفسه من كل قيد أو هاجس تجاه النوع الأدبي.
قام بكتابة أول قصة قصيرة له فى عام 1959 وهو فى الرابعة عشرة من عمره ، وهو ما جعله يعبر بشكل مختلف عن وقائع حيلة أسرته الفقيرة، عمل الغيطاني الطفل كصانع سجاد ثم عمل بإحدى مصانع خان الخليلي وبعد الدراسة انتقل إلى العمل صحفيا فى دار أخبار اليوم عام 1969 واليوم هو رئيس تحرير جريدة أخبار الأدب الأسبوعية.
كان الغيطاني أحد مؤسسي جماعة معرض 68 وهي الجريدة الأدبية التي سرعان ما أصبحت اللسان الناطق باسم جيله من الكتاب. تعتبر أعمال هذا الكاتب بحثا فى أماكن الإنسان في الكون والمدى الزمني ويكمن إبداعه فى كتاباته باللغة العربية التي ترجع الى العصور الوسطى وخاصة العمل الأدبي ابن إياس وهو المؤرخ المصري الذي عكس الغيطاني صورته في عمله الملحمي التاريخي \"الزيني بركات\".



روايته \"التجليات\" أكبر عمل أدبي عربي معاصر يترجم إلى الفرنسية، والأكبر بعد \"ألف ليلة\" الذي يترجم من العربية إلى تلك اللغة.

وقد صدرت ترجمة رواية التجليات الي الفرنسية بأجزائها الثلاثة في مجلد من ألف صفحة في العام 2005 ونفدت طبعتها الأولى في اقل من ثلاثة اشهر، وكان هذا حدثا في سوق النشر، إذ جاءت الطبعة الثانية بعد ثلاثة أشهر فقط من صدور الطبعة الأولى.
= الصورة..جمال الغيطاني.. لأمر جري وتمكّن منّي تغيّر حالي وتبدل أمري.