«الدعس السريع»: بماذا تحتفل يا زول؟ وفي إصلاحات الأردن «أين الأوراق البيضاء؟»
مشهد سيريالي وسينمائي بامتياز على شاشة «الجزيرة»: بث لأحداث وطوال يومين لتلك الانتصارات الوهمية، التي يهزم فيها السوداني بلاده ومنها، فيما يحتفل سوداني آخر بإحراق وطنه بهمجية، لا يقلل من شأنها بسطار الجنرال الزول!
لا أعرف وطنا يحتفي أولاده بكل هذا الانقسام والصراع، إلا في أغنية «من الشام لبغدان»!
تابعنا الجزيرة وبقي السؤال مؤلما وملحا: كيف يبتهج مواطن سوداني وهو يقف على ركام مقر عسكري تحول الى مكب نفايات؟
ثلة من جماعة «الدعس السريع» تلثمت ووقفت بين القطع الحربية المدمرة، التي تملكها الدولة، وهي تصيح بانتصار الشيطان على الإنسان، وأحدهم أطلق الرصاص في الهواء احتفالا بالنصر على بقايا الركام.
من غير المعقول أن تستمر تلك السريالية، وما فهمناه من محطة «سي أن أن» على الأقل بالتتابع هو أن مبادرة متأخرة في الطريق سيطهوها على نار مغرقة بالهدوء من افتعل الأزمة والفتنة. يا لسخرية القدر المحتوم!
العسكري التابع لقوات ما يسمى بـ»الدعم السريع» وقف بطريقة استعراضية، وهو يحمل بندقية ويطلق رصاصاته بين أعمدة الدخان، لأنه تمكن من حرق مقر الدفاع الجوي، التابع لجيش بلاده.
في المقابل جنرال الحرب البرهان يلبس ذلك القميص، الذي يشاهد مثله مع قبعة تصلح لأفلام هوليوود ويتمشق بندقية ما خلف ظهره ويتفقد الجنود مزهوا بالابتسامات، ويتسابق القوم لمصافحة السيد الجنرال الرئيس، فيما الخرطوم تحترق وشعبها جائع، ولا يوجد لا ماء ولا كهرباء ولا مستشفيات!
بماذا تحتفل يا زول؟
أي انتصار يمكن أن يؤسس لحالة غفران لهؤلاء، الذين صنعوا الفتنة الأزمة، وركبوا موجتها، ووجدوا من يصفق لها أو يصفر، لا فرق، كما وجدوا من يطلق الرصاص في الهواء، ابتهاجا بقتل السوداني للسوداني والعكس صحيح؟
أين الورق الأبيض؟
على شاشة التلفزيون الرسمي الأردني، كان لا بد لمثلي أن يشعر بقدر من الحسرة والوجع لأن شابا أنيقا لطيفا متحمسا يخطب على الشاشة، ويتحدث عن محطة سيركبها باعتباره ممثلا للجيل الشاب، وآماله في المستقبل على هامش ما يسمى بمسيرة تحديث المنظومة السياسية في البلاد.
كلمات حماسية بالتأطير الحزبي بين الشاب والمذيع، لا يبدد ألقها إلا اجتهادات بعض «شطار الكار» من «إللي فوق»، الذين يبتسمون ضدنا ويعلمون أن ما يفعلونه يعيق مسيرة التحديث.
غير المعقول أن نستمر في الأردن في هذه اللعبة السمجة. هندسة الإصلاح شيء والإصلاح شيء آخر.
وللتذكير فقط: طرحنا سابقا وخلال اجتماعات اللجنة الملكية الموسعة سؤالا بعنوان: ما الذي يمكن أن يفعله عضو تجاه قضية أساسية مطروحة، دون أن يكون عضوا في اللجنة المختصة فابتكرت تقنية الأوراق البيضاء، بمعنى أن كل عضو يستطيع ذكر رأيه وتشخيص المشكلة، التي يراها مناسبة بكل المحاور، التي طرحت ثم يودع ما سمي بورقة بيضاء في سكرتاريا الاجتماعات.
أين تلك الأوراق البيضاء يا قوم؟
هل وضعت في المتحف، مثل غيرها؟ ألم يخطر في بال أي مسؤول أن الحيرة والغموض وحالة الالتباس الوطني الحالية يمكن تبديدها بعبارة هنا أو معلومة هناك أو تشخيص ورد في سطر منفي على ورقة بيضاء يفترض أن الجميع قرأها.
شخصيا، أقبل المجازفة وتقديري أن تلك الأوراق البيضاء لم يقرأها أحد، وأودعت في»درج ما»، ويوما ما مستقبلا سنبحث عنها ولن نجدها حتى في الأرشيف.
يمكنهم – إذا وجدوها – طباعتها لنا حتى نتحسر نحن المواطنين على نصوصها وأفكارها، أو نرددها كالأنشودة في المدارس.
«مدري شو أقول»
«مدري شو أقول»… تلك عبارة التقطتها مجددا من مسلسل كويتي تبثه «أم بي سي» حاليا وتعلق فيه البطلة على «نبأ موكد» يفيد أن زوجها المتوفى كان قد تزوج أخرى سرا، ولديه منها فتاة أصبحت شابة، وبصدد الزواج من صديق ابنها، فيما «الجارة» تلطم وتولول.
جميلة تلك الدرامات، التي أتصور أن وظيفتها الأساسية والمنتجة هي استدرار التأوهات والدموع، وتقديم أمثلة يومية على «خيانة ما» بأثر رجعي، يتوه فيها الأولاد، خلافا لتسلية ربات البيوت والمراهقات الباحثات عن أي تبديد للضجر، حتى ولو بدراما خليجية تسلط الضوء على «فليبيني هايبرد»، مخلط يصبح نجما لقصة ما ويصيح على الأرصفة «أنا دنيا من التعب»، أو مصري يكرر نفس العبارة «يا أفندم الحكاية مش كده».
على كل حال شاهدت شاشة التلفزيون الفلسطيني، وهي تعلن على طريقة «تلثون» أن الهواء مفتوح للساعة العاشرة ليلا لتغطية وقائع «مسيرة الأعلام» اليمينية الاستيطانية العدوانية في القدس.
فجأة ودون سابق إنذار، ظهر المذيع لينهي التغطية في تمام الساعة السابعة مساء ويودع المشاهدين.
لا أحد إطلاقا سأل المذيع أو إدارة التلفزيون عن ال»3» ساعات الموعودة كيف ذابت فجأة على طريقة «أبو عنتر». لذلك حقا وفعلا «مدري شو أقول»، وحصرا على درب الدراما الكويتية.
القدس العربي