خصائص الربيع العربي

ربيع العرب لم يفاجـئ العالم فقط بل فاجـأ العرب أنفسـهم أيضاً ، فلم يكن أحد من قبل يدرك أن كل هذا المخزون الثوري متوفر في الشارع العربي وقابل للانفجار بهذا الشكل.
هذا الربيع أصبح ظاهـرة تحظى بالتحليل الاستراتيجي ، وتلقـى العناية الإعلامية ، وتغير مفاهيم اجتماعية كانت راسخة ، فله خصائص متميزة وقف عندها كثيرون.
يقـول الثائر الأكبر لينيـن أن نجاح الثورة له شـروط هي: حزب منظم ، وقيادة واضحة ، وإيديولوجية صريحة ، وبرنامج عمل. ولا شك أن لينين يتقلب الآن في قبـره وهو يحاط علماً بنجاح ثورات عربيـة دون أن يتوفر لها شرط واحد من الشروط التي حددها.
هذه الخصيصة تجعل الباب مفتوحـاً للثورة المضادة ، فيوم سقوط زين العابدين بن علي وحسني مبارك يمثل نقطة نجاح الثورة ، وفي اليوم التالي بدأت الثورة المضادة.
الأحزاب والحركات السياسية والدينية التي لم يكن لها دور في قيام الثورة أرادت أن تأخذها لحسابها طالما أنها لم تطـرح بديلاً بل خلقـت فراغاً.
والأنظمة السابقة للثورة حاولت أن تجعلها ثورة على حاكم وبطانته ، وليس على النظام الذي يجب أن يسـتعيد مكانته بقيادة أخرى.
والمصالح الاقتصادية التي تضررت من الثورة تريد اسـترداد النظام والاستقرار بأسـرع ما يمكن ، وخياركم في الجاهلية خياركم في الإسـلام.
الثورة المضادة في ليبيا بدأت قبل القضاء النهائي على نظام القذافي ، فالقاعدة أن الثورة تأكل أبناءهـا ، وأن تصفية الرفاق تبدأ بمجرد تصفية النظام السابق.
ومن خصائص الربيع العربي أن النجاح أو الفشل يتوقف على الجيش ، فالجيش هو الذي أسـقط الرئيسين التونسي والمصري ، وهو الذي مكـّن الرئيسين اليمني والسوري من الصمود ، أما في ليبيا فقد انقسـم الجيش ، فجاء حلف الناتو ليرجح كفـة الثورة.
مواقف الدول الكبرى من الربيع العربي تتقرر على ضوء مصالحها التي تأتي في المقام الأول ، وقد اختارت أن تقف إلى جانب الثورة دون أن تخفي قلقها مما سيأتي بعدها ، وفي معظـم الحالات كانت لا تعبر عن رأي إلا بعد أن تلاحظ رجحان الكفة. أما عن ازدواج المعايير عربياً ودولياً في التعامل مع الثورات والحراك الشعبي فحدث ولا حرج. (الرأي)