لكل شيء زمان !!
وكانت حكمة القدر بان يكون بلدنا العزيز تحت المجهر دائما ، لان موقعه الجغرافي متوسط بين معظم الدول العربية الشقيقة. لذلك نجد ان اثار الحزن او الفرح .. الرخاء او الركود .. تنتقل الينا بسرعة فنتفاعل معها ونتأثر بها مباشرة .
لا احب ان اشغل القارئ الكريم بسرد تفاصيل الاحداث التي مرت لان معظم الاجيال الحاضرة قد عاشتها من قريب او من بعيد ولكن لا ضير من الاشارة اليها :-
لقد بدأ الرسم البياني للتطور يتصاعد تدريجيا بعد وصول الملك المؤسس واستقراره في الاردن منذ سنة 1920 .
ثم اختلت الموازين عندما هبت العواصف بعد ظهور \"الفيروس\" في فلسطين، وبدأ الرسم البياني يسيرمتعرجا .. فعندما صعد بقفزات سريعة رفع معه كل المؤشرات الاقتصادية فانفتحت جميع النوافذ والابواب .. واندفع الاستيراد من كل العالم كالطوفان وتحطمت قيود التقاليد فانتشرت عادات البذخ والانفاق غير المبرر وساد التملق والنفاق الاجتماعي.
وعندما تعبت المرافق الاقتصادية من الركض سار الرسم البياني افقيا ، فهدأت كل العجلات وصارت حركتها بطيئة توافقا مع الركود التجاري والاقتصادي .
وفي اوقات الازمات تسمّرت كل العجلات في مواقعها وانزلق الرسم البياني الى الاسفل وارتفع طرديا مستوى الصراخ طبعا صراخ الفئات التي اعتادت تحقيق الارباح الخيالية ، ولان الذين يملكون الاموال تنفتح لهم دائما كل الابواب، فقد كان التجاوب سريعا من اصحاب النخوة من النواب والمسؤولين لتغيير الانظمة والقوانين لما يفيد تلك الفئات ، اما الفئات الاخرى التي كان يحق لها الصراخ كالموظفين ومن في حكمهم فيحصلون في مثل هذه الحالات على الفتات .
وعلى الرغم من ان معظم ابناء الاردن ذوي خبرات علمية وعملية الا ان الاخطار والخطايا كانت وما زالت تتكرر.
ونحن نعلم انه ليس من انسان يعمل ولا يخطئ وليس عيبا الوقوع في الخطأ ولكن العيب ان لا يتعلم الانسان من أخطائه.
وفي ظل الازمة الاقتصادية العالمية حاليا التي ربما ستصل الينا رياحها فاننا نخشى ان ترتفع وتيرة الصراخ كالعادة من الفئات نفسها التي اعتادت على انتهاز الفرص ، واذا تم التجاوب مع الصراخ كما جرت العادة فان الفجوة بين طبقات الشعب ستتوسع وستزداد المشكلات التي بدأت تظهر باساليب غريبة على مجتمعنا ونختصر النصائح بقول الشاعر: -
ما كل ما فوق البسيطة كافيا ... واذا قنعت فكل شيء كاف