هل انتهت إسرائيل؟

هذا عنوان جاء في مجلـة أميركية واسعة الانتشار، وتمثل التيار العام، وهي نيوزويك (19/9/2011). وتقول الديباجة لم تعـد إسرائيل دولة ليبرالية وديمقراطية ومجتمع وطني كما كانت في وقت من الأوقات، ذلك أن إسرائيل الآن في حالة حرب ليس مع العرب فقط بل مع نفسـها أيضاً.
المقال نسف إسرائيل سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، فهي دولة يديرها حكام فاسـدون وشرهون، يمارسون الفصل العنصري، ويفشـلون في إنهاء وضع إسرائيل كدولـة احتلال، هذا فضلاً عن انتشار البطالة، وهجرة العقول، وارتفاع الأسعار، وسوء توزيع الثـروة، وسيطرة المتدينين والمستوطنين، وهم عالة على الموارد العامة دون أن يقدموا شـيئاً.
كل هـذا وأكثر منه معروف لنا، ولكنه ليس معروفاً للمجتمع الأميركي، الذي يعتقـد أن إسرائيل ما زالت واحـة الديمقراطية والحريـة في الشرق الأوسط.
أما غير المعروف فهو أن مجلـة أميركية رصينة مثل نيوزويك تستطيع أن تنشر بحثاً كهذا، فأين عنها اللوبي الصهيوني في أميركا ليتهمها باللاسامية ويلزمها بالاعتذار، ويقطع عنها الإعلانات.
انكشف سـر هذه الجرأة الصحفية بحاشـية توضيحية في نهايـة المقال تقول إن الكاتب، واسمه بني موريس، مؤرخ إسرائيلي، فالطريقة الوحيدة المتاحة لوسيلة إعلام أميركية أن تنتقـد إسرائيل بشكل موجـع هي أن يكون ذلك بقلم يهودي وخاصة إذا كان إسرائيلياً.
كان اليهود من ضحايا النازية، ولكنهم تحولوا لبناء نازية جديدة، تضرب بالقانون الدولي عرض الحائط، وتعتقـد أن حدودها تمتـد إلى حيـث تصل دباباتها، وأن الحق للقوة، وأية قرارات دوليـة تبقى حبراً على ورق إذا لم تكن ملائمة لإسرائيل، فهي تتصرف باعتبارها فـوق القانون، مسـتفيدة من الغطاء الأميركي غير المشروط.
إسرائيل ليسـت مهزومة في معركة عسـكرية بل مهزومة في معركة أخلاقية، مما أسقط هيبتها وسـطوتها لدرجة أن تركيا تتحـداها بعد أن كانت حليفتها الإستراتيجية. وها هو الربيع العربي يفتح الباب على مصراعيه لتغيير جوهري في الموقـف تجاه إسرائيل لم يكن اقتحام السـفارة الإسرائيلية في القاهرة سـوى مؤشر على الاتجاه.
لا غرابة والحالـة هذه أن يدعو أصدقاء إسرائيل للضغط عليها وإنقاذها من نفسها.(الرأي)