اسرائيل تختار الحرب
اختارت اسرائيل أو لعلها وزعت خياراتها على نحو يؤكد انعاطفها نحو اليمين واليمين المتطرف والاحزاب الأكثر تطرفا بما يعنيه ذلك من تهيئة الظرف السياسي الداخلي لمرحلة قادمة قد تكون الأخطر على المنطقة وربما العالم.
وسواء جلس نتنياهو أو ليفني على كرسي الرئاسة فان نتائج الانتخابات الاخيرة تشير الى رغبة الناخب الاسرائيلي في أن تتسلم حكومة ائتلاف يمينية الطابع مقاليد الحكم تقطع الطريق على أي تسوية سياسية ، بما في ذلك حل الدولتين ، وتكمل الحملة العسكرية على حماس وترضخ الفلسطينيين لواقع جديد.
وفي ديمقراطية تشوبها عيوب خطيرة فان نجاح ليبرمان العنصري ليتبوأ حزبه المركز الثالث من حيث عدد النواب يؤكد ان ايدولوجيات فاشية تدعو الى الطرد والترانسفير والقتل وتكريس الفصل الاثني والديني باتت اليوم مشكلا رئيسا في المؤسسة السياسية وشريكا فاعلا في الحكم بفضل الدعم الشعبي.
انها الانتخابات الاخطر في تاريخ اسرائيل الحديث ، وعنوان مرحلة خطيرة تنذر بالاسوأ بالنسبة للفلسطينيين والعرب. واذا كانت حكومة ائتلاف كاديما والعمل ، شريك العرب في السلام ، قد شنت حربين مدمرتين في أقل من ثلاثة اعوام وكانت تحضر لحرب ثالثة على ايران ، فما الذي ستقدم عليه حكومة يرأسها نتنياهو ويكون ليبرمان شريكا فيها؟ وحتى اذا ما نجحت ليفني في تشكيل حكومة جديدة فانها ستدخل معها الليكود وربما ليبرمان او احزاب دينية متعصبة لن تدعم أي حل سلمي ولن توقف المستوطنات أو تفككها ولن تقبل بتسوية حول القدس. لقد رد الاسرائيليون من خلال صناديق الاقتراع على مبادرة العرب للسلام وها هم يدفعون بسياسييهم نحو تشكيل حكومة وحدة ليس لها الا هدف واحد وهو شن الحرب.
ننتظر من ادارة اوباما ومن الاوروبيين الذين ايدوا العدوان على غزة وساووا بين الضحية والجلاد وتلكأوا في الضغط على اسرائيل وراوغوا في مجلس الأمن ، ننتظر منهم ايضاحا حول موقفهم من نزعة اسرائيل الخطيرة نحو اليمين وانتخابها لحزب عنصري فاشي ينادي بطرد العرب وتكريس الاحتلال وقتل الفلسطينيين.
لقد خاضت اوروبا تجربة استرضاء هتلر في ثلاثينات القرن الماضي ودفعت ثمنا باهظا لذلك. ووفرت اميركا لحليفتها كل الذرائع للتملص من استحقاقات التسوية السلمية وتجاهلت ما يحدث على الارض من توسيع للمستوطنات وعزل للقدس وحصار لغزة ومدن الضفة وتقطيع لاوصالها. وها هي نتيجة هذه السياسات الحمقاء تؤتي اكلها.
ان خطر اسرائيل يفوق ما يشاع عن تهديد ايراني أو توسع تركي على حساب العرب. قد تكون الفرصة الاخيرة للعرب كي يتفقوا ويقروا بان اسرائيل ومنذ ولادتها وحتى اليوم هي عنوان الفوضى والحروب والمآسي في المنطقة ، وهم ان لم يتحركوا اليوم فان عاصفة كبرى ستضرب المنطقة.
الدستور