ليتكلم المشير ويعتذر .

تم نشره الأربعاء 12 تشرين الأوّل / أكتوبر 2011 01:34 صباحاً
ليتكلم المشير ويعتذر .
فهمي هويدي
أدعو المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري لأن يخرج عن صمته ويخاطب الرأي العام مباشرة، في أمرين مهمين للغاية هما: إعلان براءة المجلس والجيش من المذبحة التي وقعت يوم الأحد الماضي 9/10 وقتل فيها 24 مواطنا مصريا، والاعتذار لأقباط مصر وشعبها باسم المجلس الأعلى للقوات المسلحة المسؤول عن إدارة البلد عن الجريمة التي وقعت، باعتبار أن ما جرى يمثل نكوصا عن العهد الذي قطعه الجيش على نفسه من البداية بألا يطلق رصاصة على صدر أي مصري كائنا من كان.
لقد استشعرت وخزا حين قرأت على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، قول من قال إن الجيش لم يخلف وعده. لأنه ظل ملتزما بقرار عدم إطلاق الرصاص على المصريين، لكنه لم يعد بأن يمتنع عن دهس الناس بالمدرعات، اعتبرت ذلك هزلا في موضع الجد. وغمزا لا يجوز في قناة الجيش الذي له في أعماق المصريين مكانة رفيعة ينبغي ألا تخدش، حتى إذا كان ذلك على سبيل التندر البريء.
معلوماتي أن أعضاء المجلس العسكري فوجئوا بما حدث، وصدمتهم الأخبار التي حدثت عن أعداد القتلى والمصابين. وقد لا أبالغ إذا قلت إن حالة الارتباك والحيرة أصابتهم، جراء تلك المفاجأة، حتى إنهم قضوا تلك الليلة في اتصالات ومشاورات استهدفت التثبت من المعلومات والشائعات التي راجت بخصوص وقائع الحدث وتفصيلاته. وهي ذاتها الصدمة والمفاجأة التي أربكت المصريين جميعا، الذين لا تزال وقائع الحدث غامضة في أذهانهم، وإن ظلت نتائجه غير قابلة للتصديق.
بوجه أخص فثمة نتائج ثلاث برزت حتى الآن هي: أن المذبحة أدت إلى ترويع الأقباط المصريين، الأمر الذي عمق من الشرخ الحاصل في نسيج الوحدة الوطنية وثبت من فكرة المظلومية التي يروج لها البعض في أوساطهم.
إن الدماء التي سالت لوثت صفحة الجيش ولطخت نقاءها، لأن المذبحة نسبت إلى مدرعات القوات المسلحة، التي هي مصدر اعتزاز كل المصريين، الأمر الذي يفرض على المجلس العسكري أن يسارع إلى غسل يده مما جرى، ليس عن طريق طمس المعلومات والتستر عليها، ولكن من خلال تبيان الحقائق والاعتراف بالأخطاء التي أوصلت الأمر إلى ما وصلت إليه، وعدم التردد في محاسبة المسئولين عن تلك الأخطاء.
إن أداء الإعلام الرسمي ممثلا في التليفزيون على وجه التحديد كان بائسا، من حيث إنه بدا مفتقرا إلى النزاهة والمهنية، حتى أزعم أنه كان محرضا منذ اللحظات الأولى، حين استهل تغطيته للحدث بالإشارة إلى أن الأقباط قتلوا أربعة من رجال القوات المسلحة، وظل تناوله للموضوع موحيا بأن ثمة اشتباكا بين الأقباط والجيش. إلى الحد الذي دفعه إلى استنفار الجماهير (المسلمة في هذه الحالة) لحماية الجيش من الاعتداء الذي يتعرضون له وللأسف فإن الصحف التي صدرت أمس (الثلاثاء 11 /10) شغلت بالتنديد بالحدث وبالتنظير للمشكلة ولم تنشغل بتحرير حقائق ما جرى. وترتب على ذلك أننا تبادلنا الشعور بالحزن والحسرة لكننا لم نفهم شيئا مما حدث.
من ناحية أخرى، فإن الأداء السياسي كان باهتا بدوره، ذلك أن كل ما فهمناه من بيان رئيس الوزراء ومن تعليقات ضيوف البرامج التليفزيونية الحوارية أن مصر مستهدفة وأن ثمة أيادي مجهولة تحاول العبث بها لإسقاط نظامها، وأن مجلس الوزراء شكل لجنة للتحقيق في ملابسات الحادث. والحجة الأولى هشَّة وغير مقنعة، لأن مصر الراهنة لا تخيف أحدا ولا تزعج حتى أعدى أعدائها، ولا أعرف ما هو البلد أو الجهة التي تشغل نفسها باستهدافها وهي في وضعها الراهن. خصوصا أن أبناءها بإضراباتهم والفوضى التي يثيرونها يقومون بأكثر مما يطمح إليه الذين يستهدفونها. أما الحجة الثانية فهي محبطة لأننا اعتدنا على الهروب من المشاكل بتحويلها إلى لجان للتسويف فيها وإماتتها.
لقد درجنا على أن نعلق أخطاءنا على مشجب الأيادي الأجنبية الخبيثة، وهي المقولة التي فقدت معناها لكثرة تكرارها، ورغم أننا لا نشك في وجود تلك الأيادي، إلا أننا حين نسارع إلى اتهامها في كل مرة دون دليل، فإن الناس لن يثقوا في صدق ما ينسب إليها.
إن الوقت دقيق والمشاعر متأججة ومستنفرة، وانتظار التحريات والتحقيقات يستغرق وقتا هو ليس في صالحنا. لذلك فإن مسارعة رئيس المجلس العسكري إلى مخاطبة الرأي العام بما يطمئن الناس على إخوتهم ووطنهم وجيشهم، مثل هذه الخطوات تبدو عاجلة وملحة. بل إنها أكثر من ضرورة في الظرف الراهن ــ لنا كلام آخر حول أسئلة الحدث غدا بإذن الله.(السبيل)


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات