مع الاصلاح وضده..

سألني احدهم في لقاء مع فضائية محلية: كيف تكون مع الاصلاح في الاردن وضده في سورية.. والحقيقة انني كما يمكن ان اكون ضد خطاب اصلاح بعينه في سورية فانا ضد مثل هذا الخطاب في الاردن, ولم يسرني بالتأكيد رؤية بعض المتحمسين الطارئين للاصلاح لا في مسيرة الحسيني ولا في ساحة النخيل ولا على دوار عبدالناصر, فالاصلاح بالنسبة لهؤلاء كما للبعض في سورية غطاء ومدخل لتهديم الدولة برمتها على ايقاع اجندة خارجية هدامة, ولذلك ليس كل ما يلمع ذهبا داخل الشارع العربي هذه الايام, والعملة الرديئة كثيرا ما تطرد العملة الجيدة من التداول, ونعرف ايضا ان السمك الفاسد هو الذي يطفو على وجه الماء, ونذكر كذلك بنصيحة القس بن ساعده لابنه (اذا رأيت حربا يجبن شجاعها ويجرؤ جبانها فتريث وتمعن في الامر جيدا) ويعرف الجميع حكاية ودلالة الحديث الشريف حول الرويبضة, اسوأ الناس الذي يتحدث في الشأن العام.. ومن ذلك الذهب (الفالصو) والسمك الذي تزدحم به الاسواق هذه الايام, وثوار آخر زمن, والسفهاء من الرويبضات:-
1- برتقاليون من شتى الايديولوجيات والمنابت والاصول يتصدرون المظاهرات ويزاودون على الجميع بالاصلاح والتغيير.
2- بعض شباب الفيس بوك من نمط شباب ابريل في مصر وشباب توكل كرمان في اليمن وبعض شباب ساحة النخيل, وشباب رضوان زيادة والغادري في الشام.
3- شعارات ترتج الارض من تحتها, وهي حق يراد منه باطل, فالاصلاح والتغيير قد يكونان مدخلا لحق الشعب في دولة ديمقراطية تعددية وطنية لا مكان فيها للفساد والمتواطئين مع العدو الصهيوني, وقد تكون مدخلا لتهديم الدولة وتفكيكها مقدمة لفوضى شرق اوسطية في خدمة الامريكان ورجال البنك الدولي والصهاينة والرجعيين.. والذي يقرر ذلك في كل مرة القوى التي تقف خلف هذه الشعارات وتاريخها الوطني والاخلاقي ومصالحها المنسجمة مع مصالح الناس..
وبهذا المعنى, فالملكية الدستورية والمواطنة وغيرهما ليست شعارات مطلقة بل شعارات تعرف بدلالة من يرفعها وماذا يريد منها, خدمة الوطن والشعب ام خدمة المحتلين والامريكان وتصفية القضية الفلسطينية لمصلحتهم..
والحق ان الفرز ليس سهلا دائما وفي كل الظروف, وهو ما يراهن عليه المنافقون والمخادعون والرويبضة والبرتقاليون وثوار آخر زمن والسفارات التي ترعاهم ومراكز الدراسات وما يعرف بجماعات التمويل الاجنبي التي تدعمهم..والاسوأ في كل ذلك عباءة اليسار والاسلام المدني التي خرج منها هؤلاء ووفرت لهم الخلفية الفكرية لتضليل الناس والمنابر والصحف والمواقع الالكترونية, ايضا.. واحيانا والى ان يتعلم المضللون ويكتشفون الحقائق تكون الفأس قد وقعت في الراس, دول تسبح في الفوضى وحروب طائفية واقليمية تأكل الاخضر واليابس.. وبعد فهذه دعوة لمزيد من الحراك والاصرار على الاصلاح والتغيير وتحويل الشوارع العربية الى ميادين بطولة ونهوض لكن وفق بوصلة واضحة محددة لا لبس فيها وتقطع الطريق على توظيفها من قبل القوى المشبوهة السابقة, بوصلة تربط معركة الحريات والعدالة الداخلية ومكافحة الفساد والتبعية بالمعركة ضد المعسكر الامريكي - الصهيوني - الرجعي وقوى الاستعمار الدولي العائدة (فرنسا وبريطانيا) وضد القوى الاقليمية الطامعة في بلادنا..(العرب اليوم)