أول إنجازات الثورة الليبية!

اختار رئيس المجلس الانتقالي للثورة الليبية مصطفى عبد الجليل مناسبة الإعلان عن تحـرير كامل التراب الليبي للإعلان عن نوايا الثـورة في الفترة المقبلة، والمكاسب التي سـوف تحققها للشعب الليبي.
السماح بتعـدد الزوجات هو المكسب الأول، ويليه إلغاء البنوك العادية لإقامة بنوك إسلامية لا تتعامل بالفائـدة!.
هـذا الإعلان غير الموفق في مضمونة وتوقيتـه، قوبل بالدهشة داخل ليبيا وخارجها، فهـل ثار الليبيون وقدموا 30 ألف قتيل من أجل أن يسـمح لهم بالجمع بين عدة زوجات؟.
يبـدو أن الضجة وصلت على الفور، مما اضطر عبد الجليـل للتراجع 180 درجة في اليوم التالي ليقول أن الليبيين مسلمون (معتدلون)، وأن الشريعة الإسلامية أحد أهـم مصادر التشريع، ولكن ذلك لا يعني تغيير أو تعديل أي قانون بهذا الاتجـاه. وطالب دول الغـرب (الصديقة) بالاطمئنان.
بإعلانه هذا، وتراجعه في اليوم التالي كان زعيم الثـورة عبد الجليل أبعـد الناس عن الأسلوب الديمقراطي في سـن القوانين. ومع أنه وزير عدل سابق فإنه يظن أنه يستطيع إلغاء قوانين وتعديل قوانين بكلمة ينطـق بها في خطاب ارتجالي أمام الميكرفون، ونسي أن هناك مجلس شعب سوف ينتخب هو الذي يسـتطيع أن يعدل القوانين السابقة أو يلغيهـا أو يصدر قوانين جديـدة.
كذلك نسـي عبد الجليل أن حلف الأطلسي شـريك أساسي في الثـورة، وعامل هام في نجاحها، وأنه مطالب بالتنسـيق المسبق مع قادة الحلف بدلاً من التراجع أمامها بهذه السـرعة، فمن المؤكد أن دول الحلف لم تقم بهذه العملية التي تكلف 500 مليون دولار يومياً لتأمين تعـدد الزوجات.
من المحزن أن يضع أحـد أهـم رموز الثورة الليبية نفسـه في هذا الموضع الذي يجعل القـذافي أكثر تقدمية أو أقل رجعية منه، ومن حسن الحظ أن عبد الجليل لن يرشـح نفسه لأي مركز في العهد الجديـد، وسيترك للشعب الليبي أن يقول كلمته، وأن يحقق المكاسب الحقيقيـة التي ثار من أجلها، ودفع ثمناً باهظاً للحصول عليها.
جميل أن يتم إسـقاط أنظمة الاسـتبداد والطغيان، والأجمـل أن يتم بعد ذلك بناء أنظمـة ديمقراطية تعددية منفتحـة على العدل والكرامة وحقوق الإنسان.(الرأي)