"المواطن العربي" قادم!
تم نشره الثلاثاء 15 تشرين الثّاني / نوفمبر 2011 02:13 صباحاً

محمد أبو رمان
أسوأ ما يمكن أن يصل إليه مثقف يزعم "التقدمية" أو الدفاع عن الديمقراطية أن يخلع قبعته الفكرية، ويمسك "مزماراً" يرقص ويتغنّى بالديكتاتورية والاستبداد وإذلال واستعباد الناس وقمع الحريات وقتل المدنيين والأبرياء وامتهان حقوق الإنسان! بل ويرفع صوته بأنّ "الحياة الكريمة" للمواطنين تعتبر ترفاً أمام استحقاق مهم وتاريخي هو بقاء سيف الحاكم مصلتاً على رقاب العباد، خشيةً من مطامع خارجية أو فتنة داخلية!
هنالك من لا يقيم -في قرارة فكره- وزناً لأي معيار حقوقي وإنساني، ولو حكم هو العباد لفعل أكثر مما يفعله الحكّام المجرمون بالمدنيين والأبرياء!
لكنّ صدمتنا هي ببعض الكتّاب الذين لم نتصوّر في يوم أن ينزلقوا ليقولوا لنا: احذروا من الديمقراطية وخيار الشعب، وعليكم بالحفاظ على نظام الأسد، لأنّه السد المنيع من "التيار الإسلامي" الذي سيجتاح بمظاهره وطقوسه دمشق العلمانية، وستتحول سورية إلى حالة شبيهة بأفغانستان!
يا إلهي! هل هذا جزاء من يطالبون بحرياتهم وحقوقهم وإنسانيتهم السليبة؟ هل خيار السوريين الوحيد إما القبول بنظام بوليسي قمعي ديكتاتوري دموي، يقتل المدنيين كما يبيد "الجراثيم"، ليس له أي سجل محترم في التعامل مع "كرامة" الإنسان، وبين تضخيم "الخطر الإسلامي" وتصويره وكأنّه "الهلاك" الثقافي والاجتماعي والإنساني للمجتمعات؟!
نعم، لم نتوقع أن تكون الجامعة العربية قد استيقظت فجأة لتنقذ الشعب السوري وتدافع عن حقوقه، وتطالب الجيش بعدم قتل المدنيين، ولا نتوقع أن أميركا والغرب حريصان على حقوق الإنسان العربي وقد ارتكبا المجازر والمذابح وجرائم الحرب في هذه البلاد. لكن المسؤول الأول والأخير عما وصل إليه هذا النظام هو نفسه، بعد أن قرّر تسليم رقبته لآلة القتل والذبح والتدمير.<br />هل نحتاج إلى دروس أخرى وجديدة في التاريخ لنتعلم أنّ النظام السوري انتهى فعلياً عندما اختار طريق الإبادة لشعبه بالدبابات والطائرات! وهل يحتاج "أصدقاؤنا" المعارضون، وهم العارفون كيف يدار هذا النظام الأمني الخشبي، ليتأكدوا أنّ نظاما يحكم بطريقة بدائية وعائلية لا يمكن أن ينتصر! وهل ينتظرون معلومات حول السجون والمعتقلات والتعذيب والإهانة والإذلال ليوقنوا أنّ الإنسان المقهور والمسجون لن يدافع عن سجّانه
ألم يأن للمواطن العربي أن يقول للمرة الأولى في تاريخه، بصوت صريح وبلغة عربية فصحى: لن أقبل بالعبودية ولا بالإذلال، من حقي أن أعيش كإنسان، أن أختار حكومتي وأحاسبها، وأعزل الحاكم، وأحاسب الفاسدين، وأحمي ثروات الوطن؟
أليس من حقه، كباقي خلق الله، أن يقول للحاكم: لن أقبل بعد اليوم أن تحكمني بالحديد والنار، وتذلني وتقتلني، وتحظى بالمليارات على حسابي أنت وأبناؤك وأقرباؤك بحجة مواجهة الإمبريالية والصهيونية، أو التخويف من "الشبح الإسلامي"، أو الخوف من الفتنة الداخلية فقد قرّرت خلعك والتحرر من أغلال العبودية؟!دعونا نقاتل من أجل زمن قادم الكلمة فيه للمواطنة وحقوق الإنسان ودولة القانون واحترام الحريات العامة والديمقراطية والتعددية وتداول السلطة، لا يلتفت فيه الإنسان يميناً ويساراً عندما ينتقد الحاكم، ولا يشعر الصحافي بالقلق إذا كشف فساداً أو هاجم مسؤولاً فاسداً، تكون هنالك قيم ومؤسسات وواقع جديد تتكرس فيه الحرية، وبعد ذلك فليحاول أيٌّ كان -إسلامياً أو يسارياً أو ليبرالياً- أن يأتي عبر صندوق الاقتراع ويطبق رؤيته ضمن تلك المنظومة.
الطريق طويلة نحو تكريس حياة جديدة مختلفة للمواطن العربي! هذا صحيح، لكنه الخيار الوحيد للمستقبل؛ نخطئ.. نصيب، لكن هدفنا في النهاية التحرر من الاستبداد والاستعباد والإذلال إلى الأبد، والوصول إلى عصر المواطن العربي.(الغد)
هنالك من لا يقيم -في قرارة فكره- وزناً لأي معيار حقوقي وإنساني، ولو حكم هو العباد لفعل أكثر مما يفعله الحكّام المجرمون بالمدنيين والأبرياء!
لكنّ صدمتنا هي ببعض الكتّاب الذين لم نتصوّر في يوم أن ينزلقوا ليقولوا لنا: احذروا من الديمقراطية وخيار الشعب، وعليكم بالحفاظ على نظام الأسد، لأنّه السد المنيع من "التيار الإسلامي" الذي سيجتاح بمظاهره وطقوسه دمشق العلمانية، وستتحول سورية إلى حالة شبيهة بأفغانستان!
يا إلهي! هل هذا جزاء من يطالبون بحرياتهم وحقوقهم وإنسانيتهم السليبة؟ هل خيار السوريين الوحيد إما القبول بنظام بوليسي قمعي ديكتاتوري دموي، يقتل المدنيين كما يبيد "الجراثيم"، ليس له أي سجل محترم في التعامل مع "كرامة" الإنسان، وبين تضخيم "الخطر الإسلامي" وتصويره وكأنّه "الهلاك" الثقافي والاجتماعي والإنساني للمجتمعات؟!
نعم، لم نتوقع أن تكون الجامعة العربية قد استيقظت فجأة لتنقذ الشعب السوري وتدافع عن حقوقه، وتطالب الجيش بعدم قتل المدنيين، ولا نتوقع أن أميركا والغرب حريصان على حقوق الإنسان العربي وقد ارتكبا المجازر والمذابح وجرائم الحرب في هذه البلاد. لكن المسؤول الأول والأخير عما وصل إليه هذا النظام هو نفسه، بعد أن قرّر تسليم رقبته لآلة القتل والذبح والتدمير.<br />هل نحتاج إلى دروس أخرى وجديدة في التاريخ لنتعلم أنّ النظام السوري انتهى فعلياً عندما اختار طريق الإبادة لشعبه بالدبابات والطائرات! وهل يحتاج "أصدقاؤنا" المعارضون، وهم العارفون كيف يدار هذا النظام الأمني الخشبي، ليتأكدوا أنّ نظاما يحكم بطريقة بدائية وعائلية لا يمكن أن ينتصر! وهل ينتظرون معلومات حول السجون والمعتقلات والتعذيب والإهانة والإذلال ليوقنوا أنّ الإنسان المقهور والمسجون لن يدافع عن سجّانه
ألم يأن للمواطن العربي أن يقول للمرة الأولى في تاريخه، بصوت صريح وبلغة عربية فصحى: لن أقبل بالعبودية ولا بالإذلال، من حقي أن أعيش كإنسان، أن أختار حكومتي وأحاسبها، وأعزل الحاكم، وأحاسب الفاسدين، وأحمي ثروات الوطن؟
أليس من حقه، كباقي خلق الله، أن يقول للحاكم: لن أقبل بعد اليوم أن تحكمني بالحديد والنار، وتذلني وتقتلني، وتحظى بالمليارات على حسابي أنت وأبناؤك وأقرباؤك بحجة مواجهة الإمبريالية والصهيونية، أو التخويف من "الشبح الإسلامي"، أو الخوف من الفتنة الداخلية فقد قرّرت خلعك والتحرر من أغلال العبودية؟!دعونا نقاتل من أجل زمن قادم الكلمة فيه للمواطنة وحقوق الإنسان ودولة القانون واحترام الحريات العامة والديمقراطية والتعددية وتداول السلطة، لا يلتفت فيه الإنسان يميناً ويساراً عندما ينتقد الحاكم، ولا يشعر الصحافي بالقلق إذا كشف فساداً أو هاجم مسؤولاً فاسداً، تكون هنالك قيم ومؤسسات وواقع جديد تتكرس فيه الحرية، وبعد ذلك فليحاول أيٌّ كان -إسلامياً أو يسارياً أو ليبرالياً- أن يأتي عبر صندوق الاقتراع ويطبق رؤيته ضمن تلك المنظومة.
الطريق طويلة نحو تكريس حياة جديدة مختلفة للمواطن العربي! هذا صحيح، لكنه الخيار الوحيد للمستقبل؛ نخطئ.. نصيب، لكن هدفنا في النهاية التحرر من الاستبداد والاستعباد والإذلال إلى الأبد، والوصول إلى عصر المواطن العربي.(الغد)